العرض في الرئيسةفضاء حر

الكذبات الثلاث الكبرى التي يبني عليها الانفصاليون للزج بأبناء الضالع إلى مهالك الحروب والكراهية

يمنات

محمد محمد المقالح

قال لماذا كان أهل الضالع في عهد التشطير من أكثر أبناء المحافظات الجنوبية و الشرقية وحدوية و نضالا و تضحية من أجل اعادة الوحدة اليمنية بين اليمنيين..؟

قلت لأن أبناء ذلك الجيل سواء في الضالع أو غير الضالع كانوا على معرفة و دراية بالتاريخ اليمني، و بما تعنيه الوحدة اليمنية للضالع كمكان و جغرافيا و لكل أبناء الضالع و أبناء اليمن عموما كتاريخ و وجدان و حضارة هذا أولا..

أما ثانيا فهو الوعي التراكمي لدى أبناء الضالع في ان المصلحة المباشرة و المستمرة للضالع و لأبناء الضالع هي بالوحدة اليمنية لا بالانفصال، اذ تكاد الضالع كوحدة ادارية او كمحافظة و من ضمنها ردفان تحديدا هما المنطقتان اليمنيتان اللتان سينتهي حضورهما تماما في المشهد اليمني، اذا ما نجح الانجليز في مخططهم الاستعماري لإنشاء كيانات سياسية فسيفسائية كـ”الجنوب العربي”، و يقصد بهذا الكيان المفتعل – الاربع المحافظات الجنوبية فقط (الضالع، لحج، عدن، أبين) منفصلة عن بقية المحافظات الشرقية (شبوة، حضرموت، المهرة، سقطرى).

و في هذه الحالة لك ان تتخيل وضع الضالع و إلى حد ما ردفان في يمن مشطر أو ممزق من هذا النوع..!

مما لا شك فيه ان الآباء المؤسسون للجبهة القومية و الحزب الاشتراكي اليمني من أبناء الضالع و من أبناء اليمن عموما كانوا على دراية بجغرافية اليمن و بتاريخها و ليس كما هو حال المشعفلين من ادوات الامارات الانجليزية اليوم، الذين لا يعون بأن المنطقة الممتدة طوليا من سناح في الضالع شمالا إلى قرية الذنبة أو الحبيلين في ردفان جنوبا ستتحول في حالة تمزيق اليمن أو تشطير جنوبها عن شمالها و فصل شرقها عن شمالها و جنوبها إلى قرى و بلدات صغيرة و مهجورة لا حركة تجارية فيها و لا سياحية و لا سيرة و لا جية و لا هم يحزنون..!

فلولا طريق صنعاء عدن البري لما توسعت الضالع أو الحبيلين و اصبحتا تضجان بالحركة و النشاط التجاري و الروابط الاجتماعية و الاقتصادية كما هو حالهما اليوم و منذ اعلان الوحدة المجيدة في 22مايو 1990م .

و حتى قعطبة في الشمال التي تكاد اليوم تندمج في عمرانها و في اجتماعها و اسواقها و مصالح اهلها بمدينة الضالع الجنوبية نفسها، لن يكون لها وجود و اذا كانت دمت ستظل في حالة حركة تجارية و سياحية حتى في حالة انقطاع صنعاء عدن بسبب الحمامات الطبيعية فيها الا ان الحركة ستخف فيها بشكل كبير في حالة انقطاع الطريق الذي يمثل شريان الحياة بين معظم المحافظات اليمنية. و هكذا مدينة البيضاء وكذا لودر و مودية في أبين و غيرها من المناطق الحدودية سابقا و التي كانت مناطق دافعة لأهلها إلى بقية مدن اليمن و لم يكن يقصدها سوى القليل من غير اهلها لأسباب طبيعية و موضوعية و ليس عنصرية او فئوية فمالذي سيدفع ابن عدن مثلا او ابن الحسيني بلحج او ابن يافع العمارة و واديي تبن و بناء في أبين ان يأتي إلى الضالع سوى كونه جندي في معسكر نائي أو مليشا في سوق القات.

