العرض في الرئيسةفضاء حر

قصف الوزير المنشق

يمنات

صلاح السقلدي

واقعة رشق وزير الإعلام اليمني المنشق عن  الحركة الحوثية في صنعاء التي تعرض لها فور وصوله الرياض حين كان يعقِـدُ مؤتمرا صحفياً بعد يوم من انشقاقه كانت واقعة متعمدة من قبل عناصر موالية للسلطة اليمنية، سُـلطة الرئيس هادي المعترف بها دوليا” الشرعية” الموجودة في الرياض، وذلك خشية مِــن أنّ تنضم عناصر جديدة من طرف سلطة الحوثيين  إلى سلطة الرئيس هادي في الرياض  وتتقاسمها الامتيازات المالية الضخمة التي تغدق بها الرياض بسخاء على تلك السلطة منذ قرابة أربعة أعوام تقريباً.

فمِــن المنطقي جداً وفق مبدأ التنافس السياسي -خصوصا في ظل أوضاع غير طبيعية كالتي تشهدها اليمن اليوم- أن يتم الترحيب بانشقاقات الخصم وتشجيعها على ذلك لإضعافه وتفتيت جبهته ،وليس ترويع من يفكّــر بذلك.. وبالتالي فلا يمكن فهم تلك العملية الغبية ” رشق ذلك الوزير” إلا بأنها كانت متعمدة مع سبق الإصرار، قُــصِــدَ بها بعث رسالة ذات مغزى مالي وحسابات ذات مكاسب مادية محضة، لا علاقة لها بالوطن، ولا غضباً من موقف ذلك الوزير وانحيازه طيلة تلك الفترة الى جانب الحركة الحوثية  في صنعاء كما حاول أن يصور الأمر ذلك الشخص -ومن معه- الذي رشق الوزير”بحذائه” في تلك  القاعة، وهو بالمناسبة واحدا من افراد البعثة الدبلوماسية الموالية للرئيس هادي في السفارة  بالرياض، مفاد تلك الرسالة:  (يمنع أي انضمام الى طاولتنا العامرة ومنازعتنا رواتبنا ومخصاصتنا المالية والمادية، فقطع الأعناق ولا قطع الأرزاق).!

-لا نعتقد أن الحرب باليمن ستطول كثيراً بعد أن تسيطر الإمارات والقوى المؤيدة لها على مدينة الحُديدة وميناءها الحيوي، خصوصاً وأبوظبي قد صرفت نظرها بشكل شبه كُـلي عن التوجه صوب صنعاء, خشية من أن تصير الأمور هناك لمصلحة حزب الإصلاح” إخوان اليمن” الخصم اللدود للإمارات والمقرّب من دولة قطر- التي تخوض معها أبوظبي والرياض سجالا مريرا منذ أكثر من عام ونصف- في وقت لم يستطع التحالف وبالذات في الشمال من تأسيس قوة سياسية وعسكرية موالية له منذ مقتل الرئيس السابق “صالح” العام الماضي يمكن الاعتماد عليها إماراتيا وسعوديا في المستقبل لتكون ذراعهما وحامي مصالحهما باليمن ….

