أرشيف

العميد الأبارة: أنادي برحيل هذا النظام الذي أهلك الحرث والنسل ولا أمل فـي إصلاحه

لو فرض عليك شرب العسل 33 سنة لمللته فما بالك بالمر والعلقم؟!
حيا ثورة الشباب وتنبأ لها بدولة مدنية وحضارية تزيح ظلام الاستبداد وعروش الفساد.. عضو محلي ريمة المستقيل من عضوية المؤتمر الشعبي العام على خلفية أعمال البلطجة التي قام بها مؤخرا، العميد أحمد الأبارة..
حاوره/ ثابت الأحمدي


* سمعنا عن تقديم استقالتك من المؤتمر الشعبي العام وأنت عضو المجلس المحلي بمحافظة ريمة.. لماذا؟


– نعم قدمت استقالتي من المؤتمر الشعبي العام احتجاجا ورفضا لأعمال البلطجة وقتل شباب الثورة اليمنية السلمية الذين يعبرون عن آرائهم بصورة سلمية وحضارية راقية وبدون أي شغب هذا بالإضافة إلى أننا قد واجهنا كثيرا جبروت الفساد وطغيانه الذي يسيطر على معظم حياتنا العامة وبحت أصواتنا منذ فترة طويلة ولم نلق آذانا صاغية، يئسنا من الدولة التي عجزت بصورة تامة عن إدارة البلاد بهذه الصورة، الفساد كان سببا رئيسيا وأبا روحيا في ظهور دعوات الانفصال، وكان قد وفر مناخا ملائما لمقاتلي القاعدة، الفساد التهم ما لا يقل عن ستة مليار دولار سنويا من أموال الشعب في الوقت الذي لا تزيد فيه موازنة اليمن عن ثمانية مليار وخمسمائة مليون ريال، مثل موازنة نادي من نوادي أوروبا، وفوق هذا يتم إهدارها بصورة مفضوحة، هذا الفساد لعب دورا كبيرا في انتشار الفقر والبطالة وأحدث أزمة بين الأمة والدولة، لأن الدولة اختزلت مهامها في حماية شلة من الفاسدين، وتركت مهامها الرئيسية التي تتمثل في حماية مصالح الأمة ومقدراتها، ومن هنا بدأت المشكلة، كنا نحاول أن يخرج المؤتمر من هذه الدوامة ويخرج الفساد من بين صفوفه وأن ينحاز إلى الشعب، لكن ذلك ما لم يتم، فقررنا الاستقالة من المؤتمر الشعبي العام.


* هذا عرض لما هو موجود، أريد جوابا أوضح لسؤالي..


– لا أدعي أننا سنهد أركان المؤتمر بهذه الاستقالة، لكننا نعبر عن عدم رضانا عن السياسة التي يدير بها الحزب شئون الدولة، ولكيلا نظل شهود زور لما يجري.


* ذكرت قبل قليل الثورة.. أية ثورة تقصد؟


– ثورة الشباب السلمية التي نشهد أولى فصولها اليوم وهي ثورة جبارة لا نستهين بها، ثورة ستنشر معها ثقافة حضارية جديدة عالية الرفعة والشموخ، هذه ثورة لا تحمل السلاح، ثورة تشهد فيها أبناء مأرب والجوف والبيضاء وعمران لا يحملون سلاحا، وإنما يحملون المسطرة والقلم ويحملون أصواتهم، وهذه هي الثورة بكل ما تعني الكلمة من معنى.


* هل ثمة تشابه ما بين هذه الثورة وبين ثورتي تونس ومصر قبلها؟


– لا شك أن هناك تشابها كبيرا والثورات اليوم متشابهات ومتتابعات على مستوى الساحة العربية، ثوار اليوم يقولون للاستبداد والفساد ارحل لا مكان لك بيننا، شباب اليوم ينظرون من نافذة الانترنت إلى العالم فيشاهدون عالما مضيئا بالأنوار، وينظرون إلى أنفسهم فيجدون ذواتهم في بدرومات مغلقة ومظلمة، ومن بدأ تمردهم على أنظمة الفساد والاستبداد والقمع، التي عاثت كثيرا ولكن قبل ثورة الاتصالات والانترنت، أما اليوم فصعب أن يستمر هذا الوضع، وعلى الأنظمة أن تدرك هذه الحقيقة وتسلم بها، فلا داعي للمكابرة.


