أرشيف

مصانع لحج..نعيم في جيوب النافذين..وخراب في بيوت البائسين!!..

لاتخلطوا الأوراق ! من قال أننا ضد الاستثمار أو ضد إنشاء المصانع المفيدة ؟ هكذا قال أحدهم وهو يحاول أن يوصل فكرته بأهمية أن تكون المصانع في المناطق الصناعية المحددة لذلك تجنبا للمتلوثات والأخطار الناتجة التي قد تضر بحياة الإنسان وممتلكاته وفي البيئة المحيطة به،متسائلا عن دور الجهات المعنية ومسئوليها في حماية المواطن مما قد يضر به؟

لحج الخضيرة

هكذا سميت قديما بـ(لحج الخضيرة ) وقال أحد الظرفاء أنها اليوم( لحج الخطيرة ) من ناحيتين لوجود الاختلالات الأمنية وكذا خطورة التلوث البيئي الذي ينبعث من بعض المصانع في المحافظة التي عرفت بأنها كانت محافظة زراعية وكانت تصدر الحبوب والفواكه إلى دول الجوار إبان حكم سلاطين العبادل ، كما رأت جامعة عدن ومنذ نشأتها أن تحوز المحافظة على استضافة كلية الزراعة إلا أن كل الاستثمارات اليوم لاتمت للزراعة بصلة وقد همشت هذه المحافظة زراعيا وقل اهتمام الدولة بها ، وأصبحت لاتنتج سوى بعض المانجو الموسمي والقصب وبعض المزروعات القليلة مثل البصل والطماطم والسمسم وغيرها بينما تناوشت أراضي المحافظة وخاصة في بعض مديرياتها( الحوطة -تبن – المسيمير – طور الباحة )عدد من المصانع التي مايزال بعضها ينفث سمومه الخطيرة على حساب الإنسان والحيوان والبيئة .

مصنع الإسفلت ( الدامر )

تم إنشاؤه في منطقة كود العبادل – لحج – مديرية تبن – عام 2006م وبدأ العمل الفعلي في عام 2007م ويتبع المستثمر سامي محمد جمعان،ومنذ بدء تشييده كانت هناك معارضة قوية لوجود المصنع من قبل المواطنين في قرى ( الصرداح – كود العبادل – المنصورة – الحبيل – الخداد – زايدة – الشقعة – بئر ناصر – العند- وعدد من القرى الأخرى تخوفا من الأضرار التي ربما يتسبب بها المصنع فتؤثر على الإنسان والحيوان والبيئة ،

صرخة المواطنين .

تم توقيع عرائض شكوى للمسئولين ومطالبات بتوقيف المصنع من قبل المشايخ والعقال والأعيان وأعضاء المجالس المحلية وعضو مجلس النواب عن الدائرة 73 ورؤساء الجمعيات والشخصيات الاجتماعية وسائر المواطنين في القرى المتضررة والقريبة من المصنع وقد رفض الجميع أن يقام المصنع بالقرب من قراهم معللين ذلك في رسالة موقعة لمدير المديرية السابق بأن المنطقة آهلة بالسكان وأن المنطقة ذات أرض خصبة وفيها مخزون هائل من المياه الجوفية وكل هذا قد يؤثر عليه أي تلوث قادم من المصنع ولكن كما يقول أحدهم أن الجهات المعنية لم تسمع لصرخاتهم ولم تعر مطالبهم أي اهتمام باعتبارهم ليسوا من ذوي الأموال ولا الجاه بينما تم الرضوخ لكل مطالب المستثمر وتم تشغيل المصنع منذ 2007م بينما صرخات المواطنين مازالت تتوالى دون أن تجد لها أي صدى في أروقة الجهات المعنية في المحافظة .

تحدي.

لم تفلح صرخات ومتابعات المواطنين في إيقاف مصنع الدامر برغم التأكيدات المتكررة في الإيقاف ، ويقدر الكثير دور مدير عام مديرية تبن السابق سعيد الرجاعي في التصدي لأضرار المصنع وكانت له جهوده التي تمثلت في مراسلاته المتكررة للمسئولين المعنيين في المحافظة ولكن دون جدوى وهو ما اعتبره المواطنون تحديا لهم وغمطا لحقوقهم بل تحديا سافرا للدستور والقانون وقالوا في إحدى رسائلهم لمدير المديرية إن استمرار العمل لإنشاء مصنع الدامر رغم كل تلك الجهود يعد تحديا واستهتارا بالأنظمة والقوانين وبحياة المواطنين وأراضيهم الزراعية وثروتهم الحيوانية وكذا عدم الاكتراث للتبعات المترتبة والأخطار المحدقة ، كما استنكر المواطنون تخاذل بعض الجهات المعنية والمسئولين، وطالبوا بمعرفة من يقف وراء عملية التسهيلات للمستثمر على حساب حياتهم وممتلكاتهم كما طالبوا بمحاسبة تلك الجهات والمسئولين وحملوهم المسئولية الكاملة في النتائج المضرة بالإنسان والحيوان والبيئة .

