عبور المضيق يعني عبور نفق ما أو تجاوز عنق الزجاجة أو الخروج من مأزق معين وقع فيه فرد أو جماعة برضاه أو أوقع فيه رغماً عنه وهو تعبير مجازي يعني في الواقع السياسي الوصول بالبلاد إلى بر الأمان بعد معاناتها إما من أزمة أو فساد حكم أو حالة اضطراب سياسي أو أمني.
و أي شعب أو مجتمع إنما يقع في مثل هذه الحالات بفعل النخب التي بيدها سلطة تسيير الشأن العام وهي سلطة تصل الى من تصل اليه إما بفعل التسلق أو بفعل الإختيار الفردي أو الجماعي أحياناً أو بفعل حلول إرادة يختلط فيها الشعور بالرسالة أو او القضية أو استشعار المسؤولية من فرد أوجماعة ، وفي كل الأحوال على من يدعي أنه قد حمل مشروع العبور بالوطن من المضيق أو النفق أو عنق الزجاجة أن يثبت دعواه وإثبات الدعوى هنا يختلف تقنياً عن طرق الإثبات القضائية التي تتسع لتشمل وسائل الإثبات المختلفة المحددة في قانون الدعوى والإثبات المدني أو قانون الإجراآت الجنائية وهي وسائل إثبات ناطقة ًوصامتة حسب المصطلح القضائي الذي يميز بين الدليل المادي وبين الشهادة والإقرار،
أما إثبات دعوى الإخراج من النفق أو عبور المضيق ممن إدعى أنه يمتلك القدرات الخارقة أو العقل الإستراتيجي الغير قابلة للنقاش بحاجة الى إثبات تحقق الغاية على أرض الواقع لأن المتصدر للمشهد السياسي قد تحمل الرسالة في شأن عام وليس خاص ومن يتحمل مسؤولية الشأن العام عليه أن يكون على قدر المسؤولية وتحمل مسؤولية الشأن العام يتبعها حق كل من له نصيب في هذا الشأن بأن يطالب المتصدر بالتعويض عن أي ضرر لحقه او مساءلة المقصر عن أي تقصير وقع منه ، هذه هي فلسفة القانون بمنطق الحق والواجب ،
وفيما نعرف لم نشهد حتى الآن بين من وصل إلى السلطة من هو على هذا القدر من الإحساس بتبعات تحمل المسؤولية في الشأن العام ولذلك كانت عملية المشاركة في صنع القرار من أهم النظريات التي جاءت لتحد من سلطة الفرد وتوسع من دائرة سلطة الجماعة في الرقابة السابقة والمحاسبة اللاحقة ومن ثم فإن ذلك سبيل من سبل تضييق نسبة الأخطاء في القرار المتخذ ،
على العكس رأينا جل من وصل الى موقع القرار يسيء استخدام السلطة وكأنها ملك خاص به من خلال استخدام آية (قل الله مالك الملك تؤتي الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء وتعز من تشاء وتذل من تشاء ) إلى آخر الآية بمنطق الإمتلاك الخاص للسلطة العامة وليس بمنطق الآمانة فالأمانة في السلطة العامة غير الأمانة فيما يهب الله الإنسان من خير ورزق لإتساع نطاق الحق في المساءلة الدنيوية في الأولى وضيقها في الثانية أما المساءلة الأخروية فمستواها من علم الله !،
ولهذا رأينا أن هذا الخلط بين الحق العام في السلطة العامة وبين الحق الخاص فيما هو للفرد كان سبباً رئيساً من أسباب الفساد والإفساد ومانتج عنهما من ويلات و ما ترتب على ذلك من قبول ساذج لبعض المسؤولين ورؤساء الأحزاب من تبعية لبعض السفارات مثل الأمريكية والفرنسية والبريطانية وغيرها من الدول التي تتدخل في شئون الدول الأخرى أو تدفع للتدخل مثل السعودية التابعة أصلاً لأمريكا وإسرائيل و الشخصيات السياسية الحاكمة أو المعارضة سواء كانت تعي أسس التمييز بين الحق والواجب طبقاً لهذه النظرية أولا تعي فإنها تتحمل كامل التبعات الدستورية والقانونية والأخلاقية !!!!