العرض في الرئيسةفضاء حر

من أرشيف الذاكرة .. سأظل اسجل انتصاراتي في وجوه الموهومين بالنصر

يمنات

أحمد سيف حاشد

– كنت أراقب التصويت على كل قصاصة اقتراع .. و كان كل صوت يخرج من فاه الفارز، يخترق جسدي كرصاصة .. يفجر روحي بقذيفة .. كنت هدف و مرمى لكل الرماة، و كنت الضحية وحدي..

– كانت غصصي تزدحم في حلقي المحشور بالألم الجازع كالموت .. غصص تذبحني بمنشار تشبه نتوءاته أسنان التمساح .. يا لجسدي المتعب و يا لعبث الرصاص .. كم بمقدوري و مقدور روحي المنهكة أن تحتمل!!

– كان المصوتون يتغامزون مع كل صوت يعلنه الفارز .. و كنت الضحية التي تعبث بها رصاصات الرماة .. كان ينظر بعضهم لبعض ثم يرمقوني، و كل يصيب في جسدي، مقتلا، أو مكينا أثخنته الجراح..

– كانت غمزاتهم تفجر شراييني، و تفجر فيني الندم، و كادت عيوني المجهدة تسيح دما، و هي تتمنى أن تتلاشى معي إلى العدم، بدلا من البقاء في هذه الوليمة التي ساحتها دمي، و روحي، و أشلائي المبعثرة في قاع الحجرة التي نحن فيها، و جدرانها المحتفلة بفوز المشايخ و ضباط الأمن على حضرتي المهزوم و الساقط في حلبة الفشل الذريع..

– كنت أسأل نفسي: كم أحتاج من السنين لأتعافي مما أصابني من صادم لم يكن بحسبان..؟!! كيف ألملم أشلائي المبعثرة، و أعيد الحياة لروحي المحطمة..؟! كيف أجبر هذا البلور المهشوم بجبل، و نثار زجاجي المتطاير في الأرجاء..؟! كيف أعيد كل هذا إلى سابق عهده، و إلى ما كان عليه الحال من قبل، و أنا لست بساحر..؟!!

– ما شهدته و ما عشته من لحظات هزيمة لا جبر له و لا جابر .. لا بعده حياة و لا تليه عافية .. و لا يقوى الزمن الطويل على محوه أو طي صفحته .. هكذا كنت أفكر و قد ألقت الهزيمة بسوادها الحالك و الثقيل على شمعتي الذاوية، و أطبق الفشل بفكيه الثقيلتين على أنفاسي المتهتكة، و روحي المُحطّمة..

– عشت يوما ثقيلا و طويلا بعمر سنين .. عشت مرارة الهزيمة بكل تفاصيلها .. عشت كل وقعها و انكساراتها .. عشت الفشل الذريع، و ذرعته طولا و عرضا .. لم أنام ليلتها و كدت أُجلط، و عندما نمت بعد إعياء شديدة، تلاشت نصفها، و في ليلتين تجاوزت كل شيء.

– صحيح إنني لم أحصد إلا صوتي، و هو سقوط مدوي بكل المقاييس، و ينم عن فعل مغامر، و لكن كما قال نيكسون: “من لا يغامر في الفشل لا يحرز النجاح” لقد ذقت مرارة الفشل الذريع، و لكن من لا يجرؤ على الفشل الذريع كما قال جون كنيدي ليس بإمكانه تحقيق ما هو عظيم .. السقوط هنا لا يعني نهاية العالم، و لا يعني سقوط المعاني و القيم الكبيرة، بل يعني سقوط الجواهر على الأرض، و هو سقوط كما تقول الحكمة الهندية لا يفقد الجواهر قيمتها ..

 

– عدت أكثر قوة، و أصلب عودا من أي وقت مضى .. و صدق من قال: “سوف يبقي الفشل مرا إذا لم تبتلعه .. معاودة الكفاح بعد الفشل يشير إلى معدن الرجال” و حق من قال: “أصحاب الارادة القوية لا يطيلون الوقوف في هذه المحطات”. و يبقى كما قال آخر “استخلاص العبر و الدروس من الفشل”.

– خرجت من هزيمتي بمعرفة جديدة، و خبرة أكثر، و صلابة أكبر، و وعد أجد، و نهوضا أكثر شبابا و فتوة، و يقين إن الحياة لن تكن حافلة إن لم تجرب الخيبة و الهزيمة و المعاناة..

– حق ما قاله العظيم، نيلسون مانديلا: “الحياة قد حطمتني عدة مرات، رأيت أموراً لم أكن أريد أن أراها، عشت الحزن، و الفشل، و لكن الشيء المؤكد دائماً أنني كنت أنهض”.

– مغالبة الفشل و الوقوف مرة أخرى ليس فشلا كما قال “ألفرد نوبل” إنما الفشل أن يبقى المرء حيث سقط .. الفشل كما قال آخر ليس محاولة لم تنجح، و لكنه هو عدم المحاولة. أو كما قال تشي جيفارا: الفشل هو أن لا تحاول الوصول إلى الهدف .. و طالما لازلت أحاول فأنا لم أُهزم، و لم ايأس، و سأظل أحاول حتى بلوغ ما أروم .. و كل محاولاتي اسجلها انتصارات كل يوم في وجه الموهومين بالنصر و النصر الزائف..

***

يتبع..

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

زر الذهاب إلى الأعلى