أخبار وتقارير
عشاق كتموا سر الهوى وفضحتهم بنات الشوق الجارية على صفحات الخدود..
المستقلة خاص ليمنات
عندما تخرس الألسنة وتتحدث الآهات والدموع
في أحايينكثيرة يكون الصمت أبلغ تعبيراً من الكلام خصوصاً إذا تعلق الأمر بموضوع الحب والغرام ولا شيء يفوق بلاغة الصمت تعبيراً عن مكنون ما تحتويه الجوانح من عواطف وأحاسيس سوى لغة الدمع والآحات.. من هذا المنطق ومن روضة زهور الحميني سنقتطف بكف الحرمان يانع زهر ما أروته دموع العشاق والمحبين ونقرأ بعين المتأمل ترجمة سطور ما خطته أنامل الوجد بحبر المدامع المنسابة على صفحات الخدود.. وبعيداً عن حسابات الزمان والمكان سنشاهد كيف بذل البعض غاية ما يألوا من جهد في سبيل كتم سر الهوى المدفون بين الحنايا خشية عيون الناس وألسنتهم فجاء الدمع فجأة وفضح كل الخبايا والأسرار.. وللمحبين حدس أعرف يقيناً أنه لا يمكنني في هذا المقام أن أشرح لهم معه ما معنى أن يقف المرء مصلوباً عوده أمام من يحب ويعجز عن التعبير عن مشاعره ولو بلغ من الفصاحة مبلغ المتنبي وفي ظل عجزه الكامل لا يجد من وسيلة غير دموع الحب ونظرات الإعجاب والانبهار.. بالضبط هذا ما سنعيش تفاصيله الجذلى في ثنايا التالي من السطور..
صفوان القباطي – [email protected]
عن عريب بوادي المنحنى يسأل هبة الله ابن سناء الملك نسيم السحر في بداية المطاف مستطرداً في شرح ما لاقاه من مرارات الجوى ومظهراً قلة الحيلة في كتم ما أفشته دموعه الثرثارة..
وا نسيم السحر هل لك خبر.. عن عُرَيْبٍ بوادي المُنحنى
فارقوني ولم أقضي وَطَر.. من لقاهم ولا نلت المنى
قلت يا قلب صبراً ما صبر.. والنبي ما الهوى إلا عَنَا
ما كتمت الهوى إلا ظهر.. من شهود المدامع والضنا
وكيف يطيق كتم الهوى من ذاب قلبه كالشمع على حرارة لهيب الغرام.. الأمر أقرب ما يكون إلى الاستحالة في رأي جملة العاشقين وعلى رأسهم أبو بكر المزاح المتوجه لحبيبه بمضمون هذا الخطاب..
ليس تعلم ما بقلبي يا حبيب.. إن قلبي فيه ما فيه
وفؤادي ذاب من حر اللهيب.. من يساعدني ويطفيه
سادتي يا ساكنين عنَّا قريب.. الهوى ما طقت أخفيه
ما تزوروا صبَّكم ذاك الكئيب.. وتقولوا الله يعافيه
ومثله عبدالهادي السودي الذي حل معشوقه ربا نجد وأقعده انعدام الجهد وفقدان الحيلة مقعد الحيران الذي لا يطال من مرام التعبير عن وضعه أكثر من ترديد الآهات وذرف الدموع..
قد حَلْ من أهوى ربوع نجد.. وانا الغوير
ما حيلتي يا اهل الهوى وجهدي.. جهدي حقير
مالي شفيع الا عظيم وجدي.. ذاك لي نصير
والدمع من فوق الخدود أربع.. جاري سكوب
ولحيدر آغا رشا شارد لا يرتع غير حشاشة المهج ولا يشرب سوى معتقات الدموع ومن كان هذا حال معشوقه فهيهات أن يقوى على الكتمان.
رشا وِرْده الأعيان ومرعاه في الحشا..
هواه حَلْ مني في السويدا وانتشى
وهيهات يخفى فيه عشقي وقد فشى..
