قرارات هادي الأخيرة مخرج للسعودية من ورطتها في اليمن
4 أبريل، 2016
741 14 دقائق
يمنات
عبد الوهاب الشرفي
شعرت السعودية بأن الضغوط المتجهة باتجاه حل سياسي في اليمن باتت قوية نتيجة انقلاب كامل المعادلات اليمنية و الاقليمية و الدولية والاممية المحيطة بالعدوان على اليمن وامام هذه الضغوط يكون المخرج للسعودية هو اول اهتماماتها تجاه السماح بمرور العملية السياسية المقرر ان تتم في الكويت بعد طول عرقله لها في محطاتها السابقة.
تشن السعودية وحلفائها عدوانها على اليمن تحت ذريعة تنفيذ القرار الاممي، ما يعني ان اي صيغة للحل، تذهب بعيدا عن بقاء هادي في منصبه ستكون بمثابة اعلان العدوان هزيمته بالخط العريض، لأنها ستكون انهت حربها بالتخلي عما يسمى الشرعية المتمثلة لديها في رئاسة هادي للبلد، و بالتالي ستكون فشلت في تنفيذ القرار الاممي – العدوان يتمترس خلف القرار الاممي مع ان له اهداف اخرى تماما – ما سيصب نصرا لأطراف صنعاء ليس على “هادي وطرفه” و انما على تحالف العدوان و في مقدمته السعودية.
كان هادي محميا بقدر كافي بالقرار الاممي و الموقف الدولي والاقليمي تجاه بقاءه في موقعة كرئيس للجمهورية، و كان ذلك كافيا للتمسك ببقائه حتى انتهاء الفترة الانتقالية، و بالتالي فالمخرج مؤمن للمملكة التي ستكون خرجت دون تحقيق اهدافها، لكنها لن تكون فوق خسارتها لأهدافها، فقد خسرت غطاء عدوانها المتمثل في القرار الاممي ما سيجعل خروجها خروجا مخزيا.
يتحدث العدوان عن انه حرر محافظات الجنوب منذ اشهر وانه شكلا قد اعاد ما يسمى الشرعية اليها، لكن الواقع الذي شاهده العالم على مدى اشهر يقول بلسان بليغ ان ما يسمي بالشرعية فشلت فشلا ذريعا او بعبارة اكثر سلامة ليس هناك قبول او تجاوب مع ما يسمى بالشرعية في تلك المحافظات، و هذا الامر من جهة، ومن جهة اخرى كان ليوم 26 من مارس رسالته الخاصة التي شاهدها العالم و التي قالت بالصوت العالي ان من يحاربون باسم الانقلاب على الشرعية ليسوا هم تلك الاطراف المتصورة، قبل ذلك التاريخ، بل اتضح انها تحظى بقبول يفوق بكثير كثير القبول الذي يتصور لما يسمى بالشرعية، و كان الـ 26 من مارس مقياس واقعيا لما يسمى بشرعية هادي في المحافظات الشمالية، و ان حظها ليس بأقل خيبة من حظها في المحافظات الجنوبية، و بالطبع اصبح مستقبل هادي اكثر عرضة للنقاش حوله، و سيكون مخرج السعودية مهدد بشكل جدي في اي مفاوضات سياسية قادمة.
شعرت السعودية بهذا الخطر الذي قد يفرض عليها نتيجة انقلاب كل المعادلات المحيطة بالملف اليمني و اصبح من الضروري لها ان تقوم بما يعزز فرص المخرج الآمن لها، المتمثل في جعل مسألة بقاء هادي في منصبه في اي حل سياسي قادم مسألة غير قابلة للنقاش حولها البتة.
كان وجود بحاح في منصب نائب للرئيس يمثل خطرا مركز على اجندة السعودية الخاصة بالملف اليمني أولا لأنه شخصية تحظى بقدر لا بأس به من القبول جنوبا وشمالا على الاقل بقدر يفوق ما يحظى به هادي كما انه يحظى بالصفة الدستورية التي تجعل مسألة ما يسمى بالشرعية متوفرة فيه كماهي متوفرة في هادي، و بناء على القبول و الصفة الدستورية لبحاح يصبح وجوده في منصبه عند المضي لأي مفاوضات سياسية، أمر يمثل خطرا لأنه سيجعل من مسألة استمرار هادي في منصبة امرا مطروحا للنقاش، لتوفر البديل الامثل الذي يمكن ان يدفع وضعه هذا للتحول عن هادي الى بحاح في سبيل انتاج حلا سياسيا اصبح مطلوبا للملف اليمني. و بالتالي سيكون مخرج السعودية مهددا بشكل جوهري.
و ثانيا انه مهما مارست السعودية ما يتوفر لها من وسائل ضغط فإن ما ستحصل عليه في ضل بقاء بحاح في منصبه هو ان يمثل بحاح تجسيرا للمخرج السعودي، اي ان يستمر هادي في موقعه لفترة لتأمين المخرج للسعودية، يتم بعدها التحول لبحاح لتولي موقع الرئيس او على الاقل تولي صلاحيات الرئيس مع بقاء هادي شكلا الى انتهاء الفترة الانتقالية.
كان خيار التجسير ببحاح لأي حل سياسي امر غير مقبول سعوديا، لأنه قد يؤمن المخرج من ورطة انكشاف هادي، و انه لم يعد يحظى بحظ لا شمالا ولا جنوبا الا ان هذا التجسير غير مقبول سعوديا، لأنه سيجعل الحضور الاماراتي في الملف اليمني يفوق الحضور السعودي، خصوصا و ان للسعودية تجربة مع بحاح خلال فترة العدوان جعلت منه شخصا غير مرغوب من قبلها، لأنه اثبت انه ليس بالحامل المثالي لأجندتها فيما يتعلق بالملف اليمني.
كانت المفاوضات السياسية المقررة في الكويت منتصف الشهر الجاري معرضة لأن تفاجئ السعودية بنقاش سياسي حول وضع الحكم في البلد يفاضل فيه بين هادي وبحاح واذا ما حدث هذا المفاجئ فان من سيكسب هذا النقاش هو بحاح، و لذلك اعادت السعودية عبر هادي ترتيب اوراق الحضور السياسي بالقرارات التي اصدرها هادي بالأمس، و التي كان الهدف منها سعوديا هو التحوط لأي مفاجئ، و ذلك من خلال اقصاء بحاح و تعيين محسن ما يضعف – من وجهة نظر المملكة – فرصة مناقشة استمرار هادي في منصبه كرئيس، لأن البديل هذه المرة هو محسن الذي لن يمثل بديلا منافسا لهادي لاعتبارات الصراع السابق في البلد، و بذلك يكون قد تم تعزيز فرصة هادي بإقصاء منافسه وهذا الامر من جهة، و من جهة ثانية عمدت السعودية وهادي الى اصدار قرار اقصاء بلغة غير مسبوقة وغير دستورية او قانونية يهدف لتحميل بحاح الاخفاقات خلال الفترة الماضية و خصوصا جنوبا وبالتالي – حسب ما تتصوره المملكة وهادي – سيمثل ذلك تعزيزا لحضور هادي مستقبلا، لأنه ليس المسئول عن تلك الاخفاقات.
الخلاصة
معادلة “راضيه بالموت يرضى بالحمى” كانت قبل قرارات الامس في غير صالح السعودية، لأنها بين هادي وبحاح، لكنها بعد هذه القرارات انقلبت لصالح السعودية، لأنها اصبحت بين محسن وهادي.