فضاء حر

هل يتعلم العرب من الدرس اليوناني ..؟

يمنات
الرأسمالية المتوحشة تريد ابتلاع اليونان او القائه خارج منظومتها .. وهو امر متوقع من نظام اقتصادي وسياسي لايؤمن باحترام الشعوب وتعزيز كرامتها ووجودها الاجتماعي بل جعلها تدور في فلك الاستهلاك واوامر المؤسسات المالية التي تدير النظام الكولونيالي الجديد.
وهنا لا فرق بين دولة تنتمي الى نفس القارة ذات الجذر المؤسس للكولونيالية حتى لو كان تصنيفها من افقر دول جنوب القارة .. فاليونان وايطاليا والجزيرة الايبيرية (اسبانيا والبرتغال) كانوا حتى منتصف السبعينات من القرن الماضي في اوضاع اقتصادية وسياسية بائسة تم دعمها ضمن مسار الحرب البارده فتخلصت اسبانيا من نظام فرانكوا وتغيرت البرتغال.
و هنا تعززت النظم المدنية الديمقراطية وهدأت الانقلابات العسكرية في اليونات واستقر الحال في ايطاليا لتعود اليونان وحدها من بين دول الجنوب الاوربي الى حالة من البؤس الاقتصادي ليس نتاج اخطاء في السياسات فحسب بل جشع وطمع المؤسسات المالية الاوربية والدولية التي تعاظم ديونها وفوائدها على اقتصاد غير قادر على الانتاج وتعزيز النمو.
جاء اليسار الاشتراكي الى الحكم باجندة تغيير سياسي واقتصادي وبرؤية ناقدة لتوحش المؤسسات المالية الاوربية كاشفا حجم استغلالها لاقتصاد الشعوب فكان اصرار تلك المؤسسات على مطالبها المالية وهو امر حوله رئيس الحكومة الى استفتاء ليقول الشعب اليوناني كلمته بان الديون وفوائدها تكبح تطور اليونان وتثقل كاهل الشعب وانه لابد وان تشطب المؤسسات المالية كثيرا من فوائد ديونها ليتخفف العبئ الاقتصادي.
في سنوات سابقة اعلنت المكسيك افلاسها فكانت طامة كبيرة على امريكا التي تخوفت من هجرة لملايين المكسيكيين نحوها فطلبت من البنك الدولي منح المكسيك خمسين مليار دولار. فكان رد البنك ان المكسيك كلها لاتساوي هذا المبلغ ولان المؤسسات المالية ذات تبعية سياسية تدخلت الادارة الامريكية تحت مبرر ان ندفع للمكسيك خوفا من دخول المكسيكيين الى امريكا واحداث فوضى داخلها.
اليوم على اليونان ان تصر في رفضها دفع الديون وفوائدها مالم يتم جدولتها تحت سقف زمني طويل تتمكن اليونان من تحسين اقتصادها وهنا الدرس للعرب.
لم يستسلم رئيس وزراء اليونان للتهديدات والضغوط من البنك الدولي والمؤسسات المالية الاوربية كما تفعل الحكومات العربية والقادة العرب الذين يرضخون لاول طلب من ااصغر موظف في هذه المؤسسات .. فلا يمكن ان يزيد حجم الضرائب ولا رفع الاسعار لانها تهدد معيشة غالبية الشعب في حين راحت الحكومات العربية في دول الربيع ووفق غباء وبلادة وبؤس في التفكير نحو رفع الاسعار ورفع الضرائب وهو امر لا تقره الا حكومات تسرق شعوبها.
الحكومات المحترمة تدافع عن شعوبها وحقها في حياة كريمة وان تحارب من اجل هذا الامر .. والحكومات التي تهرول نحو رفع الاسعار وتعظيم معانات شعوبها انما هي حكومات غير وطنية بالاصل.
وقد سبق ان دمر البنك والصندوق الدوليين اقتصاد عشرات الدول في سبعينات وثمانينات القرن العشرين وفق روشتته المدمرة لاقتصاد الشعوب فتشيلي دُمر اقتصادها لصالح حفنة من تجار المخدرات وكبار النهابين للثروة الوطنية بعد ان تمكنوا بمساعدة المخابرات الامريكية من انقلاب اطاح بالرئيس المنتخب سلفادور الليندي وجاؤا بحاكم عسكري فاشي (بينوشيه) حكم بالقتل والتسلط والفساد حتى اطاح به الشعب مرة اخرى وان دفع في ذلك كلفة بشرية واقتصادية كبيرة واسترد كرامته.
و مثله اقتصاد الارجنتين والبرازيل حتى ظهر في هاتين الدولتين نفر ممن لديهم نزعات وطنية اعادوا المجد لدولهم وتطوير معيشة المجتمع بل وتحقيق نمو اقتصادي مرتفع .. واليوم اوربا تأكل اصغر مكوناتها السياسية لجشع وتوحش لايأبه للمجتمع والشعب اليوناني وتاريخه الحضاري الذي شكل نقطة انطلاق للحضارة الاوربية المعاصرة ومرجعية في فلسفتها..؟
من حائط الكاتب على الفيسبوك

زر الذهاب إلى الأعلى