الحوارات – المفاوضات – السرية و العلنية الجارية حاليا لا تتم بمنطق الدولة بل من خلال وجهاء و رموز القبيلة و جماعات سياسية لم تتحول بعد الى حزب معلن.
و من هنا فما ينجم عنها ليس الا صفقات مثلما كان دأب المشترك عام 2011 في اقراره صفقة شراكة مع من قامت الثورة ضده و تمادي في بلاهته نحو اقرار حصانة لمن طالب الشعب بمحاكمته.
و اليوم كما في الامس القريب تغيب الدولة عبر منطقها و خطابها و مسؤوليها في مسار تفاوضي خطير لتحل القبيلة و الجماعات غير الرسمية محلها و تمارس وظيفتها، و هو الامر الذي حذرنا منه طيلة سنوات سابقة من ان منطق الدولة يجب ان يكون هو الاكثر حضورا و الأعلى صوتا حتى في الحروب و حال غيابه -غياب صوت الدولة – ستحتله كيانات جهوية تنتمي الى مرحلة سابقة وطنيا و سياسيا.
و الخارج الاقليمي و الدولي يعرف هذا الامر و هو مصمم على تغييب الدولة في اليمن او ترتيب وضع سياسي ضعيف وفق صورة شكلية للدولة يصنع القرار فيها مراكز القوى من جماعات و رموز قبلية و جهوية و مذهبية لا تؤسس الا لمنطق الحرب و الغنيمة.
و هؤلاء هم من اضعف الدولة بالتنسيق مع الزعيم طيلة 33 سنة بشكل مقصود و ممنهج؛ و كانت مراكز القوى تعلن عن حضورها كبديل للمؤسسات الرسمية حتى ايقن الكثير من افراد المجتمع ان هؤلاء هم من يجب السعي نحوهم لطلب ترقية او وظيفة او مكافأة او حتى منصب سياسي، فهرول الانتهازبيون فرادى و جماعات نحوهم و عبر مكاتبهم الامنية و قائمة التعيينات في السنوات السابقة معلومة للجميع.
و هكذا ستتشكل الدولة القادمة او الدولتين وفق شكل كاريكاتوري يجعل الخارج دوما هو المحرك لأحداث الداخل.
انظر في ذلك دراستنا عن التحديات التي تواجه اليمن 2006-2015. نشرناها في القدس العربي اكتوبر عددي 25و26 من الشهر ذاته..