أظهرت مراسلة سرية لمبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ، اطلعت “رأي اليوم” على نسخة منها، أن السعودية دخلت في مفاوضات سرية مباشرة مع الحوثيين وأنها وافقت مؤخرا على استئنافها في العاصمة الأردنية عمان.
و تشير المراسلة الموجهة إلى وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية جيفري فيلتمان في الأسبوع الثاني من شباط (فبراير) الماضي، إلى أن ولد الشيخ التقى بوزير الدولة السعودي مساعد العبيان، المقرب من الملك سلمان والملقب بصندوق أسراره، وشخص ثان يدعى أبو علي يعتقد أنه من جهاز المخابرات السعودية. ويقول ولد الشيخ في مراسلته إنه أخبر محدثيه السعوديين ب”استعداد الحوثيين لاستئناف المفاوضات السرية المباشرة مع ممثلي المملكة العربية السعودية” وأنهما “رحبا بهذا التقدم المحرز وأعربا عن التزامهما المضي قدما في هذا المسار” بيد أنهما أبديا بعض الملاحظات.
عائق مستوى التمثيل
وحسب ولد الشيخ فإن المسؤولين السعوديين اعتبرا “أنه في ضوء التقدم التي تحرزه قوات التحالف ميدانيا باتجاه صنعاء، فإن من مصلحة الحوثيين اغتنام الفرصة والتفاوض بحسن نية باعتبار أنهم في موقف ضعيف ميدانيا وأن خياراتهم بدأت تنحصر”. أما النقطة الأخرى التي شدد عليها العبيان وأبو علي، فتتعلق بعدم نية الرياض رفع مستوى تمثيليتها في هذه المفاوضات في الوقت الراهن كما طالب بذلك المتحدث باسم أنصار الله/الحوثيين محمد عبد السلام، معتبرين أن “الشخصين الذين مثلا الرياض في الجولة السرية السابقة هما من نفس مستوى محمد عبد السلام”.
ووافق المسؤولان السعوديان على مقترح الحوثيين بعقد المفاوضات في عمان بعد أن خيرهما محمد عبد السلام بين الأردن والمغرب.
وقال ولد الشيخ إنه نقل هذه الأخبار للحوثيين وإنه ينتظر ردهم عليها معتبرا أن المفاوضات السرية يمكن أن تعقد في غضون أسبوع إذا وافقت الأطراف على ذلك. ولم يتضح بعد إن كانت هذه المفاوضات قد عقدت بالفعل أم أنها فشلت بسبب مستوى التمثيل الديبلوماسي السعودي.
وأيا يكن، فإن محتوى هذه الرسالة يخالف ما توحي به إحاطة ولد الشيخ لمجلس الأمن رغم أن الفارق الزمني بينهما لا يتعدى أسبوعا. فقد قال ولد الشيخ في الإحاطة إنه يفضل “التريث في الدعوة إلى جولة جديدة من محادثات السلام” لأن التباعد في وجهات النظر “لا يزال عميقا” ولأن “الأطراف منقسمة بين ضرورة إعلان وقف الأعمال القتالية قبل المحادثات أو الذهاب إلى طاولة المفاوضات من أجل التوصل إلى وقف الأعمال القتالية”.
“موظف سعودي؟”
ويؤاخذ اليمنيون على ولد الشيخ كونه لم يعقد سوى لقاءين اثنين للمفاوضات خلال عشرة أشهر قضى معظمها مسافرا، وأحيانا إلى دول لا وزن لكلمتها في الصراع الدامي في اليمن مثل سيول وطوكيو اللتين زارهما الشهر الماضي. وتعيب عليه أطراف سياسية يمنية ضعف إدارته للمفاوضات لكونه لم يضع أجندة واضحة لمفاوضات جنيف ولم يحدد الأهداف المرجوة منها، وهما من ألفباء الوساطة في النزاعات. بل إن بعض اليمنيين من أتباع الحوثيين وأنصار الرئيس السابق علي عبد الله صالح يصفه ب “الموظف السعودي” ويتهمه بمحاولة كسب الوقت لصالح الرياض من أجل إحراز تقدم عسكري على الأرض يقوي موقفها التفاوضي. وقد صب سفير السعودية في الأمم المتحدة عبد الله المعلمي الماء في رحى هذه الاتهامات حين صرح الأسبوع الماضي بأن بلاده لا ترى حاجة إلى قرار جديد من مجلس الأمن حول الوضع الإنساني في اليمن وأنها وصلت إلى هذا التقييم بناء على تقارير المبعوث الأممي “الذي يوافقني الرأي بأنه لا توجد حاجة إلى تحرك جديد لمجلس الأمن”.