فضاء حر

عن تونس والربيع العربي

يمنات
في اكثر من مقال سابق اشدت بتجربة تونس في اطار انها عمليا تجربة مقبولة دون عنف ودون فوضى تستهدف تدمير الدولة مثلما يحدث في اليمن وليبيا وسوريا والى حد ما في مصر.
ومن هنا عندما نقول تجربة تونس ليس لأنها الافضل والمثال بل لأنها دون عنف وهذا يكفي لان من يعيش واقع اليمن دون كهرباء اربع سنوات وعنف متنقل في كل المدن وفوضى عارمة سيدرك ما ارمي اليه..
وهناك مظهرين اثنين في تجربة تونس فاعلية جديدة شكلت خارطة سياسية وحزبية متجاوزة للسابق ظهرت في نداء تونس الذي يجمع الكثير من رموز بن علي من الاثرياء والعسكر والامن وقيادات دولة ثم قليل من الشباب.
وهو امر غاب في اليمن فلم تتشكل خارطة سياسية جديدة ولا ظهر حزب جديد يستقطب طيفا من الفاعلين في الساحات بل ظل المشهد جامدا في احزاب تقليدية رغم فشلها السياسي وبؤسها حزبيا ووطنيا.
ثم في تونس اظهر اسلاميوها -النهضة- براجماتية فيها شيء من العقلانية – ((غياب العقلانية نهائيا من الاسلاميين في اليمن)) مع العلم الاسلاميين دوما لهم ممارسات براجماتية بل وذرائعية- فلم يتشددوا في نصوص الدستور وقبلوا التعايش والشراكة مع رموز وقيادات من الحزب السابق وقبلوا بقواعد اللعبة الديمقراطية (لعبة فيها الشكل اهم من المضمون) ولعبوا بذكاء في دعم المرزوقي في الجولة الاولى وهو دعم غير كامل ثم سحبوا اعضائهم من دعمه في الجولة الثانية والفارق بين المرزوقي والسبسي يزيد قليلا عن خمسمائة الف صوت حصل عليها المرزوقي في الجولة الاولى وغابت عنه في الجولة الثانية لأنها ذهبت الى منافسه السبسي..
ومع الاقرار بحيوية المجتمع المدني في تونس الا ان المال السياسي ورموز النظام السابق هم الاكثر حضور في المشهد من خلال تغيير في الشكل والصورة بما يلائم طبيعة المرحلة هذا الامر غائب في اليمن تماما وغائب في مصر حيث الاقرار بالتغيير مع السيسي الا ان غالبية رموز حكمه امنيا وعسكريا وسياسيا هم رموز النظام السابق-مبارك- ومع الانتخابات البرلمانية القادمة سيكون غالبية البرلمان للرموز السابقة التي تسيطر على دوائرها بالمال والولاء الجهوي وشراء الاصوات.
ومع الاقرار بغياب الشباب التونسي عن الانتخابات لهيمنة النخب التقليدية وتحالف السلطة والمال غاب الشباب اليمني عن الفاعلية السياسية نظرا لتسليمهم بأمر التغيير للأحزاب والنظام بل وذهبوا للدفاع عنهم كما تجلى في شباب موفمبيك.
وهنا تبقى اليمن غير قادرة على اظهار تجربة جديدة في النشاط السياسي العقلاني نظرا لانتهازية القيادات الحزبية وسيطرة وكلاء الخارج على مسارات العمل السياسي وضعف القوى الشبابية لعدم وجود تنظيم حزبي يعبر عنها ولوجود غالبية شعبية صامتة انهكتها الازمة ومعاناة البحث عن لقمة العيش..
أخيرا لن يكون هناك تغيير جديد نوعي في كل دول الربيع العربي بل اعادة انتاج لنظام سابق افضل التجارب فيه التي تخرج بلادها من دائرة العنف و تتكيف مع المسار المستحدث وتقبل ببعض التغيير وبعض اللاعبين الجدد..؟
من حائط الكاتب على الفيس بوك

زر الذهاب إلى الأعلى