أرشيف

اليمن… حكومة وفاق فوق رمال متحركة

لأول مرة منذ 33 عاماً تؤدي حكومة يمنية اليمين الدستورية في القصر الجمهوري بصنعاء، مطلع الأسبوع أمام نائب الرئيس، في ظل تواجد الرئيس علي عبد الله صالح. وفيما اعتبر سياسيون ذلك بداية لعهد جديد يتوارى فيه الرئيس، الذي ظل ممسكاً بجميع مفاصل الدولة لعقود، عن المشهد السياسي، أكد اخرون، أن بقاءه يثير مخاوف كبيرة وهو خطر داهم على عملية انتقال السلطة في ظل استمرار ابنائه وابناء اخيه في مواقع عسكرية هامة كالحرس الجمهوري والامن المركزي.

ويعترف القيادي في اللقاء المشترك وعضو المجلس الوطني للثورة الشعبية السلمية، علي الصراري “بأن صالح لا يزال الى الآن رئيساً شرفياً ولكن يجب ذهابه بصورة كلية، لأن اليمن لن يستقر الا بذهابه بصورة كلية”.

ومما يؤكد ما ذهب اليه الصراري، تصاعد وتيرة الانفلات الامني حيث ظهرت حوادث أمنية متفرقة كعمليات تفجير انبوب نفط، اختطاف خمسة مهندسي نفط في “مأرب” شرق العاصمة، (هنديان واثنان يحملان الجنسية الاوزباكستانية)، في محاولة من إحدى القبائل للضغط على السلطات للإفراج عن مساجين من أبنائها منذ العام 1997، كما قال المهندس اليمني المختطف احمد غيلان السروري في اتصاله مع موقع “الانتقاد”، إضافة الى فرار سجناء من سجن المنصورة بمدينة عدن، ينتمون للقاعدة، ما اعتبره مهتمون، أن أيادي صالح الخفية وراء هذا التصعيد لإرباك حكومة باسندوة.

ونقلت مصادر أمنية أن “بعض عناصر القاعدة الفارين يدعى غودل محمد صالح ناجي، متهم بالسطو على 100 مليون ريال من البنك العربي في عدن في العام 2009 بينما يحاكم آخرون بتهم تتعلق بتنفيذ عمليات اغتيال استهدفت ضباط مخابرات وتفجيرات واقتحام مبنى الامن السياسي بالعاصمة الاقتصادية والتجارية.

وذكرت وكالة “اسوشيتدبرس” نقلاً عن مسؤول في السجن “أن السجناء فروا صباح الاثنين عن طريق حفر نفق صغير يبلغ طوله 45 مترا في الجهة الغربية للسجن”. وهي العملية الثانية لفرار عناصر خطرة منذ شباط 2006، عندما هرب 23 سجينا ينتمون للقاعدة من سجن المخابرات في صنعاء بينهم قياديون في التنظيم، واتُهمت حينها سلطة صالح بتسهيل فرارهم من اجل ابتزاز الغرب.

وفي وقت لاحق اعلنت الاجهزة الامنية القبض على 6 من عناصر تنظيم القاعدة الفارين بينهم سعودي. كما نقلت يومية “الأولى” عن مصدر قضائي “أن عملية الفرار تمت بتواطؤ أمني، بيد أن سياسيين يرون أن توقيت الهروب في مرحلة تسليم حقيبة الداخلية للمعارضة، يبعث برسالة للعالم بأن تنظيم القاعدة لا يزال قويا في اليمن”.

وبناءً عليه فإن الحكومة تسير على رمال متحركة، ورثت تركة ثقيلة من الفساد المالي والاداري، ووضعا اقتصاديا منهارا على وشك السقوط، وترديا في نواحي الحياة كافة، وانتهاكا سافرا وفاضحا لحقوق الانسان، حيث وعد الفريق المعارض المشارك في الحكومة، بفضح كل الانتهاكات وفتح الزنازين والاقبية التي انشئت للثوار والمعارضين.

وفي هذا الصدد، كشف تقرير حقوقي الأحد في صنعاء عن 398 حالة انتهاك لحقوق الانسان خلال شهر تشرين الثاني/ نوفمبر المنصرم، بلغ عدد ضحاياها 400 ضحية في مختلف مناطق اليمن، وقد تصدرت السلطات الامنية التابعة لنظام صالح المرتبة الاولى في استهداف شباب الثورة وأنصارها.

وتعتزم اللجنة التنظيمية للثورة الشبابية الشعبية الإعلان عن قائمة سوداء بجميع من اسمتهم “المتورطين بانتهاكات حقوق الإنسان من المدنيين والعسكريين والمسؤولين الحكوميين”، محذرة من التورط أو التواطؤ مع جريمة الإفلات من العقوبة تحت أي مسمى.

ودعت اللجنة التنظيمية كافة المنظمات والهيئات الإنسانية والأممية للبدء في الإجراءات الفعلية لتقديم رموز نظام الرئيس علي عبد الله صالح إلى محكمة الجنايات الدولية، ومنعهم من السفر وتجميد أرصدتهم المالية، باعتبارهم مرتكبي جرائم بحق الإنسانية.

وسجلت محافظة تعز، طبقاً للتقرير الحقوقي الذي نفذه الملتقى الوطني لحقوق الانسان بالشراكة مع الصندوق الوطني للديمقراطية، أعلى المحافظات بوقائع الانتهاكات حيث بلغ عدد الوقائع التي تم رصدها (173) واقعة انتهاك تليها محافظة صعدة بعدد (31) واقعة، وتوزعت بقية الانتهاكات على بقية المحافظات بنسب متقاربة.

اما الجهات المتركبة لهذه الانتهاكات فقد احتلت المرتبة الأولى السلطات الأمنية بعدد 230 حالة، وفي المرتبة الثانية المسلحون المجهولون والعصابات المقاتلة، تليها مراكز القوى والمسلحون القبليون والمتنفذون ثم اجهزة الدولة.

باسندوة الى الخليج طلباً للدعم والمراقبون يخشون تدخلات سعودية

ويولّي رئيس مجلس الوزراء اليمني محمد سالم باسندوة، وجهه شطر قصر اليمامة بالرياض، في أول زيارة مرتقبة له، بعدها الامارات، لطلب العون الاقتصادي لحكومة الوفاق الوطني التي تتهددها صعوبات اقتصادية، بعد ان قدر اقتصاديون نسبة ما فقده اليمن منذ اندلاع الثورة في شباط الماضي بين 10 و12 مليار دولار.

ويتوقع أن تقوم السعودية بمخاطبة الدول والمؤسسات الإقليمية والدولية المانحة للوفاء بتعهداتها السابقة تجاه اليمن في مؤتمر المانحين، اضافة الى ضخ مساعدات اقتصادية للحكومة قدّرتها مصادر في حكومة الوفاق الوطني بقيمة ملياري دولار كمرحلة أولى في خطة تستهدف دعم جهود الحكومة الهادفة إلى معالجة المشكلات الاقتصادية. ما يعني وفق معارضين بداية رحلة البترودولار والارتهان لإملاءات الخليج ومبادرته التي تعد مؤامرة ضد الشعب اليمني وثورته.

واعتبر مراقبون محليون، أنه رغم الالتزام الخليجي بدعم اليمن وفق المبادرة الخليجية، الا أن هناك ارتياباً وقلقاً من تدخلات سعودية تتجاوز الجانب الاقتصادي الى الاملاءات السياسية، وفرض وصاية على اليمن وثورته، وخاصة ان الرياض تملك خيوطا بين الاطراف المؤثرة في اليمن.

زر الذهاب إلى الأعلى