تحالف الحوثي – صالح – ليس تحالفا استراتيجيا على غرار ما كان عليه الثاني مع إخوان اليمن في العقود المنصرمة .. إنما هو في جوهره تحالفا إحتمائيا مؤقت ضمن معطيات و محددات لحظة معينة.
فكرة هذا التحالف منشأها من إيران فهذه الأخيرة كانت تدرك تماما انه بمجرد توقيعها على الاتفاق النووي الذي ألزمها بالتخلي المباشر عن كل أدواتها في اليمن و سوريا و لبنان وغير ذلك.
السعودية التي سيصعقها و يزلزلها ذلك الاتفاق النووي ستقوم مباشره باستهداف أدوات و حلفاء إيران في الداخل العربي، بل و محاولة تصفيتهم عرقيا و مذهبيا.
و لكي لا تبدو إيران متخلية عن حلفائها سعت إلى اتخاذ الترتيبات و التموضعات الأولية قبل إبرام الاتفاق النووي، و التي من شأنها تعزيز موقع و أدوات حماية حلفائها فيما بعد ذلك.
و بخصوص حليفها الحوثي في اليمن كانت تدرك أن أخطر ورقة ستقوم بها السعوديه لاحقا في تصفية الحوثي هي ورقة تأليب المحيط المجتمعي القبلي الارتزاقي في الشمال. ذلك المحيط الذي ظلت السعودية تستخدمه و تنفق عليه أموالها في اليمن طيلة عقود و لإعطاب إيران.
هذه الورقة الخطيرة عملت على بلورة تحالف بين الحوثي و صالح انطلاقا من إدراكها بمكنات و شعبية و ثقل صالح في مجتمع الشمال القبائلي.
فهذه المكنات الشعبية و المجتمعية التي يمتلكها صالح ستفوت حتما على السعودية قدرتها في استخدام هذا المحيط في القضاء على الحوثي .. و هو فعلا ما حصل، بينما و في الجانب الآخر رأى في مثل هكذا تحالف مع الحوثي فرصة جديدة له ولمنظومته السياسية التي كانت في طور الاحتضار الوجودي فسارع هو الآخر للتناغم والتفاعل مع الحوثي دون أن يكن على علم أو تنبؤا بهدف إيران من ذلك. و دون أن يدرس بدقة ردة فعل حلفائه الدائمين في العائلة السعودية التي كان أداتها الأولى في اليمن.
و بعد ردة فعل السعودية الكارثية على ذلك أيضا و تداخل ذلك مع معطيات و تهديدات الأمن القومي للنظام السعودي على مستوى المنطقة، لم يكن أمام صالح إلا المضي في تحالفه مع الحوثي خاصة بعد إغلاق الرياض لكل المسالك التي يمكنه أن يصل من خلالها إلى التراجع الآمن عن هذا التحالف، طالما وقد أصبح بشخصه هدفا انتقاميا لملوك الرياض.
و من هكذا معطيات و بدايات كان تحالف صالح و الحوثي إطاره احتمائي. و كذلك صارت متتالياته مع ملاحظة أن ترتيب هذا التحالف لم يكن غائبا عن واشنطن بل كانت على اطلاع و وافقته، و هو ما يفسر الموقف الدبلوماسي الأمريكي دون العسكري، بعد اندلاع عاصفة الحزم مع الحوثي و صالح.
لذلك كله و بناءا على محدداته، فإنه و بمجرد زوال التهديد الوجودي السعودي لكل من صالح والحوثي، و انطلاق المسارات السياسية الجادة في اليمن و اقتناع الرياض بعدم جدوى الحل العسكري، فإن تحالف صالح والحوثي سينفرط عقده مباشرة. بل وربما يتصارع الطرفين بأدوات عنفية، طالما و ان أساس هذا التحالف كان هدفه بالنسبة للحوثي هو احتمال وجودها من صالح. بينما كان هدف صالح هو استعادة و تعويض لأدوات فقدها تعزز دوره و تلبي طموح منظومته السياسية في استعادة دورها و لو تشاركيا في حكم اليمن.
و لما سيكون الحوثي هو الآخر أكبر الطامعين بالحكم بعد زوال خطر استئصاله فإن مواجهات ستنشأ بين حلفاء الحاجة الإنتهاوية حتما. و من المؤكد أن صالح سيكون أكثر تخلي عن تحالفه في حين سيظل الحوثي أكثر خضوعا و استسلاما لتفوز صالح.