* أنت تم انتخابك عضوا في المجلس المحلي على أساس انتمائك الحزبي ألا تعتبر خطوتك هذه خيانة لجماهيرك؟


– لا أعتقد أن هناك أي شخص في الجماهير يرغب في بقائه في المؤتمر الشعبي العام، وأقول لك: أنت لو بقيت تشرب العسل ثلاثة وثلاثين عاما لمللته وكرهته، فما بالك وأنت تتجرع الصبر والعلقم طوال هذه الفترة؟!


* القيادة السياسية تقول إن الأمور تمام والوضع تحت السيطرة، وما يحصل زوبعة في فنجان من قبل شلة لا يمثلون الشعب؟


– هذه المكابرة سمعناها منذ فترة منذ بداية المطالبة بالحقوق في المحافظات الجنوبية، وكانت تلك المشاكل صغيرة جدا وكان بإمكان السلطة حلها بتكلفة أقل لولا أنهم استهانوا بها ليدفعوا ثمنها غاليا اليوم ولا نزال نسمعها، أتكلم اليوم عن وضع استثنائي كان بإمكان السلطة أن تحل المشاكل من وقت مبكر أما اليوم وقد تراكمت فقد أصبح الوضع صعبا جدا وارتفع سقف المطالب وتغيرت الأمور، والخطير أن السلطة ليست مؤهلة لحل أي مشكلة اليوم أبدا..


* كأني بك تنادي بإسقاط النظام بدلا عن إصلاحه كما هو الشأن عند البعض؟


– أنا أنادي برحيل هذا النظام الفاسد المتعفن الذي أهلك الحرث والنسل ولا أمل في إصلاحه.


* غلبت عليك النزعة التشاؤمية وسيطر اليأس؟


– الذي لم يصل إلى مرحلة اليأس من هذا النظام فأنا أشك في قواه العقلية والنفسية!! الحقيقة بينة وواضحة.


* لكن هناك قوى على الساحة تسعى إلى ذلك؟


– ما يطرحه الإخوة في أحزاب اللقاء المشترك حقيقة لا يرقى إلى مطالب الجماهير الساحة، الجماهير سبقت أحزاب اللقاء المشترك الذين جاءوا متأخرين، وأصبحوا الآن لا يستطيعون حل المشكلة حتى لو اتفقوا مع السلطة.


* من يمسك بالزمام الآن؟


– شباب الثورة هم من يمسك بالزمام اليوم.. أحزاب اللقاء تحكمهم عقلية قديمة لا زالت مستسلمة للماضي والشباب تحكمهم عقلية الحاضر وهم يرنون إلى المستقبل، أملي الكبير في ثورة الشباب التي أتوقع لها النجاح الكبير التي ستصل إلى إرساء دولة النظام والقانون، دولة تتوفر فيها المساواة والعدالة بين جميع أفراد الشعب وتنتفي من بينها صورة المناطقية والقبلية والعشائرية، دولة تحقق التنمية وتجفف منابع الفساد.


* ماذا لو أقدم الرئيس خلال الأيام القادمة على إصلاحات سياسية جذرية؟


– شخصيا لا أرى أن النظام القائم صالح لأي خطوة إيجابية مستقبلية، بقاء النظام مشكلة وليس حلا، والمرحلة تتطلب نظاما جديدا بكل ما تعني الكلمة.


* رئيس الجمهورية دعا إلى حوار، وقال اطرحوا مطالبكم على الطاولة؟


– الدعوة جاءت متأخرة، كان لا بد للرئيس ومن بجانبه أن يدركوا الأزمة من وقت مبكر، ومنذ بدأت التحذيرات من الداخل والخارج ولكنهم لم يستشعروا الخطر فتجاهلوا الشعب حتى وصل الأمر إلى ما هو عليه اليوم.


