أخبار وتقارير

في عدن .. الفيس بوك يجمع رضوان وندى وشقيقتها تسرقه منها قبل أيام من الزفاف

المستقلة خاص ليمنات
من خلف شاشة الكمبيوتر الصغيرة وجد رضوان نفسه عاشقاً تعتصره تناهيد اللوعة وتقرع أنامل الشوق أبواب قلبه المسكون بأشجان الغرام بعد أن وجد من يبادله عبارات الحب الرقيقة ويشاركه أحاديث الهوى والهيام عبر نافذة الدردشة في الفيسبوك..
بأنامل ناعمة وحروف تتقاطر رقة وعذوبة ومشاعر أنثى تبحث عن الرومانسية والعاطفة وجد رضوان نفسه يندفع كالسيل في وادي أحلام ندى التي أخبرته من البداية أنها تسكن في عدن مع أسرتها وأن أصلها من تعز وقد وجد العاشق الولهان بعد مزيد من الأخذ والرد أنه ورفيقة أحلامه أبناء منطقة واحدة في ريف الحجرية تعز وأن قريته لا تفصلها سوى مسيرة ساعتين على الأقدام عن قريتها الريفية التي هجرتها منذ زمن ولا تعود إليها مع أسرتها إلا في أحيان نادرة من الأعياد والمناسبات..
هكذا بدأت الحكاية دردشة على النت ولكن تلك الدردشة كانت بمثابة الشرارة التي أضرمت نيران الحب والغرام بين رضوان القادم من الحالمة تعز وبين لؤلؤة ساحل عدن ندى التي لم تمانع في إعطائه رقم جوالها الخاص بعد أن طلبه منها وأخبرها بأنه عاقد النية على التعرف عليها عن قرب بقصد الارتباط فقد أسرت لبه وسبت أحاسيسه بسحر كلماتها الرنانة وبات يبادلها مكالمات الساعات في أوقات متأخرة من الليل لدرجة أن صار يصرف كل محصوله اليومي في شحن الرصيد ولم يقف به الاندفاع المجنون نحو أعماق بحر الغرام عند هذا الحد بل صار يرسل لها حوالات بمبالغ نقدية عبر شركات الصرافة وكل ذلك وهو لا يعرفها ولا يربطه بها غير خيط الرسائل والمكالمات التي لا تكاد تنقطع..
اجتاحت عواصف الأشواق عالم الشاب رضوان وهزت رعود الشجن سماء أيامه فبات يحمل النسيم المسافر رسائل الهوى العاجلة ومع صدى همسات ندى الحانية عبر سماعة الهاتف لم يعد يحتمل مرور المزيد من الوقت وصارت الدقائق تجلده بسوط الانتظار وبعد أن فاض الكيل عقد العزم على التقدم خطوة نحو الأمام وأخبر معشوقة خياله بأنه سيأتي لزيارتها في عدن بعد أن اتفق معها على المكان والزمان فطارت فرحاً وراحت ترحب بمقدمه وتبارك خطاه التواقة لميعاد عناق قادم..
من تعز انطلق رضوان ذات صباح ندي كخيال وجه معشوقته الرقيقة ندى وباتجاه عدن حزم حقائب الشوق والحنين ومضى يتخيل وجه تلك الفتاة التي بادلته الحنان وهي لا تعرفه راسماً خيالاته صوراً على صفحة الطريق الإسفلتي الممتد جنوباً عبر الراهدة وكرش ولحج وعقب ثلاث ساعات فقط وجد نفسه يقف على ساحل صيرة حيث أخبرته ندى بأنها ستأتي لمقابلته هناك.
وقف رضوان يجيل النظر عله يرى ندى هنا أو هناك على طول الساحل.. لم يراها فأمسك بجواله واتصل بها ليخبرها بأنه قد وصل إلى المكان الذي اتفق معها على اللقاء فيه فأجابته بعبارات الترحاب الحار وزفت إليه البشرى بأنها ستخرج إليه فوراً طالبة منه أن يمهلها مسافة الطريق فقط..
سارعت ندى تتزين وتضع ما أسعفها الوقت بوضعه من الماكياج والروائح استعداداً للقاء برضوان المنتظر على أحر من الجحيم فوق صخور الشاطئ.. وبعد أن تعللت لوالدتها بأنها ستذهب لزيارة خالتها وأنها ستتأخر ولن تعود إلا في المساء خرجت واستقلت الباص متجهة نحو رضوان الذي عرفته من بعيد وقبل أن تصل إليه وذلك من خلال صورته التي تحتفظ بها في جوالها الخاص والتي حصلت عليها من صفحته بالفيسبوك..
