العرض في الرئيسةفضاء حر

فلكلور السياسة العربية

يمنات

د. فؤاد الصلاحي

تحركت الشعوب بعد تضخم مظاهر الفساد وتردي الاوضاع المعيشية وتقييد الحريات وتغلغل الخارج في الداخل العربي وكانت المطالب الشعبية بالحرية والعدالة والتنمية وحقوق الانسان والكرامة وكلها مطالب مشروعة من شأن تحققها احداث نهضة وتغيير يعززمن حضور الدولة والمجتمع وتمكين الشعب من ممارسة حقوقة .. لكن المسار التغييري تم الانحراف به من قبل مراكز القوى التي استجمعت قواها واندست داخل صفوف التظاهرات وانحنت قليلا تجاه مطالب الشعب ..

وهكذا يبدوا التلاعب بمطالب الشعب والانحراف بها لصالح رموز تقليدية خرج المتظاهرون ضدها .. لكن اللعبة السياسية وتدخلات الخارج الاقليمي والدولي اقتضت اعادة انتاج النظم السابقة ورموزها الامر الذي شكل ولايزال اهم معوقات التغيير الذي جعل من الربيع خريفا ياسرع مما هو في مساره الطبيعي ..

فادعاء الحكمة لليمنيين وكانها صفة جينية تنتقل خلال الف عام امر يكذبه الواقع حيث النخب الراهنة جزء من صراعات مدمرة مستمرة اكثر من ثلاثين سنة في دورات عنف متجددة لامجال معها لتأكيد حضور الحكمة ..فمن يقتل الشعب بالسلاح والفقر لايكون حكيما ..

والامر ذاته في لبنان خرجت البلد من حرب اهلية طائفية ولاتزال حاضرة في وعي اللبنانين الا ان واقع السياسة تتزعمه قيادات تلك الحرب السيئة فاعاقت التغيير الحقيقي بحضور دولة وطنية حديثة ، والامر ذاته في العراق وسوريا واليوم تخوض الجزائر نفس المسار التغييري بخروج الشعب بمظاهرات كبيرة والجميع هنا يدركون مخاطر العشرية السابقة وهو امر جيد لكن رموز الدولة العتيقة عسكريا وبورجوازيا وقادة العمل السياسي هم انفسهم اصدقاء فرنسا لن يتركوا التغيير يسير نحو الهدف الرئيسي بل الاتجاه يشير الى انحرافا بمسار التغيير لتتولى جزء من النخبة السابقة ادارة الدولة ..

والواضح جدا دور الرئيس البشير في الانحراف بمسار التغيير الذي طالب به الشعب السوداني وهو ئن تحت ازمات متعددة ومتنوعة ناهيك عن فشل البشير في حماية وحدة السودات التي انقسمت في عهده ناهيك انه اول رئيس عربي مطالب جنائيا من محكمة دولية ..اخيرا نفس الانحراف بمسار التغيير حدث في مصر وتونس وقد يرى البعض في هاتين التجربتين تحققا لبعض مجالات التغيير وتجنبا للحرب والعبث السياسي الذي يسود اليمن وسوريا وليبيا ..نحن هنا امام فلكلور فيه القديم مع قليل من الجديد لكن الاخراج السياسي والاعلامي يقدم هذا الفلكلور بانه خصوصية عربية يتم اقناع الشعوب باصالتها ..

والمثير للسخرية قدرة مراكز القوى التي انحرفت بمسار التغغيير باستقطات افراد لديهم قدرة على التنطط نحو المراكز الوظيفية والسياسية لتقدمهم بانهم رموز للشباب والثوار والمرأة والمجتمع المدني ..

الخطير في الامر ان الوضع الاقتصادي والاجتماعي وتقييد الحريات وتراجع دور الدولة انمائيا كلها حقائق معاشة تؤكدها تقارير المظمات المالية الدولية والاقليمية ..فاليمن لااحد يعرف حجم الانتاج النفطي واين تذهب مردوداته المالية ..الجزائر بلد نفطي كبير وغالبية الشباب مهاجر للبحث عن فرص عمل وكذلك الامر في ليبيا والعراق …

العرب فهموا السياسة بانها لعبة لاستملاك السلطة والمقدرات المالية لكن الازمات القادمة ستكون بمثابة الطامة الكبرى حيث المجتمعات العربية تتضاعف في عدد سكانها سريعا (اليمن يتضاعف سكانه كل 25سنة ) ويتزايد حجم الشباب خصوصا ولن يكون في القريب العاجل امل امام مراكز القوى للتلاعب عندما ترتفع النسبة الى 80% من الشعب تحت خط الفقر ويتحرك بانتفاضات عارمة قد لاتكون سلمية بل مدمرة تحرق الاخضر واليابس .. لانها لن تخسر شيئا باعتبارها في قاع المجتمع لكنها تمتلم وعيا وتعرف من افسد حياتها ودمرها .. فان لم تتحسن معيشة الشعوب العربية وتتأسس دولة وطنية حديثة بمؤسساتها تعمل بالدستور والقانون فالقادم القريب لن يبقي من الدولة ورموزها والاحزاب وقياداتها شيئا يذكر ..؟

من  حائط الكاتب على الفيسبوك

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

زر الذهاب إلى الأعلى