صحفية سعودية .. القاعدة تقاتل إلى جانب التحالف السعودي في اليمن
24 فبراير، 2016
600 10 دقائق
يمنات – صنعاء
في شريط مدّته 34 دقيقة، تحاول الصحافيّة الاستقصائيّة السعوديّة صفاء الأحمد، الإضاءة على الوضع في مدينة تعز (وسط اليمن).
وقد أنجزت الأحمد وثائقيّاً بعنوان «تعز بين المطرقة والسندان»، وبثّته «بي بي سي»، مساء أمس الأوّل، ضمنَ السلسلة الوثائقيّة «عن قرب».
يأتي العمل بعد حوالي العام على إنجاز الأحمد فيلمها الأول من اليمن، «الحوثيّون من الجبل إلى السلطة»، في آذار 2015.
الوصول إلى تعز يشبه الوصول إلى أيّ مدينةٍ أخرى في اليمن المحاصر منذ قرابة العام. بعد شهر، تدخل الحرب السعوديّة على البلاد عامها الثاني، ويبدو أنَّها ستتواصل إلى ما شاءت المملكة.
المدينة محاصرة ومدمّرة. تدور على أطرافها حرب شوارع. لا تقع تحت سيطرة أيٍّ من الطرفين.
تُعتبر استعادتها بالنسبة إلى «التحالف» السعودي نقطة تحوّل (إيجابيّة) في سير المعركة، بينما يقاتل الجيش اليمني مدعوماً بـ «اللجان الشعبية» ــ ما استطاعوا ـ للحفاظ على مواقعهم فيها.
على الجبهة.. موحّدون
بعد يوم ونصف اليوم على متن قاربٍ تجاريّ ينقلها من جيبوتي، تصل صفاء الأحمد إلى عدن، ثمّ تنتقل منها إلى تعز المحاصرة في رحلةٍ شاقّة تمرّ عبر «خطوط التماس».
يرافق الصحافيّة في رحلتها، مسلّحون يمنيّون يقاتلون إلى جانب «التحالف».
ولكن من هم أولئك الذين يقاتلون لفكّ الحصار عن تعز؟ تسأل.
تلتقي أحد القادة السلفيّين، يُدعى عبد الباري. يقاتل الأخير على جبهة كرش في محافظة لحج جنوب شرق تعز، من دون إحراز أيّ تقدّم يذكر.
تشير الأحمد في تقريرها، إلى أنَّ المقاتلين اليمنيّين الذين انضمّوا إلى «التحالف»، ليسوا جزءاً من جيش مدرّب، بل جميعهم من المتطوعيّن الذين يتلقون العتاد من السعودية والإمارات.
تقود الأخيرة أربعة آلاف مقاتل من جنسيات مختلفة، يشكّلون «القوات البريّة للتحالف» في الجنوب اليمني.
«حاولت مراراً التصوير مع قوّات التحالف، لكن لم يُسمح لي»، تقول الأحمد. وبينما تقترب من قاعدة عسكرية، يحرسها جنود سودانيّون، في طريقها إلى تعز، تبدأ مشادة كلاميّة قرب الموقع العسكري، ليتبيّن لاحقاً أنَّ عناصر تابعة لتنظيم «القاعدة في جزيرة العرب» يرفضون وجودها، طبعاً لأنّها امرأة.
تسأل الأحمد مقاتلاً يرافقها عن سبب وجود هؤلاء. يجيب: «لا يسمح لنا ديننا الإسلاميّ بالتشدّد، ولكن معنا مجموعة متشدّدة»، تقاطعه «لكن تحاربون جنباً إلى جنب على الجبهة»، يومئ: «طبعاً.. على الجبهة.. نحن مع بعض».
ليس خافياً أنَّ «القاعدة» يقاتل إلى جانب «التحالف»، خصوصاً أنَّ السعودية تمتنع عن الاقتراب نحو مواقع نفوذه، فيما يتمدّد في مناطق نفوذها في الجنوب.
الطريق إلى تعز
هناك طريق واحدة للوصول إلى المدينة، تمرّ عبر مسلك جبليّ شديد الوعورة حيث تعبر الجمال والحمير محمّلة بالسلع الأساسيّة اليوميّة. هي طريق لتهريب الأغذية والنفط والخشب والأدوية والأسلحة، تقول الأحمد.
في الأحياء التي يصورها الفيلم، تظهر مبانٍ مدمّرة وشوارع مكتظة بالقمامة. تصل الأحمد إلى حافة تعز حيث «يحاول المقاتلون فكّ الحصار» عن المدينة التي نزح 400 ألف من سكانها، واختفت فيها وسائل الحياة، حتى المدارس أغلقت أبوابها منذ عدة أشهر. يقول أحد الطلاب: «انقرضت الدراسة في اليمن».
لمستشفى «الثورة» المتواضع، قصة مختلفة، إذ يوجد فيه القسم الوحيد الباقي في المدينة لعلاج الصدمات الطارئة. يستقبل جميع ضحايا الحرب .. عمليات تجري من دون تخدير، بسبب النقص في اسطوانات الأكسجين، فمن 30 يحتاجها المستشفى يومياً، يتلقّى 3 أو 4 أسطوانات فقط، يحصل عليها من السوق السوداء.
يقول أحد الأطباء بينما يعاين مريضاً يوشك على الموت، إنَّ «من لم يمت بالقذائف يموت نتيجة نقص الأكسجين».
يلخّص حمود المخلافي، قائد ما يعرف إعلامياً بـ«المقاومة الشعبيّة» في تعز، مجريات الحرب التي يخوضها مقاتلوه بالقول: «تجري من شارع لشارع، وإذا تقدّمنا إلى بيت أو بيتين فإنّنا نعتبر ذلك إنجازاً ».
في نهاية التقرير، يشير رئيس وحدة الطوارئ في مستشفى الثورة، ويدعى أبو ذر، إلى أنَّ الخيار «أصبح بين الحوثيين وداعش»، قبل أن يتقدّم في اتّجاهه أحد المرضى، عمره 15 عاماً، «كان الصبي يسكن في حارتنا.. الآن باتَ يقاتل إلى جانب الجهاديّين.. هذه هي نتيجة الحرب».