تقدمت نحوه بخطى يغمرها دلال الأنثى وبكلمات الحب الجارف استقبل كل منهما الآخر.. طاب اللقاء وتشابكت البنان بالبنان وتهادت المشاعر منسابة على الشفاه وأخذت نشوة الوصل العاشقان عالياً في فضاءاتها الواسعة.. وفي معزل من ركن الساحل اختار الاثنان مكان جلوسهما المحروس بنوارس البحر وكان أول طلب يطلبه رضوان من ندى أن تكشف البرقع وتريه ما تخفيه خلفه.. لقد كان يريد أن يتخلص من عذابات المقارنة التي باتت تشغل خياله بالسؤال ترى هل ترى يكون وجه ندى جميلاً كصوتها العذب الذي أيقظ بواعث الشجن في أعماق وجدانه وجعله يعزف موسيقى الحنين.. ووسط مشاعر الخوف من أن يخذله الخيال لم ترد طلبه وسارعت بكشف وجهها لتذهله بسحر جمالها الفتان وتأسره بسجن الحواجب والرموش.. غرق رضوان في لجة محيط الدهشة فلم يكن يتوقع أن تكون ندى فعلاً بذلك المستوى من الجمال لأنه عندما كان يسألها عن أوصافها في مكالماته الهاتفية كانت تقول له أنها عادي مثلها مثل أي فتاة أخرى..
وبعد أن رأى رضوان ما رآه من حسن ندى المبهر لم يستطع الصبر على براكين صدره المتدافعة فقام من مكانه مباشرة وأخبرها بأنه يريد الذهاب إلى والدها ليطلب يدها منه رسمياً وصارحها بأن آخر شيء كان يريد التأكد منه هو أن يرى وجهها وقد تفاجأ بأنها أجمل مما توقع بكثير.. بطريقة دبلوماسية حاولت ندى امتصاص حماس عاشق جمالها المندفع رضوان وأقنعته بالتروي قليلاً فلا يعقل أن يتم كل شيء هكذا فجأة وبهذه السرعة وطلبت منه أن يمهلها فرصة على الأقل لتخبر أهلها بالموضوع وتأخذ رأيهم ومن جانب آخر تعطيهم وقتاً كي يتعرفوا عليه كما أكدت له بأنها لم تأخذ الوقت الكافي لتقرر بعد فساعة لقاء واحدة لا تكفي لتحكم أو تحدد إجابتها بالموافقة أو الرفض..
بالكاد استطاعت ندى إقناع رضوان بصرف النظر عن فكرة الخطوبة من أول يوم ولتخرجه من جو الجد أعادت إسدال البرقع على وجهها ورغم أنه حاول منعها من ذلك إلا أنها تعللت له بخشيتها من أن يراها أحد من المعارف والأهل وهي معه وقالت له هكذا أحسن وأضمن لي ولك وأخذته بعدها في جولة لتطوف به على طول سواحل عدن كما شاركته تناول الغداء في أحد المطاعم السياحية الفاخرة قبل أن تعود لمضغ غصون القات إلى جواره في ذات المكان المعزول الذي التقت به عنده في الصباح..
ومن جديد عاد رضوان إلى تلك الزاوية القصية من الساحل ليطالب ندى بكشف البرقع كي يملأ عينيه من حسنها قبل أن يودعها طاوياً بساط السفر بالعودة صوب تعز وبحماسة شاب فقد السيطرة على حواسه ودون تفكير أنهال عليها ليقبلها ويضمها بكل رقة وحنان وهي تحاول التملص منه بكل ما أوتيت من حيلة وبعد أن تحررت من أحضانه أخبرته بأن وقت الوداع قد حان وأنها يجب أن تعود إلى المنزل فالوقت المسموح لها به قد أنتهى..
لم يكن رضوان يريد أن تغادر ندى ولكن ماذا يمكن أن يفعل هي في النهاية ستتركه وتذهب شاء ذلك أو أبى.. بخطى متثاقلة ودع العاشق معشوقته الساحرة ودموعه تمطر خديه وتعميه عن رؤية درب العودة إلى الحالمة تعز وقبل هذا وذاك كان قد اتفق معها على مهلة شهر واحد كي تخبر أسرتها بالأمر وتتأكد من حقيقة شعورها تجاهه وأكد لها بأنه سيعود لإتمام الخطوبة بعد شهر.
