فضاء حر

الليبرالية العابرة في اليمن

يمنات

أ. د. فؤاد الصلاحي

عاشت اليمن لحظة ليبرالية خلال ثلاث سنوات أولى من دولة الوحدة أثمرت عشرات الاحزاب و المنظمات و الصحف و بروز صوت عال للأفراد و عامة المجتمع، و كانت مؤشرا لحالة عامة يراد لها الاستمرارية، لكن قوى الفساد و الاستملاك السياسي للسلطة أبت إلا أن تغيب هذه الحالة لتتحول إلى سلطوية مناهضة للمجتمع و التعددية و المواطنة.

تلك الحالة شهدتها مدينة عدن في فترة الخمسينات و مثلها مصر في الأربعينات و لبنان في الخمسينات و حتى منتصف السبعينات و الكويت من منتصف الستينات و حتى نهاية السبعينات، و جميعها لحظات عابرة لم تستقر و لم يراد لها أن تستقر.

و مع ذلك لاتزال تلك الفترات عالقة في ذهن الاغلبية من الناس، و السؤاااااااااااااااااااااااال لماذا تم الانقلاب على تلك الحالة المتفق عليها سياسيا..؟ من مصلحته إخماد أصوات المجتمع و فاعلية المشاركين الجدد في العملية السياسية..؟

لو تأملنا تحالفات نظام صالح جماعات و أحزاب و مصالحهم الخاصة أفراد و جماعات و أحزاب سنعرف بالضبط لماذا حرب 94 و لماذا تراكمت الازمات و العدوان على المجتمع اقتصاديا و سياسيا و أمنيا..؟ لأن المجتمع عندما تمارس عليه الاكراهات المعيشية اقتصاديا و سياسيا و أمنيا بل و وجوديا تكون الدولة قد أعلنت العدوان على المجتمع.

و مع استخدام السلاح تكون الحالة مجسدة كما هي حاليا و منذ أربعة أعوام، مع العلم ان مسار الدولة الحديثة يلتقي مع الليبرالية اقتصاديا و سياسيا و يمكن تعزيزها بالبعد الاجتماعي لتكون مفيدة لغالبية افراد المجتمع، و لكن الأحزاب و النخب لم تكن تستوعب تلك اللحظة و لم تدافع عنها كما لم تدافع عن الدولة التي تم اختطافها و لم تدافع عن المجتمع و ما لحق به من اضرار حتى اللحظة الراهنة.

و هنا نفهم جيدا لماذا الانحراف عن مسار انتفاضة الشعب في فبراير 2011 و تحويله الى منصة لكل من استهدفتهم الانتفاضة الشعبية و تمت العودة بالمجتمع إلى ما قبل السياسة و ما قبل الدولة. و هنا يمكن القول ان واقعنا الراهن و ما سيؤول عنه من مسارات لن يتمكن مرة اخرى من ان يشهد لحظة ليبرالية تتسع معها فضاءات الحرية و حقوق الانسان و المواطنة المتساوية بل حضور الدولة الحديثة و وحدة المجتمع اصبح مشكوك فيه..؟

المصدر: حائط الكاتب على الفيسبوك

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

زر الذهاب إلى الأعلى