العرض في الرئيسةتحليلات

ماذا حقق التحالف السعودي من أهداف سياسية واقتصادية وانسانية في اليمن؟

يمنات

صلاح السقلدي

قالَ العقيد تركي المالكي المتحدث باسم التحالف العربي” السعودية والإمارات” الذي يخوض حربا باليمن  أن التحالف  لا يخوض في اليمن حرباً عسكرية  فقط بل سياسية، واقتصادية، وإنسانية، وإغاثية، كما أن التحالف  يقوم كذلك بشن  حرب على الإرهاب خاصة ضد تنظيمي القاعدة وداعش.. )،كما تحدث الرجُــل عن أن التحالف يحقق انجازات عظيمة بهذا الشأن…حسناً سنفترض صحة هذًا الكلَام -على صعوبة تصديقه طبعا- ونتساءل :

   -ماذا حققه من أهداف عسكرية بعد قرابة أربعة أعوام حرب مدمرة؟؟ فالجانب العسكري بالنسبة للتحالف يراوح مكانه من الخيبة  والتعثر، الذي يوشك أن يتحول ورطة بحجم الكون في مستنقع يمني عميق زلق ،فحتى المحافظات الجنوبية التي يقول التحالف أنه أسقطها  من يد القوات الحوثي الصالحية عام 2015م، فهي لم تسقط بيد التحالف من أجل التحالف، ولا من أجل مشروع السلطة اليمنية  التابعة له المعترف بها دوليا المعروفة بـــ” الشرعية” بل تم طرد تلك القوات  بإرادة جنوبية محضة على خلفية الرفض الشعبي الجنوبي المتجذر لدى الناس  ولدى النخب الثورية والسياسية الجنوبية منذ حرب 94م ولا علاقة له بعاصفة  سعودية أو بإعصار إماراتي..

فالتحالف ومعه الجماعات الموالية له التابعة لتلك السلطة وحتى الجماعات المتطرفة حين عجزوا عن تحقيق اختراق عسكري حقيقي بالشمال وبالذات إسقاط  صنعاء  بالأسابيع الأولى للحرب- وهو ما كان يأمل التحالف تحقيقه – أضطر أن يصوّب بندقيته جنوبا نحو أضعف حلقة تتواجد فيها قوات الحوثيين وصالح حينها، لمعرفة هذا التحالف بانعدام الحاضنة الشعبية لهذه القوات بالجنوب، مع وجود رغبة جنوبية بمحاربة كل ما له علاقة بأي وجود شمالي نتيجة حالة الشعور بالضيم والجور طيبة سنوات ما بعد عام 94م التي شكلت فيها الجماعات المتطرفة رأس حربة..

وكان للتحالف ومع السلطة  والجماعات المتشددة الموالية له ما أرادوا بالجنوب حين اضطلعت بالمهمة العسكرية قوات جنوبية  ومقاتلين جنوبيين متطلعين للظفر هدف استعادة الدولة الجنوبية  التي ذابت بوحدة 1990م  ساخطة على الحضور العسكري الشمالي بالجنوب..

وقد أستغل التحالف هذه الرغبة الجنوبية وهذا الاندفاع الجنوبي المهرول بخضم عاصفة الحزم بشدة دون أن يقوم الطرف الجنوبي أي بأي ضمانات مستقبلية  أو يعقد تفاهمات ولو من تحت الطاولة مع هذا التحالف تضمن له  ثمن ذلك من التحالف لحل القضية الجنوبية ومعاجلة  معالجة عادلة حتى لا يدير له التحالف ظهر المجن – وهذا ما حدث اليوم فعلا-… فالنتيجة اليوم ماثلة  أمامنا تتخلص بغزارة دماء جنوبية على مذبح الخليجي نظير فتات من الريالات السعودية والدراهم الإماراتية, ومسخ جوهر القضية الجنوبية في مهب العقل السياسي الجنوب الضحل والساذج” بالمجمل: التحالف استخدم القضية الجنوبية ولم يخدمها كما توهمت تلك العقول الجنوبية الصدئة والحسابات البليدة ، بل وتم استبعاد القضية الجنوبية من فوق طاولة المشاورات والمفاوضات المزعم عقدها قريبا بالسويد وبإصرار من شريك الجنوب بهذه الحرب” التحالف” ،وليس فقط  من القوى اليمنية المتخوفة من انفصال الجنوب.