لم يكن شيء أمر على رضوان من تجرع علقم الانتظار وبشق الأنفس أكمل الشهر جر أذياله ليتنفس المستهام الصابر الصعداء ويعد أموره للانطلاق بعد أن جاءه الجواب من عدن بالموافقة على شرط أن ينقل عمله ويقوم باستئجار شقة في مكان قريب من سكن أسرة حبيبة القلب ندى وبمنتهى السرور الذي ملأ جو منزل ندى تمت الخطوبة وتحدد موعد الزفاف السعيد الذي اشترط والد ندى أن يتم في البلاد بحكم أن العريس من نفس منطقتهم ولا تبعد قريته كثيراً عن قريتهم..
وفي مدار البهجة أكمل الشوق دورته وأثمر ربيع الحب في مدى الأحلام ويوماً عن يوم صار رضوان أكثر استقراراً بعد أن نقل عمله إلى عدن وأصبح يرى ندى باستمرار ويذهب لزيارتها إلى منزلها بين الحين والآخر وخلال تلك الزيارات المتفاوتة بدأت شقيقة ندى الصغرى سلوى تترصده بنظراتها المريبة وتحاول لفت نظره بحركات الغنج والدلع وتتعمد جذب انتباهه إليها.. مرت فترة وهو يحاول تجنبها ويتظاهر بعدم الفهم ولكن سلوى لم تترك له مجال للبعد عن مرماها وتفاجأ بها في آخر المطاف تأتي إليه في مكان عمله لتخبره بأن شقيقتها ندى تريد مقابلته في المنزل لتناقش معه بعض الترتيبات الخاصة بحفل الزفاف وأكدت له أن والدتها تنتظره لنفس الغرض فما كان منه إلا أن ترك العمل من يده واتجه خلف شقيقة خطيبته صوب المنزل..
لم يكن رضوان يدرك أن سلوى تدبر له مكيدة وأن الحسد قد أعمى عينيها عن رؤية مصلحة شقيقتها الطيبة ندى فمشى بقدميه إلى الفخ.. فتحت سلوى باب المنزل ودلفت إلى الداخل ودخل رضوان ورائها فسارعت إلى إغلاق الباب بالمفتاح وأخفته ثم هرعت لترمي جسدها في حضن رضوان وتخبره أنها تحبه بجنون وتحلم بلهفة أنفاسه وبدموع التماسيح كتبت له فوق خديها بأنها هيمانة وستموت في سبيل عشقه.
تلفت رضوان يميناً ويساراً عله يرى أو يسمع أحداً ولكن دون جدوى لقد كان المنزل فارغاً ولا يوجد به أحد غير سلوى وهو فعرف أنها اختارت الوقت المناسب وجرته إلى الفخ.. هرع نحو الباب ولكنه وجده مغلقاً بالمفتاح فدارت الأرض من حوله ولم يدر ماذا يفعل خصوصاً عندما سمع صوت طرقات على الباب لحظتها أخرجت سلوى المفتاح من مخبئه ورفعت صوتها بالصراخ وهي تفتح الباب لتصور لوالدتها القادمة من الخارج بأنها تعرضت للاغتصاب من قبل رضوان الذي تسمر كالعمود في الصالة..
تعالى صراخ سلوى وتلتها والدتها ولم يعد لدى رضوان الفرصة ليبرر موقفه أو يشرح حقيقة ما حدث ولم تمر سوى لحظات حتى جاء والد سلوى بعد أن اتصلت به زوجته وأخبرته بما رأت ودون أخذ أو رد حضر بأعصاب منهارة وأمر رضوان أن يصلح غلطته ويعقد قرانه بسلوى ما لم فسيكون له تصرف آخر..
قبل رضوان مرغماً بما حكم به عليه القدر واستبدل ندى بسلوى وتم الزفاف الحزين على عجالة وسط مشاعر استياء من الجميع ولم يفلح العريس حتى بإخبار خطيبته وحبيبة قلبه السابقة ندى بحقيقة موقفه وأنه مظلوم فكل محاولاته لإيضاح الحقيقة باءت بالخيبة لأن ندى لم تعد تصدقه أو ترى فيه غير صورة الذئب المخادع والخائن الغشاش الذي وأد كل ذكريات الحب وأحلامه الطاهرة..

زر الذهاب إلى الأعلى