فضاء حر

ما يجري في الجزائر منذ استقالة بوتفليقة “ثورة مضادة”!

يمنات

 محمد المقالح

ما يجري في الجزائر ومنذ استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقه واختيار رئيس مؤقت وفقا للدستور الجزائري هي في الحقيقة ثورة مضادة للثورة الشعبية المستحقة هدفها الاول اغراء الجيش بتولي السلطة من خارج الدستور ثم الصدام بين الشعب والجيش بعنوان رفض حكم العسكر وضرورة تسليم الدولة لمجالس انتقالية مدنية غير منتخبة من الاحزاب .!

ما لم يعد يتذكره الجزائريون والعرب امام هذا الضجيج الفضائي هو ان الشعب الجزائري خرج في البداية ولاسابيع بالملايين الى الشوارع في ثورة سلمية وحضارية مستحقة كان هدفها الاكبر والاهم هو رفض ترشيح بوتفليقة لولاية خامسة باعتبار ترشيح رجل مريض ومعاق جسديا وربما ذهنيا بعد عشرين سنة من السلطة يمثل اهانة للرجل وللشعب الجزائري العظيم بل وللكرامة الانسانية ايضا .

وبغض النظر عن تلكوء او مماطلة المجموعة الفاسدة المحيطة بالرئيس في البداية عن الاستجابة الفورية لمطالب الجماهير في رفض ترشيح بو تفليقة واصرارها بوقاحة على اعلان تقديم اوراق ترشيحه كذبا وهو في سرير المرض وهو ما رفع من حدة وغضب ومطالب الجماهير الى ان استقال في نهاية الامر.

الا ان استجابة الرئيس لمطالب شعبه بعد ذلك واعلانه الاستقالة عن المنصب قبل انتهاء ولايته الرابعة ومن ثم اختيار رئيس البرلمان السيد عبد القادر بن صالح رئيسا مؤقتا للدولة لادارة المرحلة الانتقالية ولمدة 90 يوما تجري خلالها انتخابات رئاسية تنافسية مباشرة وفقا للدستور الجزائري كان يعني ان الثورة قد انتصرت وتحقق اهم اهدافها والبقية تاتي لاحقا وعبر التغيير الدستوري لا من خارجه فما الذي حدث بعد ان حققت الثورة اهم اهدافها ؟

الجواب هو ان ما تحقق للشعب الجزائري وبفترة قصيرة ودون ان تنهار الدولة والجيش الجزائري ودون ان تسقط قطرة دم واحدة لم يعجب اعداء الجزائر والدوائر الاستعماري وادواتها الداخلية والعربية التي اقتحمت الثورة المستحقة كما عملت في بلدان عربية اخرى .فكان هذا الضجيج الذي لم يعد احد يعرف الى اين ينتهي سوى الهاوية.

وبمعنى اخر وبعد ان اقتحمت الثورة الجزائرية من خارج فعلها الثوري وعبر الفضائيات العربية والدوائر الاستخبارية والاحزاب الجزائرية الاصولية وغير الاصولية التي كانت الى وقت قريب جزء من الازمة الجزائرية وتعرف انها مرفوضة من الشعب الجزائري مثلها مثل الطبقة الفاسدة في النظام وربما اكثر بدات ومنذ استقالة بو تفليقة تطرح عناوين جديدة للثورة لم تكن مطروحة من قبل او لم تكن مطروحة كاولوية لدى غالبية الشعب الجزائري .

ويتبين من التصريحات والمقابلات التلفزيونية الخليجية ان مطالب الثورة المضادة في الجزائر اليوم ليس محاسبة رموز النظام السابق كما يدعي رموزها فهم يعلمون ان الفترة قصيرة والوقت الانتقالي لا يسمح وليست مهمته اصلا وبالتالي فان الهدف من ذلك هو رفض التغيير عبر الدستور والعمل على انهيار موسسات الدولة الجزائرية وادخال الجزائر في دائرة العنف والفوضي لتلحق الجزائر ببلدان عربية وجمهورية كليبيا واليمن وقبلهما سوريا والعراق.

