العرض في الرئيسةفضاء حر

البعض يريد تحويل مخرجات الحوار إلى “صنم” يعبد

يمنات

أحمد سيف حاشد

(1)

أتضح لي وجود مخاوف حد الهلع لدى بعض السياسيين من انكشاف و انتفاد ما أسمي بمخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل..

هناك من يريد أن تكون تلك المخرجات صنم يعبد..

الحقيقة أن هناك مشروع خطير على مستقبل الوطن جرى تمريره في هذا المؤتمر من خلال مخرجاته، و يجري تنفيذه اليوم بالقوة على الواقع مدعوما بشرعنة دولية من قبل مجلس الأمن الدولي..

الغريب كيف مر هذا المشروع على النخب الذي شاركت في هذا المؤتمر و لا زال إلى اليوم يمر بعيد عن النقد و التفنيد..

الغريب أن كثير من السياسيين يدافعون عنه باعتباره ملاذ لإخراج اليمن مما هي فيه، فيما الحقيقة إن هذا المشروع يهدف إلى تفكيك اليمن إلى دويلات، و تقاسمه، و يستهدف كيان الوطن جغرافيا و إنسان و مستقبل..

نحتاج إلى إعادة قراءة هذه المخرجات على ضوء ما يجري على الأرض و ما يمكن أن يؤدي إليه..

إن السم المدسوس في عسل هذا المخرجات زعاف و مميت لليمن و مستقبله..

إنه ليس مشروع اليمن و إنما مشروع الحرب و الأجندات و الأطماع الخارجية في اليمن..

الأخ نبيل الحسام قدم حلقتين في نقد تلك المخرجات شعرت في الحقيقة بالخوف و الهلع على مستقبل اليمن .. تابعوه في الحلقات القادمة..

(2)

أقاليم مخرجات الحوار الوطني و ما يجري تنفيذه في الواقع هو عزل أقاليم الثروة عن أقاليم الكثافة السكانية .. و هذا ليس إلا جزء من المشروع..

ثم جعلت تلك المخرجات، كل إقليم مكون من عدة ولايات لتفتيت الأقاليم نفسها، ثم جعلوا حق منح عقود الاستكشاف و التطوير، من مسؤولية السلطات في الولايات المنتجة بالتشارك مع السلطات في الاقليم و السلطة الاتحادية، و يكون تنظيم عقود الخدمات المحلية من مسؤولية السلطات في الولاية المنتجة بالتنسيق مع الإقليم. ثم جعلوا من حق الولاية أن تنظم إلى إقليم آخر إن أرادت..

هكذا يفتتون المفتت و يخلقون الأرضية لتمزيق اليمن على أساس اقتصادي و اجتماعي، ثم يتعاطون مع تلك الأقاليم و الولايات على أساس فرق تسد ليمزقون الممزق بما يتفق مع المصالح الدولية لا مصلحة اليمن و مستقبله.

(3)

أجازت ما تسمى بمخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل لكل إقليم أن يربط بشبكة الكهرباء بالدول المجاورة .. رغم أن الكهرباء شأنها شأن الاتصالات و غيرها من القضايا السيادية التي يفترض أن لا ترتهن لدى دول أخرى .. الحقيقة أنه لا ينبغي أن تكون الحاجة الوطنية و المؤسسات السيادية في اليمن محل تحكم في قبضة دولة أخرى فضلا عن كونها معادية..

في الواقع اليوم يجري تدمير الكهرباء كما يحدث في الجنوب، و يتم منح قروض للكهرباء بفوائد من دول يفترض أنها تتصدى لهذا الاحتياج من ذات نفسها بموجب القانون الدولي باعتبارها سلطات أمر واقع إن لم تكن سلطات احتلال .. تقع عليها مهمة توفير كل الخدمات الأساسية للسكان الواقعين تحت سيطرتها .. و كان بإمكانها أن تحل هذا الاحتياج على نحو كامل و بيسر و سهولة، و لكنها لا تريد ليتحول هذا الاحتياج لوسائل ضغط و ابتزاز على المدى القريب و البعيد، و إلا ماذا يساوي حل موضوع كهرباء عدن في ميزان المركز المالي الكبير للإمارات..

و في الشمال جرى تدمير الكهرباء و بيع محطاتها و تأجير شبكات خطوطها و خصخصة ما بقي منها لتجعل احتياج الطاقة و ربط شبكة الكهرباء بالسعودية ضرورة ملجئة .. لاسيما إن كان هذا الشمال فيما بعد الحرب قادما على مشاريع إنمائية حتى بالحجم المتواضع، فضلا عن إعادة إعمار ما دمرته الحرب .. و هذا يعني ارتهان مستقبل و تنمية الشمال برضى و شروط المملكة السعودية أحدى دول الاحتلال و العدوان..

(4)

من أجل تنفيذ مشروع تقسيم اليمن وضعت الخطة (أ) على أن تتم بوسائل دبلوماسية مدعومة بوسائل ضغط و ابتزاز سياسي و اقتصادي؛ فإن فشل أو أعيق أو لم يتم تنفيذ تلك الخطة؛ يكون الانتقال إلى الخطة (ب) و تنفيذها بالحرب و القوة..

و لأجل ذلك و تمهيدا له تم إدخال اليمن تحت البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة و تم قبله إدخال اليمن تحت الوصاية الخليجية بموجب المبادرة الخليجية الفخ الذي وقع فيه و تعاطى معه الجميع..

تم تشريع المبادرة الخليجية محليا، و تم الانقلاب على الدستور أو الانتقاص منه لصالح المبادرة .. و تم دعم هذا بمخرجات مؤتمر الحوار، ثم دعمه و شرعنته بقرارات مجلس الأمن و على نحو واضح و صريح..

و يأتي كل هذا كما تفصح عنه مرور الأيام في سياق تقسيم اليمن وفق مصالح الدول الكبرى .. و صارت “الرباعية” وصية على اليمن و مشتركة في الحرب عليه، و تعاطى جميع أطراف الحرب المحلية بما فيهم أنصار الله مع الرباعية كأطراف راعية للتفاوض الجاري اليوم بين الأطراف المحلية على مختلف مسمياتها..

تحويل دول الرباعية المشتركة فعليا و الراعية للحرب إلى راعية تفاوض بين أطراف الحرب المحلية كان خطأ استراتيجي مكلف، ارتكبته كل الأطراف المحلية، و على رأسهم أنصار الله، و لعب هذا دورا مميتا في إطالة الحرب و التفاوض غير المنتج، و أسهم هذا إلى حد بعيد في تنفيذ أجندات الخارج في اليمن و على الواقع..

و اليوم تم إنشاء جيوش محلية تنفيذا لهذا المخطط الذي ورد أساسه في مخرجات الحوار .. تم إنشاء جيوش و مليشيات مناطقية مثل الحزام الأمني في عدن، و النخبة الشبوانية في شبوة، و النخبة الحضرمية في حضرموت، و النخبة التهامية في الحديدة .. و مليشيات الإخوان في مأرب وتعز، و مليشيات أنصار الله في صنعاء و غيرها، و يجري تطبيق نفس النموذج في المهرة..

هكذا يتم اليوم التأسيس ليس ليمن واحد أو موحد أو حتى اثنين، بل يجري التأسيس ليمنات، و الذي سيكون في المستقبل دويلات متناحرة و متنافرة تسوسها الكراهية و الانقسامات و التبعية للخارج على حساب الوطن و مستقبله جغرافيا و شعب و إنسان.

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

زر الذهاب إلى الأعلى