فضاء حر

ماذا أقول لك يا أبي في الذكرى الأولى لرحيلك!

يمنات
20 ديسمبر 2013 م هو اليوم الذي خسرت فيه والدي المرحوم صالح محمد حيدان بعد أن عانا وتجرع مرارة الحياة، وبعد نضال طويل لأجل الجمهورية، وتحقيق الوحدة اليمنية، رحل والدي يتيما من أي رعاية أو اهتمام من رفاق السلاح أو رفاق النضال، أو حتى من رفاق ما بعد تحقيق الوحدة، لا أستطيع أن أقول أو أكتب عنك يا والدي إلا سطور قليلة منقوشه بحبر المعاناة وبقلم الأوجاع، لتكون شاهده على ظلم الرفاق للرفاق، و على المحاباة التي أصبحت سائدة في حزبك الذي ناضلت وضحيت بأولادك لأجله،.
آه لو تعلم يا أبي كم من الرفاق كتبوا عنك وكم من القيادات سألت عن أولادك وأسرتك أو تلمست همومهم ومعاناتهم، ولكني لن أخبرك بهذا الوفاء السراب كي لا أقلق راحتك، ولن أخبرك أن فراغا كبيرا قد تركته لنا، أو أولاد عاطلين عن العمل قد فارقتهم مجبرا، كي لا تراهم وتتوجع بعد أن توجعت على مشروع وحدة وطن رأيته قد بدأ في التمزق.
أنا يا أبي لا أريد أن أخبرك إلا بأوضاع سياسية قد تغيرت بعد أن كنت لا تصدق أو تحلم بأنها ستتحقق، فقد أوحيت لي كثيرا أن لا تقدم لليمن في ظل وجود ديناصورات وفيلة جاثمة على صدورنا، ولكن أوجاعك وآلامك التي كسبناها من نضالك وورثتها لنا قد أصبحنا اليوم نحسها ونتجرعها بمرارة وألم، فيا ليتك صمدت قليلا لتشعر بسعادة وفرحة رحيل هذه الديناصورات والفيلة، لتفرح معنا و لتبشرنا بشيء من الأمل الذي كنت تفتقده في آخر حياتك النضالية.
نم يا أبي قرير العين ونحن سنتحمل ما عانيته وما ذقته من آلام النضال ومكر الرفاق، ولن نتخلى عن مشروعك والطريق التي قد سلكتها لأجل يمن ينعم بالأمن والاستقرار، وسأظل أرثيك وحيدا عسى أن أخفف من آلامي وأوجاعي التي ورثتني إياها، سأتذكر قساوة الأربع السنين التي عانيتها بدونك، وسأعيد الشرح لأولادي كيف كنت أتخيل صورتك وأنت بعيدا عني، ومخفي عنا في سجون نظام صالح، وسأخبرهم كيف كنت تصنع أشعة للشمس وترسم حمامة السلام وأنت في غرفة مظلمة تحت الأرض تودع بين لحظة وأخرى رفيق لك ترك بطانيته وشخابيطه كشاهد على حقد و دموية ذاك النظام، وذكريات هذا الشهيد التي نقلتها لنا بحرقة وألم ودموع تتساقط و كأني أراها الآن وأشعر بها تبلل قميصي.
الرحمة لروحك الطاهرة ولأرواح رفاقك الذين ودعتهم وأنت في سجنك المظلم، والتمنيات لصحوة ضمير رفاقك، والصبر لأسرة كل شهيد ومخفي.

زر الذهاب إلى الأعلى