وباحت دموع العين بما كنت أكتمه
والمؤكد أنه لا شيء يستدعي غيوم دموع العشاق وبروق لواعج أشواقهم أكثر من وحشة ليالي البعد والافتراق وأول شاهد على صدق القول شاعرنا المفارق المشتاق يحيى إبراهيم جحاف..
الشوق أعياني.. يا قرَّة الأعيان
والبين أوطاني.. مواطئ الأشجان
فدمع أجفاني.. من فرقتك ألوان
أضحى بأوجاني.. كالدُّر والمَرْجان
وفي واقع الأمر من ذا الذي فضحته دموعه الغزيرة في بعاد الأحبة أكثر من ضحية الإقامة القسرية في بلاد العدين الشاعر علي بن محمد العنسي الذي انبرى مخاطباً أحبته من قلب أفياء وادي الدور..
احبتي بعدكم والله جفاني هجوعي..
وجرح مقلتي يا احباب جاري دموعي
آح واحسرتي منكم وآح يا ولوعي..
كل ذا من جفاكم ليت يا ليت لا كان
ويعرف شاعرنا القاضي العنسي جيداً حقيقة الفرق بين العاشق الحق والمدعي تماماً بقدر معرفته بأن المفارق المستهام مهما حاول فلن يملك من الصبر ما يمنعه عن ذرف الدمعة أو يجعله يفكر ولو مجرد تفكير بأن يتردد في مساجلة بلابل الأغصان بالغناء والنوح.
ما وقفتك بين الكثيب والبان.. ولفتتك حول النقا ونعمان
إلا ولك بين الخيام أشجان.. فاشرح هواك إن كنت صَبْ ولهان
عليش تكتم عشقتك على مَهْ.. تخفي الهوى والحب له علامة
دموع تجري مثلما الغمامة.. وطول حرقه وسهاد أجفان
وللإحساس بمقدار الألم الذي تجرعه الشاعر إسحاق يوسف حنظلاً من ألسنة العواذل واللائمين دعونا نخوض في سياق هذه الأبيات الدامعة التي جاءت معبرة عن واقع الحال في غربة الخل البعيد..
يا بعيد المحلة وقلبي لك حِلال.. إن غيرك حبيب ما حلالي
ميَّلوا قلبك الناس عن ودِّي فمال.. آه ما للعواذل وما لي
لا تظن أن عهد الوفا والود حال.. إن حالي على العهد حالي
كيف تصدِّق سلوِّي وهذا الدمع سال.. كذب أنه يسيل دمع سالي
ويتحسر المحب الهائم أكثر ما يتحسر على سوء حظه التعيس في ظل معاندة خله وقسوة دهره وكثرة عذاله.. تماماً كما هو حال المتيم عبدالكريم إسحاق الذي لطالما أطلق تأوهاته الملتهبة رعوداً في سماء غدر الأيام..
آهي على قلبي الذي أسعفا.. واصبحت له في الحب آسر
وآه على دمعي الذي كم سفا.. من فوق خدي كالمواطر
وأنت يا بادي بهذا الجفا.. إفعل بنفسك ما انت آمر
دنيا تنفَّس لك عليها العفا.. والله عليك شاهد وناظر
وعادنا شارعى شروط الوفا.. واكون في الحالين صابر
شاكون في الخاطر أحبك خفا.. وشاتركك للناس ظاهر
شاعز نفسي يا عُذيب الشفا.. والصبر محمود الأواخر
ويضعنا حبيس وحي إلهام المدامع القاضي عبد الرحمن الآنسي على حافة الختام مؤكداً لنا في السياق إخفاقه الذريع في حبس دموع الأسى التي لولاها لما عرف العاذلين بسر ما يغتلي في أعماقه من براكين ومبدياً في الأول رغبته العارمة في التنفيس عن روحه المكتئبة بالبكاء والانتحاب.. تصوروا..
