الحرب على اليمن والأزمة السورية عوامل تهدد بتفكك مجلس التعاون الخليجي وزعزعة استقراره .. قراءة مختلفة
9 ديسمبر، 2015
662 10 دقائق
يمنات – رأي اليوم
ربما يكون اجتماع القمة الخليجية السنوية في العاصمة السعودية الرياض في الوقت الذي يبدأ فيه اجتماع آخر للمعارضة السورية جاء من قبيل الصدفة المحضة، ودون تنسيق، ولكن هذا التزامن يظهر احد جوانب التحديات الرئيسية التي تواجه دول الخليج الست هذه الأيام.
نحن لا نتحدث عن انعقاد مؤتمر المعارضة السورية في حد ذاته، من حيث النجاح أو الفشل، والصراع الذي يمكن أن يسببه للدولة المضيفة في الحالين، وانما عن التورط الخطير لمعظم دول المجلس في هذه الازمة، وتعقيداتها، ووصولها الى الحالة المأساوية التي وصلت اليه.
تتحمل الحكومات الخليجية المسؤولية الاكبر عن هذه الازمة، وما حل بالشعب بالسوري من نكبات، وقتل وتشرد، اولا لانها كانت الحليف والداعم الاكبر للنظام السوري على مدى ثلاثين عاما، وثانيا لانها وقفت خلف تمويل وتسليح المعارضة السورية بهدف اسقاطه، ليس لانه نظام ديكتاتوري، فهذا ليس اكتشافا جديدا، بل لانها منخرطة في مخطط طائفي لتفتيت الامة، واعادة رسم حدود دولها وفقا لمقتضياته، وارادة من يقفون خلفه في الشرق والغرب معا.
من الطبيعي ان يتصدر الملف السوري الى جانب الملف اليمني اللذان يعكسان مرحلة التدخل الخليجي العسكري الجديد، والمتغول في دول الجوار، وما بعد الجوار، محادثات القمة الخليجية ومداولاتها، ومن الطبيعي ايضا ان تطفواالخلافات على السطح وبقوة، بين دول تدخل في تحالف مع تركيا، مثل السعودية وقطر، وتطالب برحيل النظام السوري بالقوة او الحل السلمي، وبين اخرى تفضل النأي بنفسها عن هذا الملف، مثل سلطنة عمان، وبدرجة اقل الكويت، وثالثة لا تتردد في دعم الموقف الروسي مثل دولة الامارات العربية المتحدة، الني دخلت في مثلث مواز مع الاردن ومصر.
ولعل الموضوع اليمني لا يقل تعقيدا عن نظيره السوري، فبعد تسعة اشهر من انطلاق “عاصفة الحزم” لضرب اليمن وتدمير بناه التحتية، وقتل الآلاف من ابنائه، واصابة عشرات الآلاف منهم، وحصار من تبقى على قيد الحياة، برا وبحرا وجوا، ما زالت الازمة تراوح مكانها، وظلت العاصمة اليمنية في ايدي التحالف “الحوثي الصالحي”، ومعها معظم محافظات اليمن الأخرى باستثناء اربع تتنافس للسيطرة عليها دول التحالف السعودي مع تنظيمي “الدولة الاسلامية” و”القاعدة”.
اليمن بفضل “عاصفة الحزم” اصبح عدة “يمنات”، وبحكومتين، وكل حكومة منها برأسين، فحكومة الشرعية منقسمة بين الرئيس عبد ربه منصور هادي ونائبه وخصمه خالد بحاح، وكل قسم منها اقام له عاصمة، الاول في عدن، والثاني في مأرب، والشيء نفسه يقال ايضا عن الحكومة الحوثية الصالحية الموازية، مع استثناء واحد وهو انها تقيم في العاصمة الشرعية، صنعاء.
اتفاق اعلان وقف اطلاق النار في اليمن قبل بدء المفاوضات في جنيف، وكذلك اجتماع المعارضة في الرياض، لاختيار وفد موحد للتفاوض مع النظام السوري، وهو التفاوض الذي كان خطا احمر حتى الامس القريب، باعتبار ان النظام السوري غير شرعي وايامه معدودة، كل هذه الصيغ غير مضمونة النجاح، ولكنها تظل صيغة لانقاذ ماء الوجه للمتورطين في هذين الملفين عسكريا او سياسيا او الاثنين.
في ظل حالة التشرذم التي تعيش فيها دول مجلس التعاون الخليجي الناجمة عن تباعد المواقف بين اعضائه حول ملفات شتى غير الملفين المذكورين، من الصعب ان نرى مناقشات جدية او صيغ حلول، وانما مجرد اجتماع روتيني لالتقاط الصور، وتناول العشاء على مائدة عاصمة الدولة المضيفة، ثم الانصراف في اسرع وقت ممكن.
بعض حكومات الخليجية اخطأت التقدير في الملف السوري، وتسرعت في التورط في حرب اليمن، ودخلت في حرب بالنيابة مع ايران دون الاستعداد المدروس بعناية، وراهنت كثيرا على غرب لم يعد يقبل بدور كلب الحراسة لخوض الحروب التي لا تريد دول خليجية خوضها، فالتجارب الامريكية والغربية المؤلمة والمكلفة ماديا وبشريا وسياسيا في العراق وليبيا وافغانستان، واخيرا سورية، حتمت هذا التغيير في الادوار والسياسات والمغامرات العسكرية.
القمم الخليجية بصورتها السابقة لم تعد مجدية، علاوة على كونها لم تعد مثيرة للاهتمام حتى للمصريين انفسهم، ناهيك عن المشاركين فيها او شعوبهم، فبعد اكثر من ثلاثين عاما من تأسيسه كمنظمة اقليمية متجانسة الاعضاء، وتحمل طموحات كبيرة في تعاون شامل يقود الى وحدة اقليمية، قطع مجلس التعاون الخليجي مرحلة طويلة على طريق التآكل والانقراض، وكل محاولات المكابرة، واخفاء هذه الحقيقة لم تعد تعطي مفعولها، او هكذا نعتقد.