وخطة الثورة المضادة واضحة وتنطلق من الضغط على الجيش واغراء رئيس الاركان الجنرال قائد صالح وباسم الشعب الذي لم يفوض احد باسمه ان يقوم بتعليق الدستور واعلان الاحكام العرفية وبالتالي الامساك بالسلطة كمرحلة اولى فاذا نجح الاعداء في ذلك طرحت الثورة المضادة بعدها مطلب جديد هو رفض حكم العسكر وتسليم السلطة لهيئات مدنية من الاحزاب والمكونات وسيكون رفض حكم العسكر كشعار لثورة مضادة جديدة هو العنوان الذي ستدخل فيه الجزائر مرحلة الصدام الدموي بين المؤسسة العسكرية والشعب ما يودي الى اتساع دائرة العنف وانقسام المؤسسة العسكرية وادخال قوافل الارهاب من جديد الى الجزائر وهكذا تتكرر العشرية السوداء من الدم والاشلاء مرة اخرى .

هذه هي الاهداف الحققية التي تسعى اليها الثورة المضادة في الجزائر اليوم ومنذ استقالة بو تفليقة ولو كان رجل الاستخبارات الصهيوفرنسي علي غديري وقادة الاحزاب الدينية والادارية الاخرى كعبد الله جاب الله وغيرهم من رموز الثورة الجزائرية المضادة صادقين في دعاويهم حول التغيير والديمقراطية وحكم الشعب ومحاسبة رموز الفساد لكان همهم الاول والاكبر في المرحلة الانتقالية هو امرين اثنين:-

-الاول هو الدخول في حوار جاد مع الرئيس المؤقت والسلطة الانتقالية لتشكيل الهيئة المشرفة على الانتخابات وبما يضمن اجراء انتخابات رئاسية حرة ونزيهة وتنافسية وغير متحكم بها او بنتائجها من قبل اجهزة النظام السابق وحتى ولو اشتراطت رقابة دولية واممية على الانتخابات ومع ان حساسية الجزائريين ضد انتهاك السيادة الوطنية عالية جديا ولن يسمحوا بذلك ولكن هذا رغم سيئاته سيكون اقل كلفة من رفض التغيير عبر الدستور والعمل من خارجه !

-الثاني هو التشاور بين القوى الحزبية المعارضة والتيارات المشاركة في الثورة من اجل اختيار شخصية وطنية نزيهة وقوية تعبر عن الثورة وتمثل رغبة الجماهير في التغير لتقديمه كمرشح رئاسي باسم الثورة والملايين التي خرجت للمطالية بالتغيير والديمقراطية والتنمية ومحاسبة رموز الفساد .

وطالما والشعب محتشد بقوة خلف شخصية نزيهة ووطنية من هذا النوع وبعد ثورة شعبية كبيرة وتحت رقابة وضغط شعبي مواكب فانه سيفوز حتما في السباق الرئاسي القادم واذا فاز وحتما سيفوز فهو من سيحقق عملية التغيير التي تطالب بها الجماهير وهذه القوى الحزبية .ومن موقعه الرئاسي وبصورة طبيعية وشرعية .

ولكن هذا ما لا تعمل له الاحزاب والمكونات الادارية المخترقة بالفساد والارتهان ومن تقود اليوم وعبر الفضائيات الخليجية الثورة المضادة متحدثة وبدون تفويض باسم الشعب الجزائري وعلى نقيض ذلك تعمل ليل نهار وفي كل لحظة على رفض اي خطوة للحوار وتقوم بدلا من ذلك بتقطع وقت المرحلة الانتقالية حتى يمر موعدها اوحتى تنجح في دفع الجيش الى خطوة انقلابية واغراء قائد صالح بخطوة من هذا النوع باسم الثورة ورغبة الجماهير كما نسمعها تصرحا وتلمحا في كل وقت هذا اولا .

ثم وبعد هذا تشرع في خطاب رفض الانقلاب او ما ستسميه بعد ذلك الدوائر الغربية المتامرة انقلابا عسكريا مرفوضا وغير معترف به دوليا وشعبيا وبما يهيىء لصدام دموي بين المؤسس العسكرية والشعب .

على الشعب الجزائري ان يعي بان مؤامرة كبرى تحيط بالجزاير اليوم من كل اتجاه وباسم التغيير من خارج الدستور وعلى الجيش ورئيس الاركان تحديدا ان يبقى على موقفه الرافض لاي تغيير من خارج الدستور حتى ولو من خلاله هو فهذا هو الفخ المنصوب له ولشعبه وقد اصبحت معالم الموامرة واضحة وجلية ولم يعد عنوانها القادم مستورا او غامضا الا لدى الاغبياء والمغفلين .

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

زر الذهاب إلى الأعلى