شبكي ومثلي لا يُلام إن بكى.. عذري لأهل اللَّوم واضح
واحل من غرب الدموع الوكا.. واسقي بها غادي ورايح
واساجل الورقا لعل البكا.. يطفي الجوى بين الجوانح
قد كنت لا أبكي وقلبي معي.. واليوم قد فارق ضلوعي
وما لصبري عن وصاله وجود.. ما زاد بقى الا الشوق عندي
ولاح ما بي للعذول والحسود.. وقد كتمت الحب جهدي
لولا بنات الشوق فوق الخدود.. لم يعلم العاذل بوجدي
طوَّلت يا عاذل فما تدَّعي.. قصِّر فأنِّي لست أوعي
وكما هو معهود قد يفرط البعض من قساة القلوب وفقراء الإحساس في لوم المحب وعذله حسداً من عند أنفسهم وابن شرف الدين أقدر من يتكفل بالرد على تقولات هؤلاء ومن سلك دربهم.
كم أكاتم عذاب قلبي والغرام الدخيل.. قلب هائم وطرف لا يهجع وليلي طويل
يا لوائم كفُّوا ملامي وارفقوا بي قليل.. كم وكم طاح في الحب قبلي من متيم ولوع
يعذلوني ويسخروا بي ما دروا ما الشجون.. يحسبوني شاصدِّق ان قالوا هواها جنون
يا عيوني كفّي دموعك باح سرِّي المصون.. دمعها ساح حين غرَّد القمري رخيم السجوع
ما على الناس مني وما عني يقول العذول.. ما عليه باس يقول عشق ليلى وهام في الطلول
شارشف الكاس وادخل حماها لو يموت العذول..واسجد ان لاح لي حسنها واهوي إليه بالركوع
ولحمام البان المبتلية بالنوح منذ الأزل يصف ابن شرف الدين طوابير أسئلته الحائرة في محاولة منه لمعرفة سر نواحها ومستوضحاً منها حقيقة ما إذا كان الدافع لديها هو نفسه ذاك الذي أشجاه.
حُميِّمه باتت تردد الحان.. تبكي فتبكيني بدمع شنَّان
فقلت بالله وا حمامة البان.. عليش تبكي من بكى فله شان
لا تكتمي بالله وا حمامة.. وحدثيني ذا البكا على مَه
أنتي عسى في الحب مستهامة.. مثلي تشاكينا الهوى والاشجان
قُبَل مستحية على شفاه خجلان.. يغازل بطرف احور
ويفتر عن جوهر.. نبت في عقيق احمر
عجب منطقة يسحر.. كما تسحر اعيانه
وما نغمة المزهر.. سِوَى رجعة الحانه
أموت كلّما عربد.. عليَّا بسُكْر التيه..
وأحيي إذا غرَّد.. وغنَّى بشعري فيه
وما أحلاه إذا أنشد.. وصوت الحيا يخفيه
وما أرحمه تحْمّر.. إذا أنشد اوجانه
• القاضي محمد بن شرف الدين
لو شاهد الخل بدر التّم أرخى قناعه.. من خجلته وافتتن
أغن أرعن رخيم النطق حالي البراعة.. له في السويدا وطن
• السمرجي
الهجر يومين ثلاث أمَّا ثمان.. ما بعدها يا حبيب إلا الجنان
أمان يا جنة احلامي أمان.. هل من يحبك يكون هذا جزاه
إذكر كم ايام عشناها سَوَى.. سكرت فيها بحبك والهوى
ورغم سُكُري فؤادي ما ارتوى.. ظامي ولا حد سواك يروي ظماه
إفتح لقرب اللقا باب الأمل.. واقدم أنا افدي حياءك والخجل
فالقلب لك بيت والمهجة محل.. وأنت مصدر وجودي والحياه
• عبدالله هاشم الكبسي
هات الشهود العدول.. شاقول آخر وصيَّة..
شاموت ساكت خجول.. وافوت من غير ديَّة
• عبدالله عبد الوهاب نعمان
عروسنا بين الحُلِي.. لا واللواحظ تبتلي..
إتعوَّذي ألا بسملي.. مُحَوَّطة لا تخجلي
• عبدالحميد الشائف
أشتي أحاكيك ولكن مستحي.. وكلما القاك بنظره أكتفي
وحين تغيب يا حبيب عن ناظري.. يضيق حالي وتنهال أدمعي
• علي عبدالله السمه