معارضة اليمن تشكك بوساطة الخليج
حامد عيدروس-صنعاء منذ أن بدأ الخليجيون وساطتهم منذ أكثر من شهر، والمبادرة الخليجية تراوح مكانها بين قبول ورفض وتعديلات.
المبادرة بنسخها الأربع جاءت -كما يرى مقدموها- لتحدث انتقالا سلميا للسلطة في اليمن بعيدا عن العنف، إلا أنها وكما قالت المعارضة انتقلت إلى باريها حين رفض الرئيس اليمني علي عبد الله صالح التوقيع عليها، وأُصدرت لها شهادة الوفاة حين أعلنت قطر انسحابها منها.
وأوضح عضو المجلس الأعلى للقاء المشترك الدكتور عبد الله عوبل أن اللقاء المشترك وحلفاءه يعتبرون أن المبادرة الخليجية قد انتهى وقتها، وأكد أن المعارضة قد التحمت بالشباب وأصبحت جزءا من الساحة وأن الأمور باتت تتجه باتجاه التصعيد الميداني حتى يسقط النظام.
وأضاف للجزيرة نت أنه كان من الواضح للمعارضة أن الرئيس لن يوقع على المبادرة، وهو يستخدمها لكسب الوقت، لكن المشترك أعطى فرصة للمجتمع الدولي وللخليج لكي يتأكدوا فعلا أن صالح غير مستعد للتنازل عن السلطة.
وعن زيارة أمين عام مجلس التعاون الخليجي المرتقبة لليمن أكد عوبل أنها لا تعني المعارضة في شيء، وأضاف “باستطاعة المسؤول الخليجي زيارة الرئيس، لكننا أوضحنا أن المبادرة الخليجية أصبحت في حكم الميتة”.
وسيط غير نزيه
وعن سبب فشل المبادرة رأى عوبل أن المعارضة كانت تظن أن الخليج وسيط نزيه يسعى لحل الأزمة، لكنه اتضح من خلال التعديل الأخير الذي أُجري على المبادرة أن الخليجيين وقفوا إلى جانب الرئيس، وهو أمر لا تجد له المعارضة تفسيرا إلا أن السعودية تسعى لإجهاض الثورة باليمن.
وأفاد عضو المجلس الأعلى للقاء المشترك بأن السعودية ربما أرادت تكريس نموذج ثوري فاشل في اليمن لكي تهدد مواطنيها من عواقب الثورة كما يهدد الرئيس صالح اليمنيين “بالصَوملة”.
واضاف أن موقف حكومات الخليج باستثناء قطر أصبح واضحا، حيث أن تلك الأنظمة التقليدية لا تريد أن تتحالف مع ثورات أو تنتصر لثورات الشعوب بالوطن العربي، “فهي أنظمة شمولية لا تؤمن بالديمقراطية والمعارضة تتوقع منها أن تستمر في دعم صالح”.
من جهته أفاد أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء الدكتور محمد الظاهري بأن الثورة اليمنية قد قامت بمحيط إقليمي غير ثوري، وقال ” يبدو أن السعودية لا ترغب في أن تنجح الثورة السلمية في اليمن لأنها ستشكل سابقة ثورية على حدودها”.
وأكد أن السعودية واقعة “بين نارين”، فهي من جهة تريد أن يكون هناك استقرار في حدودها الجنوبية حفاظا على أمنها، ومن جهة أخرى ترى أن الاستقرار باليمن لا يجب أن يحدث عبر نجاح الثورة.
وأكد الظاهري أنه رغم قرب السعودية كثيرا من الشأن اليمني، “إلا أنها وسيط غير نزيه لحل الأزمة، وعلى اليمنيين ألا يراهنوا كثيرا على الموقف الإقليمي والدولي لحل أزمتهم”، معتبرا تلك العوامل، عوامل مساعدة، وعامل الحسم الداخلي هو ما سيحدث التغيير لا غيره.
مراوغة الرئيس
وفي تفسيره عن سبب تذبذب صالح بين الموافقة والرفض على المبادرة، أوضح الظاهري أن “مربط الفرس” في هذا كله هو أن صالح غير مهيأ نفسيا أو سياسيا لترك السلطة، وأن غياب الضغط الخارجي عليه سواء من طرف الخليجين أو الأوربيين والأميركيين هو ما يستقوي به النظام للبقاء.
وقال إن النظام يبني قراراته بناء على معطيات داخلية، فإذا أحس أن هناك تصعيدا وأن الأمور ميدانيا تتجه في غير صالحه سارع إلى قبول المبادرة، وكلما قلت حدة التوتر الداخلي يبادر النظام للتمسك بشرعيته الدستورية، ويقوم بافتعال أزمات مع الوسيط الخليجي والمعارضة لعرقلة أي اتفاق.
مؤكدا أن شروط نجاح المبادرة بنسختها الرابعة غير متوفرة، خاصة في ظل استمرار سقوط الشهداء، معتبرا أن الوساطة وفرت لصالح غطاء لاستخدام العنف ضد الشباب بالساحات.
وأشار الظاهري إلى أنه وحتى في حال التوقيع على المبادرة فإن فيها من التفاصيل ما هو كفيل بإفشالها، فهي حسب وصفه “مليئة بالأفخاخ”، كما أشار لوجود تباين كبير بتفسير بنود المبادرة بين السلطة والمعارضة وحول رفع الاعتصام وهناك احتمال لعدم التمكن من تشكيل حكومة وحدة وطنية.
شكرا قطر
من جهتهم عبر شباب الثورة بهتافاتهم في جمعة الحسم أمس عن شكرهم لدولة قطر لانسحابها من المبادرة الخليجية وهو ما اعتبروه مساندة للشعب والثورة وفاضحا لتحايل النظام وعدم جديته بالرحيل.
ودعا شباب الثورة قوى المعارضة للملمة أوراقها سريعا لأن الفترة الماضية التي قضتها بالمبادرات وفرت للنظام فسحة لكي “يلتقط أنفاسه ولكي يناور ويقاتل”، موضحين أن المعارضة ما زالت تتحرك في إطار إصلاح النظام السياسي وليس في إطار تغيير النظام، وهذا ما اعتبروه منافيا لقيم الثورة.
وشكر الشباب قوى المعارضة على فضحها صالح أمام المجتمع المحلي والدولي، لكنهم طالبوا المشترك وحلفاءه بسرعة الالتحاق بشباب الثورة في إطار إسقاط النظام وليس إصلاحه، وألا يبالغوا في الفصل بين الحالة السياسية والحالة الثورية.
المصدر:الجزيرة