فضاء حر

أبعاد زيارة مجلس الأمن المرتقبة لليمن

يمنات

أثار إعلان رئيس الجمهورية عن زيارة مرتقبة لأعضاء مجلس الأمن الدولي, ونيتهم عقد جلسة على الأراضي اليمنية, أثار الكثير من التكهنات والتحليلات, خصوصاً أنه لا توجد أحداث جسيمة أو مفصلية تستدعي هذا التداعي الدولي إلى اليمن في هذا التوقيت.

ومما يجعل الزيارة أكثر إثارة للجدل, أنها لم تأتِ بناءً على دعوة رسمية للمجلس من اليمن أو من الجامعة العربية ليناقش أزمة ملحة أو حدثاً هاماً, في سابقة تاريخية هي الأولى من نوعها على مستوى العالم.

وقعت أحداث جسيمة وحروب كبيرة وأزمات حادة في الشرق الأوسط خلال السنوات والعقود الماضية, ولم يفكر مجلس الأمن بعقد جلسة في المنطقة, بل إن الشرق الأوسط ومنذ أكثر من 60عاماً "تاريخ إنشاء الكيان الصهيوني" هو محور الأحداث والصراعات والحروب الأكثر إثارة لاهتمام العالم, ومع ذلك لم يفكر مجلس الأمن في عقد جلسة في المنطقة.

سيكون اجتماع مجلس الأمن الدولي المتوقع في صنعاء, هو التاسع الذي يعقده المجلس خارج مقره بنيويورك في تاريخه, والخامس منذ عام 1952, فقد عقد المجلس في بدايات الأمم المتحدة اجتماعا في لندن 1946م وفي باريس ثلاثة اجتماعات في 1948و 1951و 1952, وفي كينيا عام 1994.

كل تلك الاجتماعات- خصوصاً المنعقدة بعد العام 1952– كانت مقرونة بأحداث ومشاكل وأزمات كبيرة, وكانت معلنة الأهداف وبدعوات رسمية من منظمات إقليمية أو من دول متضررة من تلك الأزمات.

لكن الإعلان المفاجئ عن الاجتماع في اليمن, وأن يأتي الإعلان من الرئيس اليمني, دون أن يثار الموضوع في اجتماعات علنية سابقة لمجلس الأمن, فأن له دلالات خاصة أبعد من موضوع الأزمة الداخلية اليمنية ودعم الرئيس هادي.

باعتقادي أن الهدف الرئيس من الاجتماع المرتقب لمجلس الأمن في اليمن هو تدشين النظام العالمي الجديد, الذي تفقد معه الدول طوعاً- خصوصاً دول العالم الثالث- سيادتها الوطنية لصالح السيادة الدولية المتحكمة فيها بشكل أساسي الولايات المتحدة, وإن كانت بقية الدول الأعضاء في مجلس الأمن تحصل على بعض الفتات من ذلك النظام.

بما أن الاجتماع المرتقب هو أول اجتماع في دولة عربية وإسلامية, ويأتي بعد ثورات الربيع العربي التي واصلت الكثير من تيارات الإسلام السياسي إلى السلطة, فتلك رسالة أخرى للعالم ولشعوب المنطقة, مفادها أن الجميع تحت السيطرة وأن الحكومة الجديدة أكثر تعاوناً مع النظام العالمي وأكثر استعداداً وتقبلاً للسيادة الدولية, وأن الثورات العربية هي ثورات نابعة من أزمات اقتصادية وليست تحررية, وكون تلك الحكومات أتت بانتخابات ديمقراطية او بتوافق واسع- كما في اليمن- بعيداً عن التسلط الذي كان يقوم به الحكام السابقون, فإن معنى ذلك أن الشعوب نفسها بدأت تتقبل السيادة الدولية على حساب السيادة الوطنية, وبالتالي فذلك إعلان وفاة- عند المرحبين بتلك الوصاية- للشعارات الوطنية أو الأممية الإسلامية منها أو العربية الرافضة للوصاية الأجنبية والتي كانت ترفعها بعض تلك التيارات.

كما أن هناك أهدافا ثانوية للزيادة تخص اليمن, منها التأكد على اهتمام المجلس بإنجاح التسوية السياسية الخليجية المدعومة دولياً, وتوجيه رسالة لكل الأفرقاء في اليمن أن هادي يحظى بثقة المجتمع الدولي ويجب تنفيذ كل قراراته, إضافة إلى ما سبق فإن هناك رسالة- أمريكية- لإيران وحلفائها في الداخل, مفادها أن اليمن هي الخاصرة الرخوة لدول الخليج النفطية, وسواحلها ومضيقها تحديداً يمر عبره جزء مهم من نفط وتجارة العالم, وبالتالي فإن لها أهمية خاصة لدى أمريكا, وتعتبر منطقة نفوذ حصري خاص بها, ولن يسمح لإيران بأي تواجد.

ما سيتغير بعد زيارة مجلس الأمن لليمن هو صيغة القرارات الجمهورية, فبعد أن كانت تستند على المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية, يمكن أن تضاف ديباجة جديدة تحتوي على عبارة: (وبناء على قرارات مجلس الأمن الصادرة في نيويورك والقرار رقم … الصادر في صنعاء قرر…….)).

عن: الأولى

زر الذهاب إلى الأعلى