فضاء حر

نائب الرئيسين الذي لم يصبح أبداً رئيسْ

يمنات
كنتُ أتساءل اليوم: أين الرئيس؟ أين عبدربه منصور هادي؟
حضرموت تحترق، والمحافظات الجنوبية الأخرى أيضاً لا تقضي وقتها تحت حمام بارد. أين الرئيس؟ أين عبدربه منصور هادي؟
“علي عبدالله صالح يجري اتصالات مكثفة مع وجهاء وأعيان حضرموت لاحتواء الأوضاع هناك”، قالت قناة “اليمن اليوم”! فقلت بيني وبين نفسي: “هل ما يزال صالح هو الرئيس؟ هذا ما كان يفعله صالح حين كان رئيساً قبل 2011، يجري اتصالات هاتفية مع الأعيان والوجهاء لاحتواء الأوضاع في مناطقهم”.
وبصرف النظر عما إذا كانت طريقته تلك وكل طرقه في الحكم خاطئة أو صائبة، فإن هذا ما كان يفعله كرئيس. يحاول أو يزعم أمام الشعب القيام باحتواء الأحداث الكبيرة من قبيل “هبة حضرموت”! أو يسافر إلى المناطق المضطربة (التي كان يغذي اضطراباتها هو طبعاً)، كانت هذه غالبا طريقته في التصرف كرئيس أمام الشعب.
“لكنْ، لِمَ يتجرأ صالح الآن على التصرف كرئيس أمام الشعب في ظل وجود رئيس آخر هو عبدربه منصور هادي؟”، تساءلت. وسرعان ما أتاني الجواب من قناة اليمن الرسمية، في الخبر الرئيسي والأول من نشرة أخبار الثامنة مساء.
كان خبر تعزية من الرئيس هادي في وفاة إحدى الشخصيات النضالية اليمنية (رحمه الله).
الحمد لله، الرئيس هادي موجود، وأهم نشاط قام به اليوم وفقا لنشرة الثامنة هو “التعزية”!
الحمد لله، الرئيس هادي موجود، وهو ما يزال يقوم بمهامه أمام الشعب على أكمل وجه، أقصد مهامه ك”نائب رئيس” طبعاً، وليس ك”رئيس”! فهذا ما كان يقوم به كنائب للرئيس السابق علي عبدالله صالح قبل انتخابات فبراير 2012، كانت التعازي والتهاني المحلية من اختصاصه. فلماذا ما يزال يوليها كل هذا الاهتمام بعد أن اصبح رئيس؟ أو بعبارة أخرى، لماذا ما يزال يتصرف ك”نائب رئيس” حتى بعد أن أصبح الرئيس؟
لا أدري السبب..
لكن النتيجة هي أن علي عبدالله صالح سيجد الباب مفتوحاً أمامه في غياب الرئيس للتصرف كرئيس أمام الشعب!
القصة ليست أن علي عبدالله صالح يتجرأ على التصرف كرئيس، القصة هي أن عبدربه منصور هادي لا يتصرف كرئيس على الإطلاق.
إنه يتصرف كنائب رئيس فقط. أو بالأحرى، وحتى لا نغمطه حقه: هادي ليس نائب رئيس واحد، إنه نائب رئيسين: نائب رئيس سابق هو علي عبدالله صالح ونائب مستشاره الحالي علي محسن الأحمر. وفي الحالين، لا يبدو أن جديدا طرأ على نيابته الرئاسية المزدوجة هذه، فهذا ما كان عليه الحال كما يبدو قبل رئاسته.
في مقابلة معه أجرتها رحمة حجيرة لقناة “اليمن اليوم”، قال طارق الفضلي إن علي عبدالله صالح قال له قبل 2011، حين كان ما يزال رئيسا، إن عبدربه منصور هادي ليس نائبه بل نائب علي محسن! الفضلي أورد هذا على لسان صالح في سياق التدليل على أن العلاقة وثيقة بين هادي وعلي محسن، أو بتعبير أدق: للتدليل على أن ولاء هادي لعلي محسن كان أكبر من ولائه لصالح حينما كان الأخير رئيسا وهادي نائبه، حينها، كان هادي نائب علي محسن، بحسب تعبير صالح.
ويبدو أنه ما يزال نائبه حتى الآن. وليس في هذا الكلام من تجنٍّ، فهذا ما لم يعد بحاجة لسرد شواهد، إنه على الأقل ما يقال اليوم على نطاق واسع في اليمن، لأنه ما يُرَى ويلاحظ أكثر فأكثر يوماً بعد يوم منذ تولي هادي رئاسة البلاد.
إذن، كيف يشعر هادي أنه رئيس؟
على الأرجح أنه يحسبها على هذا النحو:
نائب رئيس سابق+ نائب رئيس ظل= رئيس.
لكن نائب الرئيس في اليمن لا يساوي نصف رئيس على الإطلاق ولا حتى ربع رئيس، ويبدو أنه لا يصبح رئيساً أبداً حتى لو جمعناه مع رؤساء الأرض كلهم ولاسيما حين يكون هذا النائب هو عبدربه منصور هادي.
من حائط الكاتب على الفيس بوك

زر الذهاب إلى الأعلى