نحو إدراك واعي بالأجندة الأمريكية والمجموعات المحلية التي تعمل ضدا من مشروع الدولة الوطنية..؟
23 يناير، 2016
315 4 دقائق
يمنات
د. فؤاد الصلاحي
من المفارقات العجيبة أن ربيع باريس 68 نجم عنه تغير في بنية الرأسمالية الغربية، و في أمريكا خصوصا فلسفيا وسياسيا و تنمويا لصالح المواطن و المجتمع.
و ربيع أوربا الشرقية رعته أمريكا و كانت تحولاته دون اضطرابات عدا يوغسلافيا، ثم بدأت الرأسمالية الأمريكية بتحالفاتها الأوربية في زرع المشكلات على تخوم روسيا لأنها لم تتحول إلى تابع في فلك الأمريكان فغرست بؤر نزاع في أوكرانيا و جورجيا، و سابقا مولت متطرفي الشيشان.
و بعد سنوات قليلة جاء ربيع العرب الذي انتظرته الشعوب العربية طويلا، و هو تعبير سياسي و شعبي عن رغبة جامحة في التغير الشامل ترصدته الرأسمالية الأمريكية لتتحول بمساره نحو عنف و اضطراب تم بتخطيط ممنهج برعاية أمريكية مع حلفائها من النخب التابعة سياسيا و اقتصاديا.
هنا كانت الفوضى ابرز ملامحها و سماتها. هدم الدولة الوطنية عربيا .. و هي الدولة التي تم دعمها في أوربا الشرقية و تطويرها في أوربا الغربية مع مارس68.
هكذا تكون المفارقة التي لا يتذكرها البعض و يجهلها البعض الأخر من خمسين عام و العرب يسيرون باعتماد حداثة معكوسة، و حين جاءت اللحظة لتصحيح المسار الحداثي وفق ثورات شعبية غير مسبوقة، وقفت أمريكا أمام هذا المسار لتهبط به نحو الجهويات ما قبل الوطنية (ما قبل الحداثة).
صفوة القول .. على الشباب أن يكون لديهم الإدراك والوعي بالأجندة الأمريكية و المجموعات المحلية عربيا التي تعمل معها و التي ترعاها لتكون في دوائر السلطة و جميعها ضدا من مشروع الدولة الوطنية و مشروع الحداثة السياسية.