و على ذلك – يا صاحب السؤال – فقد كان و لا يزال أهل الضالع وحدويون لأنه لا مصلحة لهم في الانفصال و لا مصلحة لأبناء اليمن في التمزق و الصراع الدائم على حدود الكيانات المحتملة في المؤامرة..؟

طيب تمام فاذا كان لا مصلحة لأبناء الضالع في الانفصال كما تقول فلماذا تجدهم اليوم اكثر ابناء المحافظات الجنوبية قتالا و تضحية من اجل الانفصال و تجد عيدروس و شلال و غيرهم اليوم هم رموزا لدعاة الانفصال و قادة في جيوش الامارات الانجليزية في الاحزمة و النخب الصراعية في جنوب و شرق اليمن اليوم..؟

الجواب ليس صحيحا ان ابناء الضالع و ردفان و الصبيحة جميعا هم اليوم مع الانفصال و على العكس فأغلبيتهم مع الوحدة كما هو حال بقية ابناء اليمن من المهرة حتى ميدي و لكن الكثير صامتين اليوم لأن ادوات الاحتلال تمارس عليهم الارهاب الفكري و من يعبر عن قناعاته و ضميره الوطني يتهم بانه عفاشي او حوثي او اصلاحي هذا اولا..

اما لماذا يبقى ابناء الضالع من بين هذه القلة هم اكثر الاصوات ارتفاعا في دعاوي الانفصال و الكراهية فكل ما في الامر ان أبناء هذه المناطق كانوا في سلك الجندية و في صفوف الجيش اليمني تاريخيا بسبب شحة موارد هذه المناطق من ناحية و بسبب ان شباب هذا الجيل هم أبناء و احفاد قادة حروب التحرير من الاستعمار، و من شغلوا مواقع عليا في الجيش اليمني طوال 25سنة على الاقل، فقد كان من الطبيعي ان يلتحق الكثير منهم في الجندية اقتداء بجيلهم السابق من ناحية اخرى.

و عندما تم تسريح آباؤهم من ضباط و جنود الجيش بفعل سياسات تحالف صالح – الاصلاح الاقصائية و غير الوطنية بعد هزيمة الحزب الاشتراكي اليمني في حرب صيف 1994م و رفض ما كان يسمى حينها بالتحالف الاستراتيجي الاجرامي لمعالجة اثار و نتائج تلك الحرب غير الوطنية بدأت نبرة الانفصال ترتفع في أوساط أبناء الجنود و الضباط المسرحين و المتقاعدين قسرا من باب الشعور بالإقصاء و المناكفة و الغضب من تلك السياسات اكثر من كونها تعبيرا عن رغبة واعية بالانفصال.

و قد ظل الأمر كذلك حتى شن الاعداء في السعودية و الخليج و من خلفهم الانجليز و الامريكان حربهم على اليمن فكان ان دخلوا من ثغرة المظالم في الضالع و غيرها و جندوا العاطلين عن العمل و المسرحين من اعمالهم في كل اليمن للقتال في جيوشهم و لأهدافهم الاستعمارية لا لأهداف أبناء هذه المناطق هذا اولا.

أما ثانيا فإن هناك من يعمل على تضليل بعض أبناء هذا المناطق من خلال ثلاث كذبات كبرى يبنى عليها الاعداء و الانفصاليون اليوم في الوعي الزائف مشروع التمزيق التأمري على اليمن و تحشيد أبناء الضالع للتضحية بهم في معركة ليست لهم بل لأعداء اليمن و الضالع تحديدا و هي على النحو التالي:

الكذبة الكبرى الاولى هي ان الانفصال اذا تم فهو سيعني استعادة جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية تلك الدولة اليمنية المهيوبة الجانب و القليلة السكان و الكثيرة الموارد في حضرموت و شبوة و سقطرى و غيرها ما يعني ان ابناء تلك المحافظات سيعيشون بكرامة و سيادة كما كانوا في عهد اليمن الديمقراطي يضاف اليها رغد من العيش بعد اكتشاف نفط حضرموت و شبوة و سيكون هؤلاء في حالة الانفصال بعيدا عن الكثافة السكانية في الشمال..!

فيما الحقيقة هي ان الهدف هو فصل “الجنوب” عن الشمال لتمزيق و تقسيم الجنوب و احتلال سواحله و ادامة الاقتتال بين ابنائه على اساس مناطقي بعد اسقاط الهوية الجامعة بينهم و هي اليمنية، أي ان الكيانات الموعودة بالانفصال ستكون عبارة عن مشيخات متناحرة و مرتهنة للخارج و محمية بجيوش الانجليز بلا سيادة و لا كرامة و مناطق الثروة مفصولة عن مناطق العسكرة و سواحل المحميات محمية من قوى الاستعمار الغربي حيث لا سوفيت و لا دول اشتراكية و لا هم يحزنون..!

