فضاء حر

كيف استطاعوا اعتقال (انسان) ؟!

يمنات

ابرار الارياني

كنت أكثر الفتيات إثارة لخوف بابا وقلقه عند مرضي ، كان لا ينفك من تحذيري صباحا مساءا عن كل تلك الأمور التي قد تجلب لي أي نوع من الأمراض وحين يحدث وأمرض هو لا يتمكن من النوم ألبته وأنا لا يسعني السهر نهائي نظل على فراش واحد حتى يأتي الصباح وخلال تلك الاثنتا عشرة ساعه وكلما استيقظت أجده اما يضع علي الكمادات أو يدلك لي يدي وقدمي أو يضع “الاتريك” على رأسه يطالع كتاباً ما واضعاً رأسي على صدره وأوقات وهي الأجمل بالنسبة لي طبعاً حين أصحو وهو يتأمل وجهي كأنما هو يتعمد تذكيري أني سأظل طفلته الأولى التي لطالما ظل يتأملها طوال ليالٍ كثيرة في سنواتها الأولى ..

كلما مرضت أيضاً كنت لا أجد أمامي سوى والدي وحضنه اتألم هناك كيف ما شئت لكن أكثر حدثين مرضيين يجعلانني دائما أخبر نفسي أني كيفما عشت ومهما فعلت فلن أتمكن من مجازاته أبداً هما:

حين اضطررت لضرب (إبر الروماتيزم) أولاً و كان يصعب علي المشي بعد ضرب الإبرة فكان دائماً بابا حين عودتنا للمنزل يحملني على ظهره ويشتري لي حليب بالموز استمر الأمر لفترة طويله ما يقارب النصف سنه و الآخر أيضاً حدث قبل مدة وبشكل مفاجئ دخت خارج المنزل وبعدها أسعفت كلما عادت بي الذكرى وتذكرت كيف كان شكل والدي وهو يدلك قدمي وعينيه تراني بذاك القلق والخوف والرجاء بأن لا تظهر في فحوصاتي أمور قد يؤلمه جداً ظهورها اسأل نفسي بالله كيف أجازي بابا ؟ وكيف استطاعوا اعتقال (انسان ) مثل بابا ؟! وكيف عاجزة وليش عاجزة ولمتى با أظل عاجزة ؟!!!

الموجع أكثر أني اليوم وفي خضم مرضي هذا أتقلب هنا وهناك يحيل بيني وبين إيقاظ أي فرد من البيت حاجز كبير السبب فيه عودة الذاكرة بي لوقت لم أحتج فيه أبداً أن أوقظ بابا بسبب المرض فقد كان يدرك ذلك مباشرة من خلال جولته الأخيرة على غرفتنا أو بمجرد سماعه لصوت واحدة منا تئن أو تصرخ أو حتى تتحدث أو لمجرد سماعه لصرير خشب السرير بكثرة إن حدث شيء كهذا هو مباشرة يدرك أن إحدى صغيراته متعبه (وأن عليه قضاء الليلة على سريرها ) جملتي الأخيرة هذه دفعتني في صغري وفي أوقات كثيييره لإدعاء المرض لينام والدي معي أو ليتركني أنام معه ، لكن اليوم أين أبي؟ وأين أنا ؟ ولم الشعور بالوحدة هو كل ما أناله اللحظة !

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

زر الذهاب إلى الأعلى