حشود قبلية مناصرة لصالح تحيط بالعاصمة للزحف على مخيم الاحتجاج
تظاهر مئات آلاف المحتجين اليمنيين أمس في 17 مدينة للمطالبة بـ«التصعيد الثوري»، وإسقاط نظام الرئيس علي عبدالله صالح، الذي احتشد عشرات الآلاف من أنصاره بالقرب من قصره الرئاسي، جنوب العاصمة صنعاء، لتأكيد دعمهم ما أسموها بـ«الشرعية الدستورية»، في إشارة إلى أحقية صالح في استكمال ولايته الرئاسية الحالية والأخيرة حتى سبتمبر 2013، فيما حذر الحزب اليمني الحاكم ائتلاف المعارضة من مغبة التمادي في العنف، وسط أنباء عن حشود قبلية موالية لصالح تحيط بالعاصمة صنعاء، وتعتزم الزحف نحو مخيم الاحتجاج الشبابي المناهض للنظام.
وأدى أنصار الحركة الاحتجاجية الشبابية المناهضة لصالح، والمتواصلة منذ يناير الماضي، صلاة الجمعة في ساحات عامة، مرددين هتافات منددة بالنظام الحاكم، ومطالبة بـ«التصعيد الثوري» و«الحسم الفوري». وهتف المتظاهرون، الذين تجمعوا في شارع الستين الشمالي، شمال غرب العاصمة صنعاء، وسط إجراءات أمنية مشددة من قبل القوات العسكرية المنشقة، «يا صنعاء ثوري ثوري.. نحو القصر الجمهوري».
وهتف المتظاهرون الذين جابوا شوارع مدينة الحديدة الساحلية (غرب) «يا الله يا جبار.. اسقط علي وبشار»، وهتافات حماسية أخرى تطالب بـ«الحسم» وإسقاط نظام الرئيس صالح، الذي يحكم اليمن منذ أكثر من 33 عاماً. كما طالب المحتجون الشباب في مدينة مأرب القبلية (شرق)، «المجلس الوطني لقيادة الثورة السلمية»، المشكل الشهر الماضي، بسرعة الحسم، وهتفوا: «ليبيا بدأت تبني أفضل دولة.. واليمن باقي آخر جولة».
وفي مدينتي تعز وإب (وسط)، طالب المتظاهرون بإسقاط نظام «العائلة»، في إشارة إلى أبناء وأقارب الرئيس اليمني، الذين يتولون قيادة المؤسسة العسكرية والأمنية في البلاد، في حين ذكرت مصادر صحفية معارضة أن المحتجين المعصمين في مدينة ذمار، 99 كم جنوب صنعاء، أزالوا آخر صورة لصالح في المدينة.
كما جابت شوارع مدينة صعدة (شمال) مسيرة حاشدة لأنصار جماعة الحوثي المتمردة، نادت بـ»مزيد من التصعيد السلمي لمواجهة تعنت النظام ومراوغته»، حسبما أفاد بيان صادر عن المكتب الإعلامي للجماعة المتمردة في شمال اليمن منذ عام 2004. وشدد البيان على ضرورة «رفض المبادرات الخارجية»، معتبرة أن أي تعامل مع هذه المبادرات سيكون «خيانة وطنية».
بالمقابل، احتشد أنصار الرئيس صالح في ميدان السبعين، القريب من القصر الرئاسي، في إطار ما أسموها بـ»جمعة حب اليمن أولا». ورفع المتظاهرون صور الرئيس صالح والعاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز، والأعلام الوطنية اليمنية والسعودية، ولافتات كتب عليها شعارات مؤيدة لما وصفوها ب»الشرعية الدستورية».وأكد المتظاهرون، الذين كانوا يهتفون «الشعب يريد علي عبدالله صالح»، «يا الله يا الله.. أحفظ علي عبدالله»، ولائهم للنظام الحاكم «القائم على الشرعية الدستورية». وانتقد خطيب صلاة الجمعة، في ميدان السبعين، الداعية الإسلامي اليمني أكرم الرقيحي، الانقسام الذي يعاني منه المجتمع اليمني، مشيرا إلى أن «البعض» يدفعون الشباب المعتصمين «نحو التهلكة» بالخروج عن النظام الحاكم والدعوة إلى «الحسم الثوري». ودعا جميع الأطراف المتصارعة إلى إنهاء التمزق والتشرذم الذي يعاني منه اليمنيون، محذرا من عواقب «سفك المزيد من الدماء».
ويشهد اليمن، منذ مطلع العام الجاري، اضطرابات وأعمال عنف متصاعدة على خلفية الاحتجاجات المناهضة والمؤيدة للرئيس صالح، الذي يتعافى السعودية من إصابته البالغة في هجوم غامض استهدف قصره الرئاسي بصنعاء، في الثالث من يونيو الماضي. وتشهد صنعاء إجراءات أمنية مشددة من قبل القوات العسكرية والأمنية الموالية والمناوئة للنظام، خصوصا في ظل استمرار انشقاق اللواء علي محسن الأحمر، قائد المنطقة العسكرية الشمالية الغربية والفرقة الأولى مدرع، الذي يسيطر فعليا على المناطق الشمالية الغربية من العاصمة اليمنية.
وذكر موقع إخباري يمني إلكتروني، مقرب من السلطة والحزب الحاكم، أن «الآلاف من أبناء القبائل اليمنية تحيط بالعاصمة صنعاء محملة بمختلف الأسلحة». وأشار الموقع، الذي يملكه الزعيم القبلي والقيادي في الحزب الحاكم الشيخ محمد ناجي الشايف، إلى أن رجال القبائل المؤيدة للرئيس صالح تعتزم «الزحف إلى ساحة الاعتصام» الشبابي قبالة جامعة صنعاء، من أجل «تأديب» من أسمتهم بـ»أعداء الوطن والشرعية». ويخيم الآلاف من رجال القبائل المسلحة المناصرة لصالح، منذ شهور، على مرتفع «عصر» المطل على صنعاء من جهة الغرب.
وتزامنت هذه الأنباء مع تحذيرات أطلقها حزب المؤتمر الشعبي الحاكم لأحزاب «اللقاء المشترك» المعارضة «من مغبة التمادي في العنف والمراهنة على تفجير» الوضع عسكريا. وقال الناطق الرسمي باسم الحزب الحاكم طارق الشامي، في تصريح صحفي، إن الحكومة «لن تقف مكتوفة الأيادي (..) في مواجهة مظاهر العنف والفوضى»، مشيرا إلى أن المعارضة لجأت حاليا إلى التصعيد والتهديد بالفوضى والعنف «للتغطية على مظهر العجز والفشل»، حسب قوله.
وحذر الشامي من «محرقة جديدة للشباب تعد لها القيادات المغامرة والمتشددة في المعارضة على غرار المحارق السابقة»، في إشارة سقوط قتلى من المدنيين إثر تظاهرة شبابية زحفت باتجاه مقر رئاسة الوزراء في ابريل الماضي. وقال: «رجال الأمن في خدمة الشعب، وهم مجتمـــعين لن يسمحوا للمشترك أن يعبث بالأمــن والســـكينة العامة»، مجددا في الوقت ذاته دعوة الحزب الحاكم لـ «العقلاء» في أحزاب المـــعارضة، «إلى تغليب مصلحة المجتـــمع على مصالح الأفراد»، و«الاحتكام للحوار والتـــوافق الوطني للخروج من الأزمة».
المصدر : جريدة الاتحاد