فالتصريحات الإماراتية المتوالية  بشأن وقف الحرب ومصير مدينة الحُـديدة تشير الى سيناريو مقايضة مضمونه: ( سلّم واستلِـم ،الحُـــديدة مقابل  صنعاء، وإيقاف الحرب)، فالدول الغربية التي اطلقت بالأيام الماضية دعوات مكثفة لإيقاف الحرب والدخول فورا بمشاورات في جنيف منتصف هذا الشهر  كالولايات المتحدة ودول أوربية عديدة خففتْ باليومين الأخيرة من دعواتها هذه، بل وضغطت لتأجيل موعد المشاورات التي اطلقها المبعوث الأممي الى اليمن  السيد “مارتن جريفيت” والتي كان من المقرر ان تعقد منتصف الشهر الجاري الى كانون أول القادم لمنح التحالف فرصة أخيرة لحسم المعركة هناك قبل هذا الموعد، خصوصا وأن الكونجرس الأمريكي قد يتخذ قريبا قرار إيقاف مشاركة البنتاجون بهذه الحرب.. فالطلب الذي تقدم به التحالف” السعودية والإمارات” لواشنطن قبل أيام بوقف عملية تزويد الجيش الأمريكي بالوقود بالجو لطائرات التحالف لم يصدر إلا بإيعاز أمريكي تحاشياً لأي سجال  قادم داخل الكونجرس، خصوصا وأن هذا الأخير قد ناقش أكثر من مرة فكرة الانسحاب من هذه الحرب ولكن  اصطدمتْ بصخرة المصالح الامريكية مع المملكة  الثرية ، فيما  الوضع اليوم بعد الانتخابات الأخيرة لم يعد كذلك داخل الكونجرس بعد تذمر كبير من هذه الحرب وفي وقت ما تزال فيه جريمة مقتل  الصحفي خاشقجي تلقي بظلالها الكئيبة على العلاقات الأمريكية السعودية.

-جريمة مقتل الصحفي جمال خاشقجي –على  مأساويتها ودمويتها-هي فرصة للسعودية لإعادة تقييم ومراجعة سياستها الداخلية مع معارضيها ومع دول المنطقة، ومغادر الأسلوب النزق الذي اتبعته دوائر الحكم في الرياض بالسنين القليلة الماضية وأخرج الدبلوماسية السعودية من دائرة الرصانة ومربع الحصافة الى هوة الانزلاق, ومعاداة الجميع.. كما أنها أي جريمة خاشقجي يجب أن تكون فرصة أمام المجتمع الدولي لتسليط الأضواء على وضع الحقوق والحريات المتدهورة بالمملكة وبالذات وضع المعتقلين للوصول الى إطلاق سراحهم واطلاق معهم ثورة الحريات العامة والحقوق السياسية بالتوازي مع ثورة الانفتاح  التي يقودها الأمير محمد بن سلمان والتي تفسح المجال بشكل مضطرد أمام الحقوق الاجتماعية بالمجتمع السعودي.

-لا نعلم لماذا البعض فهـمَ  كلام الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الذي قاله  قبل أيام بشأن عدم  مشاركة مصر بإعادة إعمار سورية بأنه كان موجها للسلطة السورية بدمشق فقط.. ففي تقديرنا أن الرجُــل كان يخاطب بشكل أساسي- ولو على طريقة اللمز- القوى والجماعات التي حاربتْ النظام منذ اندلاع ثورات الربيع العربي وبالذات الجماعات المتطرفة التي استغلت الثورة الشعبية هناك, التي تعاني مصر هي الأخرى من فكر هذه الجماعات التدميري وبالذات في سيناء. فهو أي السيسي أراد بهكذا تصريح أن يشهّــر بتلك الثورات وبالذات بالأسلوب العنيف الذي تم باسم تلك الثورات ومنها الثورة في سورية، وفي مصر ضد نظام الرئيس حسني مبارك الذي كان السيسي أحد أركانه, ويؤكد  بهذا التصريح على أن مثل هكذا أسلوب  تدميري معارض يستخدم فيه  الدين كغطاء لمآرب سياسية وبعناصر معظمها أتت من بقاع الأرض  تحت نزوع تكفيري متوحش لا علاقة له بالثورات الشعبية المشروعة ولا يخلّف  غير دمار الأوطان ,كالذي نشاهده اليوم في سورية، وبالتالي فحديث السيسي كان تشهيرا بالأسلوب التدميري أكثر منه رفضا بالمشاركة بعملية إعمار لم تطلبها سورية  أصلاً من مصر حتى نتحدث عن رفض مصري.

المصدر: رأي اليوم

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

زر الذهاب إلى الأعلى