ألحقت الحرب خسائر كبرى بالاقتصاد اليمني، وتسببت بركود اقتصادي حاد في مختلف القطاعات الإنتاجية والحيوية في البلد، ما تسبب بتراجع النمو الاقتصادي إلى نسبة 34%، في وقت تجاوزت فيه معدلات الفقر والبطالة الـ60%.
وبالتزامن مع بدء التخالف السعودي، فجر السادس والعشرين من آذار 2015، دشنت الرياض حرباً اقتصادية علنية على اليمن للمرة الأولى منذ أكثر من عشرين عاماً من شنها حرباً باردة على اقتصاد هذا البلد.
فرضت هي وحلفاؤها حصاراً بحرياً وجوياً وبرياً ومنعت دخول الإمدادات الأساسية من غذاء ودواء، وفرضت قيوداً على التحويلات المالية الخارجية. وحاولت بموازاة ذلك عبر أدواتها النيل من استقرار أسعار صرف العملة الوطنية من خلال سحب العملات الأجنبية عبر وسائل عدة وعبر التلاعب بأسعار الصرف من خلال المضاربة وبث الشائعات بهدف إيصال البلد إلى حالة من عدم استقرار اقتصادي. إلا أن الإجراءات المضادة التي اتخذها البنك المركزي، بدءاً من منع بيع الدولار، ثم تقديم ضمانات للمودعين بالعملة الصعبة وتحديد سعر صرف الريال مقابل العملات الأجنبية والاستمرار في صرف مرتبات الموظفين، حالت دون تحقيق العدوان كل أهدافه في هذا المجال.
الحصار السعودي أدى إلى ركود حاد في مختلف القطاعات وأفقد نحو ثلاثة ملايين مواطن فرص أعمالهم. وأوقف أكثر من 373 مشروعاً؛ منها 200 مشروع ممولة من الدول المانحة، بالإضافة إلى توقف حركة البناء والعمران.
وبرغم «حيادية» القطاع الخاص، إلا أنه كان هدفاً رئيسياً للحملة الجوية. فمنذ البداية، تعرض لاستهداف ممنهج. وقصف «التحالف» خلال عام 2012 مصنعاً، وتسبب بتوقف نشاط 40 ألف منشأة صغيرة ومتوسطة، فضلاً عن توقف مئات الآلاف عن أعمالهم، بالإضافة إلى 570 مخزن غذاء تابعة للقطاع الخاص في عدد من المحافظات وسبع صوامع غلال. وهاجم طيران «التحالف» 436 شاحنة غذائية ودمّر 376 سوقاً ومجمعاً تجارياً في 12 محافظة يمنية. وبلغ إجمالي خسائر القطاع الخاص حوالى 49 مليار دولار.
كذلك، استُهدف قطاع التعليم العام والمهني والتعليم العالي، وبلغ إجمالي المعاهد المهنية والتقنية المستهدفة 44 معهداً، وست كليات. وفي الإطار نفسه، بلغ إجمالي عدد المنشآت الرياضية المدمرة 70 منشأة في 12 محافظة، وبلغت التكلفة التقديرية للدمار 367 مليوناً و616 ألف دولار تقريباً.
كذلك، تكبّد القطاع النفطي خسائر فادحة جراء العدوان والحصار. وبلغت الخسائر الناتجة من توقف صادرات النفط منذ بدء العدوان 4 مليارات دولار. وأكدت الإحصائية توقف كل أعمال 13 قطاعاً إنتاجياً، بالإضافة إلى توقف التنقيب واستكشاف النفط في 32 قطاعاً بسبب توقف الشركات الأجنبية عن العمل، وهو ما تسبب بفقدان قرابة 15 ألف عامل وعاملة لأعمالهم. واستهدف «التحالف» 37 منشأة نفطية بصورة مباشرة، بالإضافة إلى استهداف 248 محطة وقود في مختلف المحافظات و197 شاحنة محملة بالمشتقات النفطية. وبسبب الحصار، فقد اليمن الآثار الإيجابية لانحفاض النفط في الأسواق العالمية بنسبة 70%، والذي كان من المتوقع أن يحقق أرباحاً في فاتورة استيراد المشتقات النفطية بنحو 1,5 مليار دولار.
وفيما توقفت إمدادات الدواء بسبب الحصار، الأمر الذي عرّض حياة الملايين من المرضى لخطر الموت، استهدف «التحالف» أكثر من 340 منشأة صحية متنوعة بين مستشفيات ومراكز صحية. وتعرضت شبكات المياه والطرقات والاتصالات والكهرباء لهجمات مماثلة من طيران «التحالف». وأكدت إحصائية حديثة صادرة عن «المركز القانوني للتنمية والحقوق» أن «التحالف» استهدف 597 جسراً وطريقاً.
وفي إطار الاستهداف المتعمد للقطاعات الحيوية، شن العدوان غارات مكثفة على المنشآت السياحية، ما أدى إلى توقف أكثر من نحو 15 ألف منشأة سياحية كبيرة ومتوسطة وصغيرة عن العمل.
ونظراً إلى فداحة الأضرار التي لحقت بهذا القطاع، خسر نحو 250 ألف عامل كانوا يعملون في مختلف مجالات العمل السياحي عملهم، فضلاً عن فقدان أسرهم لمصادر دخلها الرئيسي. ووفقاً للتقارير الأولية الصادرة عن وزارة السياحة، فإن الخسائر التي لحقت بهذا القطاع تجاوزت 12 مليار دولار.
أما القطاع الزراعي الذي يُعد مورداً رئيسياً لـ70% من السكان ويعمل فيه نحو 2.9 مليون نسمة يمثلون نحو 50% من إجمالي قوة العمل، ويساهم بـ21% من إجمالي الدخل القومي للبلاد، فقد حوّله «التحالف» إلى مسرح تجارب للأسلحة المحرمة دولياً من قنابل انشطارية وعنقودية.
وأكد تقرير صادر عن وزارة الزراعة والريّ الشهر الماضي أن الخسائر الأولية في هذا القطاع تتجاوز 3 مليارات دولار. ووفقاً لتقرير رسمي أولي، فإن طيران العدوان السعودي استهدف بـ 2024 غارة الحقول الزراعية، و915 موقعاً وحقلاً زراعياً منتجاً.