الحوثيون وحليفهم صالح يفاوضون خصمهم هادي من موقع أقوى والسعودية تنزلق الى حرب عصابات صعبة ووقف النار موضع شك
14 ديسمبر، 2015
1٬160 11 دقائق
يمنات – رأي اليوم
من المفترض ان تبدأ الاطراف المتصارعة في اليمن في تطبيق وقف اطلاق النار منتصف الليلة، بتوقيت المملكة العربية السعودية، والتاسعة بتوقيت غرينتش، على ان يكون هذا الوقف بادرة حسن نية قبل انطلاق المفاوضات في سويسرا للتوصل الى حل سياسي دائم للازمة.
الوفود الثلاثة التي ستنخرط في المفاوضات تحت اشراف المبعوث الاممي اسماعيل ولد الشيخ وصلت الى سويسرا، احداها يمثل حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي، وثانيها يمثل تيار انصار الله الحوثي، اما الثالث فيمثل حزب المؤتمر الذي يتزعمه الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وهذا يعني ان سلطة الرئيس هادي ممثلة بوفد، اما خصومه فيمثلهم وفدان، كل وفد من ثمانية اشخاص، واربعة مستشارين.
الوفد الحوثي الصالحي يجلس على مائدة المفاوضات، وكفته تبدو الاعلى على الارض، فقد الحق ضربة عسكرية ومعنوية قوية بقوات التحالف العربي السعودي، عندما اطلق صاروخا باليستيا من نوع “توشكا”، اصاب مقر قيادتها، وادى الى مقتل العميد ركن عبد الله بن محمد السهيان، قائد قوات العمليات السعودية الخاصة، والضابط الاماراتي الرفيع سلطان بن محمد الكتبي، وجنود سعوديين واماراتيين آخرين، حسب ما جاء في وكالات انباء عالمية.
الخبراء العسكريون يقولون ان عنصر المفاجآة في هذا النوع المطور من الصواريخ هو دقته في اصابة الهدف، الامر الذي قد يؤدي الى احداث خلل في موازين القوى العسكرية على الارض لصالح الحوثيين وحليفهم الرئيس صالح، واكد الخبير الاستراتيجي انيس النقاش، المقرب من ايران وحزب الله، في تغريدة على حسابه على “التويتر” ان اطلاق هذا النوع من الصواريخ يمثل المرحلة الثانية في الحرب، ولا يستبعد ان يتم الانتقال الى مرحلة ثالثة يتم فيها استخدام صواريخ ابعد مدى وبقدرة تدميرية اكبر دون ان يقدم اي تفاصيل اخرى.
ولا بد من الاشارة الى ان قوات التحالف السعودي تقاتل منذ اكثر من ستة اسابيع في محاولة للسيطرة على محافظة تعز وباب المندب، وارسلت تعزيزات كبيرة من الدبابات والمدرعات والجنود، ولكنها لم تتمكن من تحقيق هذا الهدف بسبب المقاومة الشديدة التي تواجهها، مما يوحي بأن سيطرتها على العاصمة صنعاء ما زالت بعيدة.
ولعل التحدي الاكبر لقوات التحالف السعودي يكمن في الجبهة الجنوبية السعودية المحاذية لحدود اليمن، فالأنباء القادمة من هذه الجبهة تتحدث عن توغل كبير لقوات التحالف الحوثي الصالحي في العمق السعودي، وسيطرتها على بلدات وقرى عديدة في منطقتي جيزان ونجران، وهذا ما يفسر القرار المفاجيء الذي اصدره الامير محمد بن نايف ولي العهد، ووزير الداخلية السعودي بإرسال قوات “الافواج الامنية” المتخصصة في حرب العصابات، وكذلك اعلان وزارة الحرس الوطني امس ارسال قوات اضافية الى الحدود مع اليمن ايضا، في محاولة لمنع تقدم القوات الحوثية، واخراج من توغل منها في الاراضي السعودية.
لا شك ان القوات السعودية المتخصصة في حرب العصابات مدربة تدريبا جيدا، وسلاحها متقدم، لكنها لا تملك تجربة حقيقة في هذه الحرب في مناطق جبلية وعره، مثل خصومها من الحوثيين ابناء المنطقة الذين يعرفونها جيدا، وخاضوا ست حروب ضد قوات الرئيس علي عبد الله صالح، عندما كان في الحكم لم يُهزموا في اي منها.
هذه التطورات العسكرية المتسارعة على الارض ستنعكس حتما على مائدة المفاوضات بطريقة او اخرى، وربما تؤدي الى تصليب مواقف خصوم الرئيس هادي وداعميه في الرياض، لانهم يجدون انفسهم في موقف قوى بعد ان نجحوا في امتصاص صدمة القصف الجوي المستمر منذ تسعة اشهر، وانتقلوا من الدفاع الى الهجوم مركزين على الخاصرة السعودية الاضعف في حدود المملكة الجنوبية، ونجحوا في كسب معركة الاعلام عربيا ودوليا، من خلال تقديم انفسهم كضحايا، وابراز حجم خسائر القصف الجوي السعودي الخليجي في اوساط المدنيين، والنقص الكبير في الادوية والخدمات الاساسية بسبب الحصار البري والجوي والبحري، وانحياز العديد من المؤسسات الخيرية الغربية الى جانبهم، وتصاعد انتقاداتها للحصار والقصف الجوي معا.
في ظل هذه التطورات السياسية والعسكرية، من الصعب تصور التوافق على حل سياسي، رغم الضغوط الدولية الضخمة الممارسة على الاطراف الثلاثة، والرئيس هادي وحلفائه السعوديين على وجه الخصوص، ولذلك فإن حالة التشاؤم التي عبر عنها العديد من المحليين تجاه امكانية نجاح محادثات سويسرا اليمنية هذه، او صمود وقف اطلاق النار والتزام جميع الاطراف المتقاتلة به تبدو مبررة.
التحالف العربي السعودي ينزلق الى حرب استنزاف خطيرة من خلال توريطه في حرب برية، وعصابات في اكثر المناطق وعورة في العالم بأسره، وكلما ازداد عدد القوات المرسلة الى الجبهات، كلما ازداد حجم الخسائر البشرية، وهنا يكمن الرهان الحوثي الصالحي في هذه الحرب.