هل تستجيب السعودية وإيران للوساطة الروسية لقطع الطريق على احتمالات الصدام؟ ولماذا كانت البحرين خليجيا والسودان عربيا اللتان اغلقتا سفارتيهما في طهران فقط؟
4 يناير، 2016
782 9 دقائق
يمنات – رأي اليوم
كان متوقعا ان تكون الحكومة الايرانية هي صاحبة المبادرة بقطع العلاقات الدبلوماسية مع الحكومة السعودية، فهي التي احتجت بصوت عال على اعدام الشيخ نمر باقر النمر، احد ابرز المرجعيات الشيعية في السعودية، ولكن ما حدث هو العكس تماما، اي ان السلطات السعودية هي التي بادرت بقطع العلاقات، واغلاق سفارتها في طهران، وطردت الدبلوماسيين الايرانيين.
رد الفعل السعودي كان مبررا، لأنه جاء احتجاجا على اقتحام متظاهرين للسفارة السعودية في العاصمة الايرانية، وحرق قنصلية تابعة لها في مدينة مشهد، وهو رد فعل مبرر حظي بإدانة واسعة حتى من الرئيس حسن روحاني نفسه، لان اقتحام السفارات، ايا كانت، يشكل انتهاكا للاعراف والمعاهدات الدولية.
الايرانيون يتأنون كثيرا قبل الاقدام على اي خطوة دراماتيكية، ويتحلون بنفس اطول، ويترددون كثيرا قبل اتخاذ قرار بقطع العلاقات مع خصومهم، ويستفزونهم بطرق شتى للاقدام على هذه الخطوة، من خلال الايعاز باقتحام السفارات المستهدفة بشكل، مباشر او غير مباشر، وهذا ما حدث يوم السبت الماضي بعد الاعلان عن تنفيذ حكم الاعدام بالشيخ النمر.
فالافت ان ايران لم تقدم على قطع العلاقات مع السعودية رغم مقتل حوالي 400 من حجاجها دعسا تحت الاقدام في موسم الحج الماضي، وفقدان مجموعة اخرى ما زال مصيرهم مجهولا، وهو تصرف محير، فهل هذا يعني انها تترك امر الانتقام لحلفائها مثلا الذين يخوضون حربا بالنيابة عنها في سورية واليمن ولبنان؟ ربما.
ايران هددت بانتقام الاهي لاعدام الشيخ النمر، وجاء هذا التهديد على لسان السيد علي خامنئي المرشد الاعلى، بينما اكد حسين امير عبداللهيان وزير الخارجية للشؤون العربية والافريقية بأنها ستدفع ثمنا باهظا، وما زال من غير المعروف كيف سيكون هذا الانتقام، ومكانه وطبيعته.
ردود الفعل الاولى جاءت على شكل اطلاق نار على دورية للشرطة في منطقة القطيف ذات الاغلبية الشيعية في المنطقة الشرقية من المملكة، وتعرض مسجدان “سنيان” للحرق في العراق، وهي ردود تصب في مصلحة اعمال التحريض الطائفي المدانة.
المخاوف من تحول التوتر المتصاعد على خلفية اعدام الشيخ النمر الى حرب طائفية اقليمية، واعمال عنف وارهاب تجتاح العالم بأسره، فقد عبرت كل من المانيا وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة عن قلقها، بينما عرضت روسيا على لسان وزير خارجيتها سيرغي لافروف التوسط لجمع وزيري خارجية كل من السعودية وايران في موسكو لايجاد حل ينزع فتيل الازمة، ولم يصدر اي ترحيب من اي من الوزيرين على هذه المبادرة، حتى كتابة هذه السطور.
اللافت ان دولة خليجية واحدة تضامنت مع السعودية، وقطعت العلاقات مع ايران، وهي دولة البحرين، واكتفت دولة الامارات بتخفيض مستوى العلاقات الى درجة القائم بالاعمال فقط، والتزمت الدول الخليجية الثلاث المتبقية (قطر والكويت وعمان) الصمت، تجنبا للتصعيد، وما يمكن ان يترتب عليه من تبعات.
السودان كانت الدولة العربية الوحيدة خارج اطار مجلس التعاون الخليجي التي بادرت الى قطع العلاقات مع ايران، وبعد دقائق من الاعلان السعودي في هذا الصدد، الامر الذي اثار العديد من الاستغراب لأن النظام السوداني كان حليفا لايران طوال ربع القرن الماضي.
عدم اقدام حكومات تقيم علاقات تحالف وثيقة مع السعودية مثل الاردن والمغرب ومصر وتركيا على قطع العلاقات مع ايران، ربما يثير حالة من خيبة الامل لدى القيادة السعودية، ويطرح العديد من علامة الاستفهام حول مدى جدية هذه التحالفات.
درجة سخونة التوتر في العلاقات السعودية الايرانية تزداد حدة يوما بعد يوم، ولا احد يستطيع ان يتنبأ بما يمكن ان يحدث في الايام المقبلة، لكن احتمالات الانفجار اكثر بكثير من احتمالات التهدئة، اللهم الا اذا سادت الحكمة والتعقل وضبط النفس لدى الطرفين، وهو امر لا يمكن ان ترد عليهما والمنطقة اذا تطورت الامور الى حرب اقليمية طائفية شاملة.