وفي الجانب السياسي ماذا حقق التحالف؟ . فهو ليس أنه لم يحقق شيئا فقط بل أنه عمل على تمزيق ما كان متبقيا من عروة ومن نسيج وطني وسياسي كان يربط القوى السياسية والحزبية، وأضحى الميدان السياسي باليمن أشبه بساحة تمورُ  بالضغائن ويغرق في بُـحيرة من الأحقاد، بل لقد صارت الحزبية التي تمثل عنواناً لأية دولة مدنية مرادف للضلالة وللكفر وللخروج على ولي الأمر, وانتهى كل حزب الى عدة أحزاب صغيرة ممزقة، وصارت كل قوة سياسية في الشمال بالذات  متشظية الى عدة كُتل وكيانات، وأصبحت كل القوى الثورية والحزبية- في الجنوب- اشبه بفسيفساء متناهية الصغير تسلخ بعضها بعض وترهن نفسها لمن يدفع أكثر.

أما الجانب الاقتصادي والإنساني الذي يتحدث عنه المتحدث ناطق التحالف بكل زهو، فيكفي أن يعلم، ويعلم معه العالم أن العملة الوطنية ”الريال اليمني” لم تشهد تدهورا مريعاً أمام العملات الأجنبية طيلة ستة عقود من الزمن كما شهدته منذ بداية هذه الحرب، ناهيك عن التدهور المعيشي وانتشار الفقر والجوع الى مستوى اصبح معه  اليمن على مشارف المجاعة الشاملة كأسواء بلد بالعالم من حيث سوء الوضع المعيشي والصحي والغذائي، بحسب تقارير دولية، وباتت فيه الأمراض تفتك بالملايين  -بحسب تقارير دولية متواترة أيضاً.

فضلا عن تردي الأوضاع التعليمية والدوائية والأزمات التي لا حصر لها  بمجال الخدمات  وصعوبة السفر وتضعضع الحالة الأمنية التي تتنازعها الأطراف السياسية واتساع رقعة الجماعات المتطرفة وتعاظم نفوذها داخل مؤسسات الدولة- أو بالأصح ما تبقى من مؤسسات – برعاية مباشرة من التحالف والشرعية لاستمالة هذه الجماعات فكريا وايدلوجيا بحربه ضد الحوثيين..

ويكفي أن نعود للتقارير التي تصدر عن المنظمات الدولية والتقارير والإحاطات التي يقدمها المبعوثون الأمميون الى اليمن أمام مجلس الأمن الدولي بين الحين والآخر ومنهم المبعوث السابق ولد الشيخ , والحالي مارتن جريفيت والتي تؤكد جميعها على اتساع قُــطر دائرة التطرف منذ بداية الحرب والانتشار الجغرافي المتعاظم لنفوذ هذه الجماعات المتشددة  المدعومة من التحالف – الذي يعزف دوما على وتر الطائفية والمذهبية-  بكل أشكال الدعم  بما فيها الدعم المالي والتسليحي   .

أما حديث ناطق التحالف” السعودية والإمارات” عن الجانب الإغاثي الذي تفلق به السعودية رؤوسنا ليل نهار وتمُّــنُ به على الضحايا بأنها تقدّم لهم سِلال الغذاء وعُــلب الفاصوليا  وزيت الطبخ فكيفي أن تعلم السعودية أن هذا من صميم واجبها وليس مكرمة منها أو صدقة من موائدها العامرة، فهي من تسبب بهذه الكارثة الإنسانية المروعة فهي من أغلق الموانئ والمطارات وهي- ومعها الإمارات – من يتحكم بالنفط والغاز اليمني بواسطة حكومة هي بالأصل” دُمـــية” تقوم  بدور حكومة “فيشي”  وتؤدي  مهمة “أبى رغال”  العصر على أكمل وجه.

المصدر: رأي اليوم

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

زر الذهاب إلى الأعلى