فضاء حر

العائلة القرآنية

يمنات
ظننتُ أن عبدالملك الحوثي هو قائد المسيرة القرآنية فقط، لكنّ هذه اللوحة تريد أنْ تقنعني بأنه أيضاً مؤلف القرآن الكريم!
أعرف أن هذا غير صحيح، لكنْ من يقنع اللوحة الحوثية بذلك؟
لا أدري بماذا رد أو سيرد الحوثيون على هذه اللوحة، لكنْ يمكنني توقع بعض الردود: مثلاً، الصورة مفبركة بالفوتوشوب. لكنّ هناك صوراً للوحة من عدة زوايا تعزز من كونها حقيقية. وقد يقولون إن هناك خطأ غير مقصود حدث في اللوحة، وهذا سيكون إعترافاً محموداً بالخطأ لكنه لايلغي أن الحوثيين “يقدسون” زعيمهم، والأدهى أنهم يريدون فرض صوره ومقولاته هو وأخيه المؤسس على المجال العام للبلد وحياة كل اليمنيين، وليس بوصفهم “بشراً عاديين” بل “شخوصاً مقدسين” فوق البشر!
وهذه اللوحة مجرد مثال بسيط. وحتى إذا افترضنا وجود خطأ غير مقصود في اللوحة، فهذا لايعني أن الحوثيين لا يسعون لفرض زعمائهم على اليمنيين كممثلين شخصيين للقرآن:
قبل نصف عام، ارتفعت لافتة قماشية تحمل صورة مؤسس الجماعة حسين بدرالدين الحوثي مع المقولة التالية: “إستهداف الشهيد القائد استهداف للقرآن والحق والحرية”.
أتذكر يومها، في مايو، علقت على اللافتة بتساؤل بسيط: “ماذا يعني هذا؟ هل يعني أن حسين الحوثي مُنْزَل من عند الله وليس مخلوقْ؟!”. بين الحوثيين، كان هناك من احتج على اللافتة التي تناولها كثيرون غيري، لكن أكثرهم حاولوا تبريرها بأساليب ملتوية ومكشوفة. قالوا مثلاً إن عبارة اللافتة لاتقصد وضع حسين بنفس مصاف تقديس القرآن، وقدموا تنازلاً يتنافى مع مضمون اللافتة وكل مضامين أدبياتهم وخطابهم الإعلامي التي تقدس الرجل وأخيه، بالقول إن إستهداف أي إنسان هو إستهداف للقرآن، باعتبار هذا ما تعنيه اللافتة. وكنا- نحن وهم واللافتة- نعرف أن هذا غير صحيح، أنه كذب. لكني فكرتُ يومها: “كثّر الله خيرهم، على الأقل حاولوا تبرير الخطأ الواضح بإنزال الرجل من عليائه الى مستوى بقية الناس، وإنْ لبعض الوقت”.
القيادي الحوثي صلاح العزي كان أحد الذين علقوا على سؤالي برد مطول تحت عنوان “توضيح هام”، إليكم كيف بدأه: “لم تكن المشكلة في العبارة (…) ولكن المشكلة تكمن في الطريقة الشاذة لفهمها وقد سخرت من أول شخص طلب مني التعليق على فهمه الشاذ لها…”. لم يوضح توضيح العزي الهام شيئاً، ولا يتسع المجال هنا لإيراد توضيحه الذي “لفّ” و”دار” و”تشقلب” و”فعلهن كلهن” كما يقال ب”الصنعاني”، من أجل تبرير هذا التقديس المفرط لحسين الحوثي والذي يصل حد اعتبار المساس به مساساً بالقرآن! وما لفتني أكثر في رده هو الغضب، وإدانته ل”الفهم الشاذ” للافتة، الإدانة التي حاول بها تبرير لافتة “شاذة جداً”!
ومع هذا، كان هناك حوثي صريح جداً: رد على سؤالي “هل يعني أن حسين الحوثي مُنْزَل من عند الله وليس مخلوقْ؟!” بقوله: “السماء نفسها منزلة من عند السيد حسين الحوثي”. حين عدتُ الليلة الى ذلك المنشور، لم أجد تعليقه. يبدو أنه حذفه، لكني مازلت أتذكره بالحرف.
ولستُ هنا “أزايد” بالقرآن والرسول على الحوثي أو أيٍّ من أنصاره. ولا داعي لتذكيرنا بأن القرآن “حق الرسول” وأن الرسول “جدّ عبدالملك”، كما يفعل البعض كلما انتقدنا استخدام الرسول والقرآن في تقديس عائلة الحوثي. فنحن هنا نتحدث في شأن عام وخطير جداً: الزجّ ب”التقديس الديني” الى السياسة.
ولا تقولوا لنا إننا “نحوّل من الحبَّة قبَّة”، فما نتحدث عنه هو “القُبَّة” شخصياً ولكنكم تحاولون تمويهها بتسميتها “حَبَّة”!
من حائط الكاتب على الفيس بوك

زر الذهاب إلى الأعلى