– الكذبة الكبرى الثانية هي ان الجنوب اكثر تحضرا من الشمال و بالتالي فان النزوع الى الاقتتال الداخلي في الجنوب سيكون قليلا مقارنة بالحال في الشمال الاكثر امية و الأقل تمدنا و هي احكام غير منطقية و مخالفة للواقع تماما و تبنى في الوعي الزائف على اساس الوضع السياسي لا الوضع الاجتماعي قبل الوحدة و في كل من الجمهورية العربية اليمنية و جمهورية اليمن الديمقراطية حيث كانت النزعة المشايخية المتخلفة في الشمال هي التي تسيطر على السلطة في صنعاء و تحكم مجتمعا في الشمال اكثر تعليما و تحضرا و تمدنا من حكامه المشايخ القبليين و المشايخ الاصوليين..!

و على خلاف ذلك كانت تحكم النخبة المثقفة و الحزبية و الواعية في الجنوب مجتمعا اكثر تخلفا و بدواة و قبائلية و بدائية في بعض القبائل اكثر بكثير منها في الشمال فكان ينعكس وضع السلطة الحاكمة في كل من صنعاء و عدن على المجتمع اليمني هنا و هناك لصالح التمدن في الجنوب و لصالح المشيخة و العسكرة في الشمال و ليس لذلك علاقة بتحضر او تخلف المجتمع هنا و هناك بقدر ما له علاقة بتقدم او تخلف السلطة في كلا الجمهوريتين و الا ما هو معيار الثقافة في الضالع عنها في صنعاء او في تعز. هل بعدد المؤلفات و العلماء و الموسيقيين و العمارة و الزخرفة او بعدد المتقاتلين..! و بدليل انه و ما ان اسقط الحزب الاشتراكي اليمني من رأس السلطة حتى عاد الناس في المناطق الجنوبية قبائلا و شعوبا يضرب بعضها بعضا و تحديدا في الضالع و ردفان و إلى حد ما أبين و بدت الضالع و الصبيحة اكثر قبائلية و أكثر تناحرا و أكثر تخلفا على خلاف ذلك في الشمال أو بالأصح في معظم مناطق الشمال و السبب هو خروج المشروع الوطني من معادلة القرار في تلك المناطق و ليس أي شيء أخر.

– الكذبة الثالثة و تخص أبناء الضالع أولا و إلى حد ما ردفان و بقية قبائل ما قبل المشروع الوطني و الدولة المدنية، ثانيا و هي ان جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية كان على رأس سلطتها السياسية قادة كبار من الضالع و ردفان، و بالتالي فاذا اعيد التشطير من جديد فهم من سيحكمون الكيان الانفصالي أو هم أحق بالسلطة من بقية أبناء المحافظات الجنوبية، و هذا بالضبط ما هو مغروس و هما في وعي الاخوين شلال و عيدروس و أمثالهما من قيادات الحزام الامني الاماراتي حيث يعتقدون و بغباء لا حدود لسمكه أن أبناء عدن و لحج ملكية خاصة لهم و لا ينازعهم فيها سوى أبناء أبين و إلى حد ما شبوة، و اذا ما تخلصوا من هؤلاء بعد الاستقلال عفوا الانفصال فسيحكمون عدن لوحدهم و نسي هؤلاء المداليز من مخطوفي الوعي اليوم ان القادة الكبار من أبناء الضالع لم يكونوا يحكمون اليمن الديمقراطي باسم الضالع أو بقوة و سطوة قبيلة الضالع بل باسم الحزب الاشتراكي اليمني و بمشروعه الوطني الضارب في وعي الوطنية و التاريخ اليمني، و أنهم و رفاقهم الابطال من قادوا حركة التحرر الوطني و اعلنوا دولة الاستقلال الوطني انتزاعا لها من براثن الاستعمار البريطاني.

