أرشيف

أبناء اللحظات العابرة في مقصلة النسيان!

انهم أبناء اللحظات العابرة ذنبهم أن ولدوا من لقاء عابر جمع بين ضفتين على سرير عابث فمات نهر الحياة فيهم وكانوا أبناء لحظة حيث الأمل كل الأمل في اعتراف لا مشروط بحقهم في الوجود والحياة….

هم  ضحايا العلاقات السريعة.. وجدوا على أبواب المساجد أو أمام المستشفيات…في أكياس القمامة أحيانا أو في لفة بيضاء كانت معدة لان تكون كفنا لهم  لولا التفاتة كريمة أنقذت حياتهم ؟ لكن الالتفاتة لا تكفي لان يحيوا حياة إنسانية.

إنهم الأطفال اللاشرعيون هؤلاء البؤساء الذين غيبوا تماما عن اهتمامات المجتمع! قصصهم تتكرر على مسامع الجميع.. وكثيرون منا شهد أو عايش أو سمع بقصص مؤسفة عنهم، فكانت قضيتهم كارثة تستوجب الوقوف عندها مطولا حول الأسباب والتداعيات لما تحمله من مآس اجتماعية وأخلاقية سببت دمار أشخاص ذنبهم الوحيد أنهم جاؤوا إلى الحياة نتيجة خطأ لم يكن لهم أي ذ نب فيه .

وكالعادة تغيب الإحصائيات..

في اليمن كباقي الدول العربية لم تخرج هذه الظاهرة إلى العلن وبقيت أسيرة الظل وذلك يعود إلى جملة من العوامل التي تحكم المجتمع اليمني عموما أهمها الموروث الاجتماعي للمجتمع اليمني ونظرته إلى العلاقة الجنسية غير الشرعية بين الرجل والمرأة إضافة إلى العادات والتقاليد المغروسة في بنية المجتمع والمؤثرة في قيمه وأخلاقياته.

مع الأسباب

لفوضى عصر السرعة وما تنشره من ثقافة العلاقات السريعة الاستهلاكية نصيب من الأسباب المؤدية إلى ظاهرة الأطفال مجهولي النسب إضافة إلى التربية غير الصحية للأطفال في المجتمعات العربية والتي ترتكز على الموروث التقليدي (عادات تقاليد) وما يندرج في إطاره من الفصل بين الجنسين في التعليم الإعدادي والثانوي وغياب التربية الجنسية وقمعها والتي تنشأ الكثير من الحالات المشوهة التي تلجأ لتنفيس رغبة مكبوتة إلى طرق غير مشروعة تكون النتيجة طفل مجهول الهوية والنسب.

وللفقر كلمة

بالرغم من أن ظاهرة الأطفال غير الشرعيين ليست حكرا على طبقة دون أخرى في المجتمع إلا أن الفقراء غالبا هم من يدفع الضريبة نتيجة لتردي أوضاعهم الاقتصادية، فالغلاء اقتحم كل مفاصل الحياة ومنها غلاء المهور مما أدى إلى التأخر في سن الزواج وفي حالات أكثر تعقيدا العكوف عن الزواج عند شريحة واسعة من الشباب.

وهناك الكثير من حالات الزواج المستترة التي تسبب تشريد المزيد من الأطفال منها زواج المتعة وزواج الوافدين أو ما يسمى الزواج السياحي الذي تنتهي نتيجته بأطفال يتبرأ منهم آباؤهم ولا يعترفون بنسب الطفل لهم ولا حول ولا قوة للأم كي تستمر في حمل التركة الثقيلة حتى ولو كانت التضحية بوليدها بإلقائه على قارعات الطرق.

مقصلة النسيان

مازالت نظرة المجتمع إلى الطفل مجهول النسب نظرة دونية ينقصها التفهم الموضوعي لهذا الإنسان الذي لا ذنب له سوى انه مجهول الهوية فالمجتمع لا يعترف بحقه في الوجود الطبيعي ويعامله على أنه ابن زنى وتغيب عن رؤية المجتمع كل الحقوق الواجب أن يتمتع بها الطفل غير الشرعي كما غيره وهو بهذه الرؤية يدفع فئة منه إلى مقصلة النسيان والضياع من جديد.

تساؤلات مشروعة

شكلت العلاقة الجنسية بين الرجل والمرأة على مر العصور محركا أساسيا للسلوك البشري وإذا كانت العادات والتقاليد قد أحاطتها بأغلفة سميكة معتمة فإنها لم تستطع أن تزيل دوافعها لذا كان حقا علينا أن نتساءل: أليس من دور أكثر ايجابية لمؤسسات التنشئة الاجتماعية في نشر حملات التوعية التي من شأنها الارتقاء بوعي الفرد لتهذيب دوافعه وتربيته تربية جنسية صحيحة تنجو به من الكبت الذي يزأر تحت  وطأته ؟؟

أليس من دور أكثر ايجابية للدولة في ظل اقتصاد السوق الاجتماعي الذي ينشر ثقافة الاستهلاك.

أليس من دور يعمل على مساعدة الشباب على الزواج وانقاذهم من الوقوع في براثين الرذيلة.

زر الذهاب إلى الأعلى