الشيخ الوهيبي وتهديد النافذين

أفاد الشيخ جمال عبد علي الوهيبي شيخ الصرداح- إحدى المناطق المتضررة – (الأمناء) أنه ومن خلال متابعاته المستمرة وتحركاته لإيقاف الموت القادم من التلوث البيئي من المصنع قد تلقى صعوبات وعراقيل كثيرة بل وصل الأمر أن يهدده أحدهم من خلال اتصال هاتفي تلقاه وهي رسالة له بأن يتوقف عن تحركاته في صالح المواطنين ، وأضاف الشيخ الوهيبي للأمناء : إنه لن تثنيه فرقعات الفاسدين ولاهرقطات المتنفذين وأنه سينحاز دائما إلى صف المواطن المسكين حفاظا على الأرواح والممتلكات وتأدية للأمانة الواجبة وقال : للأسف هناك مسئولون لايهمهم هذا المواطن بل تهمهم أنفسهم فقط والإثراء من المال الحرام على حساب أرواح المساكين وحقوقهم ! كما استنكر الشيخ الوهيبي في إحدى رسائله للمسئولين اكتفاء بعض الجهات المعنية بالمراسلات دون أن تضع حلولا ناجعة لهذه المشكلة ودون أن تكون هناك جدية واضحة لدى بعض المسئولين داعيا في السياق نفسه المحافظ محسن النقيب وقيادة السلطة المحلية للوقوف مع المواطن الغلبان ومناصرة حقوقه ووقف التلوث والموت القادم من بعض المصانع في المحافظة .

تواطؤ المسئولين

منذ عام 2006م بدء إنشاء مصنع الدامر كانت هناك تغييرات في مواقع المسئولين ، وتعددت مذكراتهم التي أجمعت على توقيف المصنع لكن المواطنين تفاجئوا بتشغيل المصنع مطلع 2007م دون أن يعرفوا الأسباب ، بينما يرى البعض أن كل أوامر توقيف المصنع ذهبت أدراج المسئولين وتمت صفقة غامضة تم بموجبها أن تنازل بعض المعنيين لصالح المستثمر ! وكانت إدارة الأشغال العامة والطرق في المحافظة قد وجهت رسالة بتوقيف عمل المصنع في نهاية 2006م وعمل ضبط للمستثمر لمخالفاته كما جاءت رسالة أخرى من الإدارة نفسها في 2007م تطالب النيابة بتوقيف الأعمال الجارية في موقع المصنع وإلزام المخالف بنقل المعدات من الموقع باعتبار أن استخدام الموقع يسبب أضرارا بيئية لسكان المناطق المجاورة وللأراضي الزراعية – بحسب الرسالة – وكان النائب عن الدائرة 73 صالح فريد قد صرح للأيام في 2006 م بأن مدير الاستثمار امتنع عن إعطائه أي معلومات عن مصنع الدامر الذي قال إنه يتعارض إقامته مع طبيعة المنطقة ويشكل خطرا على الإنسان والحيوان .

اشتراطات حماية البيئة

الهيئة العامة لحماية البيئة بعدن اشترطت عدة اشتراطات لتشغيل المصنع منها : ضرورة توفير خارطة للموقع وإلزام المستثمر بالاشتراطات البيئية في تصريف المخلفات بكافة أشكالها سواء عند إنشاء المشروع أو أثناء فترة التشغيل وكذا إلزامه بتوفير معدات فلتره تحمي البيئة المحيطة من التلوث والتأكد من سلامة البيئة بعد التشغيل ! وأكدت في رسالتها لمدير عام الهيئة العامة للاستثمار بمحافظة لحج أن الموقع لاتتوفر له أية خارطة تبين الموقع بدقة واعتمدوا أثناء نزولهم على المستثمر في التعريف وقالت :إن هذا قد يتسبب في تغيير موقع المصنع بحسب مصلحة المستثمر مما قد يؤدي إلى عواقب مضرة بالبيئة .

مصانع .. وبطالة

برغم تعدد المصانع في محافظة لحج إلا أن البعض يرى أن وجودها كعدمها كونها عجزت عن المساهمة في إيجاد بنية تحتية قوية للمحافظة ولم تدعم أي مشروع تعليمي أو ثقافي أو خيري ولأنها لم تخفف من طابور البطالة من خلال استيعاب ولو جزءا من الشباب الخريجين من أبناء المحافظة والذين يزدادون في كل عام ، وفي ظل هكذا وضع يظل التفاخر بإنجازات كهذه في المناسبات الرسمية من باب المزايدة وطلقات في الهواء ليس إلا حيث ماتزال بعض هذه المصانع تصدر الشرور وسائر أنواع المرض وربما الموت بينما يعز على المواطن خيرها الذي ربما يذهب لغير مستحقيه.

زر الذهاب إلى الأعلى