فكيف اذا لأحد ان يأخذ مكانتهم المستحقة اليوم و هو لا يحمل مشروعا سياسيا أو وطنيا سوى مشروع الجغرافيا الجنوبية بلا تاريخ و بلا هوية..؟

و كيف سيجتمع صاحب الهوية الجنوبية المزعومة مع صاحب الهوية الحضرمية الاصيلة حيث ابن حضرموت او ابن المهرة يستطيع ان يقول لك انا حضرمي و انا امهري و انا يمني ايضا و لا تعارض بين الهويتين اطلاقا، لكنه لا يستطيع ان يقول انا حضرمي و انا امهري و انا جنوبي أيضا. اذ انه ليس جنوبيا و لا يوجد في التاريخ جنوب يضم المهرة او حضرموت فكيف تضم جغرافية الجنوب جغرافية حضرموت او المهرة و هما في شرق اليمن لا في جنوبها، أي ان الجامع لكل اليمنيين سواء كانوا في صنعاء او في عدن او في الضالع او في المهرة او في صعدة او في تهامة هي اليمنية و ليس الحضرمية او الجنوبية او الشمالية او الزيدية او الشافعية او القحطانية او العدنانية.

ثم و كيف له ان يكون رمزا وطنيا لدى كل ابناء عدن و اليمن عموما اليوم او غدا و عبر التاريخ مثل عنتر او مصلح او شايع و هو اتى مقاتلا في صفوف الاحتلال الاماراتي و من خلفه الانجليزي على خلاف رموز قادة الجبهة القومية لتحرير جنوب اليمن تماما بل على النقيض من ذلك جذريا..؟

و اذا كانت بعض الفئات الاجتماعية في ابين و الى حد ما شبوة قد تضررت من هيمنة القرار في ايدي بعض أبناء الضالع و ردفان بعد أحداث 13يناير 1986م التي ضعف فيها المشروع السياسي و الحلم الوطني بذلك الاقتتال الوحشي فكيف سيقبل أبناء المناطق اليمنية في عدن و لحج و أبين و الجنوب اليوم ان يحكمهم اناس من الضالع أو ردفان لا مشروع يجمعهم بهم سوى مشروع الجغرافيا الصراعية و كونهم من الضالع أو ردفان بعد ان فرطوا بمشروعهم الجامع و هويتهم اليمنية الواحدة و اصبحوا قبائل لا يجمعهم سوى حدود المرعى و الكلاء.

و الخلاصة كذبات ثلاث يبنى عليها دعاة الانفصال و التمزق اليوم و يجرون بعناوينها أبناء الضالع و ردفان و الصبيحة تحشيدا إلى محارق القتل و الكراهية في حرب ليست حربهم و لا هدف لها سوى عزلهم عن بقية اليمنيين بل كل شيء فيها ضدهم و على حساب وجودهم و هويتهم و استقلالهم و  كرامتهم و معيشتهم.

يبقى ان نقول بأن الضالع الحبيبة ليست عيدروس أو شلال أو الوية الحزام الاماراتية و السلفية بل هي اكبر من هؤلاء و أوسع افقا و ارحب وطنا و يمنا و تاريخا..

و هي هذه الاغلبية الصامتة التي تعرف ان الضالع مثل تعز هي عقد الوحدة اليمنية لا مخرم انفصالها كما يعرفون جيدا بأن الوحدة اليمنية هي الحقيقة الكبرى التي لا يستطيع الانجليز و لا مشيخات الخليج تجاوزها أو تغطيتها مهما كانت المؤامرة و مهما طال الزمن أو قصر.

و على هؤلاء الاغلبية تحديدا أن يوقفوا هذه الكراهية التي تثيرها ادوات الامارات باسم الضالع ضد كل اليمن شمالا و جنوبا لأنها لن تنهي احلام اليمني باليمن بقدر ما تثير و ستثير الغضب ضد من يمارسها عنفا و جريمة و تحريضا ضد بقية اليمنيين سواء في الحرب أو في السلم.

و حذاري حذاري ان ينجر الطرف المدافع عن اليمن و ضد المؤامرات الخارجية و أن يقع في فخ التحريض المضاد و اثارة النعرات المناطقية و الشطرية بين اليمنيين أيا كانت سفاهة و جرائم أدوات الاحتلال لأن الوقوع في هذا الفخ هو ما يعمل لأجله الاعداء ليلا و نهارا و صبحا و ظلالا..

للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا

لتكن أول من يعرف الخبر .. اشترك في خدمة “المستقلة موبايل“، لمشتركي “يمن موبايل” ارسل رقم (1) إلى 2520، ولمشتركي “ام تي إن” ارسل رقم (1) إلى 1416.

زر الذهاب إلى الأعلى