العرض في الرئيسةفضاء حر

سياسة المعيار الخليجي المزدوج

يمنات

صلاح السقلدي

لا تحتاج إسرائيل إلى مبررٍ لعدوانها المستمر اليوم على سوريا، كذريعة الوجود الإيراني هناك. فإسرائيل حين احتلت هضبة الجولان السورية  أثناء عدوان عام 1967م لم يكن هناك أي  وجود عسكري أو استخباراتي لإيران ولا حتى  حضور سياسي لها في سورية، كما لم يوجد حينها أي مقاتل من مقاتلي حزب الله اللبناني هناك حتى  يمكن تصديق هذه المبررات والأكاذيب الإسرائيلية، والتي للأسف تتماهى معها بعض الأصوات الخليجية بصورة مقززة الى أبعد الحدود، بل على العكس من ذلك فـــ(إيران الشاة) كانت حينها تتخندق ضمن المعسكر الأمريكي الإسرائيلي المعادي لسورية ولكل الدول العربية المناهضة للاحتلال الاسرائيلي  وللنفوذ الإيراني  بالخليج حتى قيام الثورة الإيرانية عام 1979م وسقوط نظام الشاة، كما لم يكن قد ظهر حينها في الساحة اللبنانية والعربية حزب الله اللبناني، الذي تتذرع بوجوده اليوم  إسرائيل بعدوانها المستمر على لبنان .فحين غزَتْ اسرائيل لبنان  عام 1982م لم يكن  قد ظهر هذا الحزب  على الساحة اللبنانية بهيئته التي هو عليها اليوم إلّا بعد ذلك الغزو بسنوات  ليقود مقاومة الاحتلال الإسرائيلي جنباً الى جنب القوى المقاومة اللبنانية والعربية  من دول جبهة الصمود والتصدي حتى تحقق النصر المبين عام 2000م، وهذا يدحض أكاذيب ومبررات اسرائيل بأن السبب الذي يدعوها اليوم لشن الهجمات على لبنان هو وجود حزب الله على الساحة اللبنانية، والساحة السورية.

   وبالتالي يكون العدوان الاسرائيلي على لبنان هو امتدادا لعدوانها عليه منذ ذلك الغزو وما قبل ذلك الغزو وسيظل كذلك ما بقيت الأطماع الصهيونية بالمنطقة العربية وما بقيت  حالة التخاذل العربي قائمة,فأن لم يظهر حزب الله وزعيمه نصر الله لبحثت اسرائيل عن مبرر آخر لعدوانها وعجرفتها في لبنان مثلما فعلت وتفعل بالمنطقة منذ عام 1948م.. والشيء نفسه في غزة التي تتخذ اسرائيل من وجود حركة حماس مبررا أيضاً لعدوانها على القطاع، فهل كان هناك شيء أسمه حماس حين غزت اسرائيل قطاع غزة وسيناء والضفة الغربية عام 1967م؟.

    إسرائيل اليوم – ومعها بعض الأصوات العربية الخانعة – تسوْق ذرائعها العدوانية على سورية بوجود قوات إيرانية ولبنانية، وتشترط وبطريقة فجّــة وقبيحة لإيقاف هذا العدوان انسحاب  القوات الإيرانية من الاراضي السورية ،وهي أي اسرائيل التي تحتل ارض سورية ” الجولان” منذ أكثر من خمسة، بطريقة همجية، وتعتبر أية مطالب بانسحابها من سورية معاداة للسامية واستهدفا لأمن اسرائيل. ليس هذا المنطق الإسرائيلي الوقح هو ما يبعث على الدهشة والسخرية  في قلوب الشعوب العربية بل أن تناسق خلفه أنظمة عربية” وخليجية بالذات” تحت تأثير (فوبيا إيران) المسيطرة على العقل السياسي الخليجية، متناسية عمدا أن الوجود الإيراني في سورية أتى بطريقة مشروعة وبدعوة من السلطة  الحاكمة في دمشق –بصرف النظر عن اخطاء هذه السلطة، فهي دون جدال سلطة شرعية معترف بها من قبل الأسرة الدولية، وبالتالي فأية دعوة لأية قوة عسكرية  أجنبية بالقدوم الى الداخل السوري تعتبر دعوة شرعية ومن صميم الشأن الداخلي وفقا للقوانين والمواثيق الدولية, فلا يمكن لأحد بما فيها الدول الخليجية أن تنكر شرعية السلطات الحكامة بسورية.

    ألم تذهب السعودية والإمارات العربية المتحدة الى اليمن وتعلن الحرب هناك عام 2015م تحت مظلة السلطة الشرعية اليمنية” المعترف بها دوليا” سلطة الرئيس هادي وحكومته، وبطلب من هذه السلطات- أو هكذا تبرر السعودية والإمارات حربها المدمرة باليمن؟. – بصرف النظر  عن الجدل الذي يحتدم  بالداخل اليمني حول  صحة شرعية هذه السلطة من عدمها-. وبالتالي  يكون من المنطقي  أن الوجود الإيراني في سورية وجودا شرعيا مثله مثل الوجود الخليجي باليمن- اتفقنا مع إيران  أو اختلقنا، فللحقيقة وجه واحد لا غير، وإلّا فنحن أمام سياسية المعيار المزدوج والكيل بمكيالين مختلفي العيار؟.فمن العدل أن يكون الخطاب الخليجي  حيال سورية خطابا منصفا إذا ما وضعنا الأزمة السورية موضع المقارنة مع الأزمة اليمنية، على الأقل فيما يتعلق بشرعية سلطة  الرئيسين: بشار وهادي-. ففي الوقت الذي يطالب فيه الخطاب السعودي إيران بمغادرة سورية يجب أن يطالب إسرائيل بمغادرة  سورية” الجولان”، ولو أن الوجودين الإيراني والإسرائيلي في سورية  مختلفين جذريا من حيث مشروعية وجودهما، فشتان بين  قوة احتلال اسرائيلي غاصب أتت عنوة الى سورية، وبين قوة إيرانية أتت بطلب من السلطات الشرعية في دمشق لمحاربة الجماعات الإرهابية، وأي أصرار خليجي في التشكيك بشرعية  سلطة الرئيس السوري  بشار في دمشق وبمشروعية دعوته للقوات الإيراني  وقوات حزب الله والجيش الروسي الى سورية، فهذا يعني بالضرورة التشكيك بشرعية الرئيس اليمني هادي وبصحة  دعوته للسعودية والإمارات للقيام بعاصفة الحزم باليمن، وبقانونية المشاركة الأمريكية بهذه العاصفة.. فأن كانت في سورية قوات ايرانية ولبنانية، ففي اليمن قوات سعودية وإماراتية، وأن كان في سورية تدخل روسي، ففي اليمن تدخل أمريكي، فالشيء بالشيء يذكر، كما يقال. مع ضرروه التنويه الى النوايا الخليجية  والامريكية المريبة باليمن.

المصدر: رأي اليوم

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

زر الذهاب إلى الأعلى