* أنت أشهر عضو مجلس محلي بمحافظة ريمة ولم نسمع لكم عن تظاهرة أو اعتصام أو احتجاج على الفساد في المحافظة الذي أنتن الأرجاء أكثر من أي محافظة في الجمهورية؟


– لقد بحت أصواتنا ونحن نصرخ من الفساد، وقد وصلنا إلى الرئيس نفسه، وطرحنا له قضايا الفساد في المحافظة ووعدنا بتغيير المحافظ إلا أن ذلك لم يتم، ومن يومها شعرت بالإحباط وباليأس، وبأن الفساد ممنهج ومنظم.


* أليس من حقكم قانونا عزله ومحاسبته؟


– القوانين تؤكد على حق المجالس المحلية فيما ذكرت لكن لا يعمل بها البتة، ولا يعمل لا بها ولا بغيرها، النظام يسير بشكل فوضوي والدستور والقانون ما هو إلا يافطة للحديث عنهما فقط.


* خفتت أصوات الانفصال مؤخرا في الجنوب وانضمت كثير منها إلى ساحات التغيير والحريات المطالبة برحيل النظام بم تعلل ذلك؟


– الجنوبيون وحدويون أكثر من غيرهم ولم ترفع أصوات الانفصال إلا مؤخرا بعد سلسلة طويلة من النهب والسلب والتحقير ومصادرة الحقوق، فلما شعروا بأن هناك ثورة حتى أعلنوا انضمامهم إليها وهذا يؤكد على أن اليمنيين كلهم وحدويون.


* طيب أنت تقول بإسقاط النظام وتغييره البتة، أين البديل؟


– الشعب هو البديل وهو صانع السلطات واليمن بخير، وفي هذا الشعب رجال وشباب قادرون أن يحكموا قارة بأكملها ناهيك عن اليمن.


* واللقاء المشترك؟


– اللقاء المشترك جزء من العملية ومن التغيير، وجزء من المرحلة وليسوا كل شيء.


* مؤخرا قام الرئيس بزيارات ملفتة لكثير من القبائل المحيطة بالعاصمة ما دلالة هذه الزيارة التي لفتت الأنظار إليها كثيرا في الداخل والخارج؟


– هذه الزيارة هي محاولة لتحفيز القبائل وتجييشها ضد الشعب، ولكن هذا السلوك أصبح الرهان عليه غير مجد إطلاقا لأن القبائل تدرك اليوم أين تكمن مصلحة اليمن. وكان على الرئيس أن يدرك أن القذافي خرج بداية المظاهرات في ليبيا محمولا على رؤوس كثير من مناصريه، ولكن ما أن انفجرت الأزمة حتى تغير الناس كلهم ضده، وها هو اليوم لا يستطيع الخروج من بيته! وأصدقك القول أنه لا يوجد شخص في اليمن حريص على هذا النظام غير شلة الفساد.


* هناك معتصمون مع الرئيس في خيام التحرير كما تعرف وآخرون في ساحة جامعة صنعاء؟


– المعتصمون في ميدان التحرير مع الرئيس معتصمون مقابل ما يدفع لهم من الأموال، وستجدهم غدا ينضمون إلى المعتصمين في ساحة الجامعة، لأن المعتصمين في التحرير لا يعبرون عن قناعاتهم الحقيقية هؤلاء معتصمون بالأجر اليومي، وأولئك معتصمون من أجل قضية وشتان بين الفريقين وقد شاهدنا من بينهم مجاميع تنضم إلى المعتصمين في الجامعة، وعندما تأخر عليهم الغداء ذات يومهم صاحوا: الشعب يريد إسقاط النظام!! فماذا تتوقع من هؤلاء؟ بينما المعتصمون في الجامعة يتقاسمون رغيف الخبز الواحد.


* ما ذا لو تم البدء في حوار سياسي جديد بين المشترك والرئيس بشأن إصلاحات سياسية جديدة؟


– لا أعتقد أن ثمة وقتا لإجراء مثل هذا الحوار، وما على النظام إلا أن يؤمن ويسارع إلى تسليم السلطة سلميا للثوار دون قيد أو شرط، وليس هناك من حل غير هذا.


* كلمة أخيرة؟


– أدعو كل شرفاء اليمن إلى الوقوف بحزم إلى جانب هذه الثورة الشبابية السلمية الرائدة والالتحاق بها.

نقلا عن صحيفة الاهالي

زر الذهاب إلى الأعلى