تواصل في الكويت لليوم الثاني على التوالي مباحثات السلام اليمنية وسط صعوبات كبيرة تهدد عملية التسوية التي ترعاها الأمم المتحدة.
خلال الجلسات العلنية والمغلقة للمحادثات، ظهر بشكل واضح أن الخلاف الرئيس بين الوفد الحكومي ووفد الحوثيين وحزب الرئيس السابق هو موضوع عودة الحكومة الحالية، في حين أن الطرفين يتفقان على بقية الموضوعات المطروحة على جدول الأعمال؛ وأهمها انسحاب المسلحين الحوثيين من المدن، وتسليم الأسلحة الثقيلة. ما يعكس قناعة الجانبين باستحالة تحقيق الانتصار العسكري، وإن حاولا تحقيق مكاسب سياسية على مائدة المحادثات.
و بدا واضحا خلال لقاءات اليوم الأول أن القادمين من صنعاء يتمسكون بأولوية الحل السياسي على الترتيبات العسكرية والأمنية؛ فيما يشدد القادمون من الرياض على أن الانسحاب من المدن وتسليم الأسلحة سيفتحان المجال أمام الحلول السياسية من دون استقواء. وهي أمور تشير إلى أن الجانبين يبحثان عن مخرج، وسط ضغوط دولية وإقليمية لإنهاء الحرب وسط مخاطر كبيرة يشكلها تنامي الجماعات الإرهابية.
المبعوث الدولي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد حاول جسر هوة الخلافات بين الطرفين، فاقترح مناقشة الملفات الخمسة بشكل متزامن وبعيدا عن الترتيب والأولويات. لكنه لم يتلق حتى الآن موافقة الطرفين على هذا المقترح الهادف إلى منع انفجار المحادثات في بدايتها، خصوصا أن الجلسة المغلقة الأولى شهدت تشديد نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية اليمني عبد الملك المخلافي على تمسك حكومته بالنقاط الخمس لجدول الأعمال ورفضها أي تعديل، في حين أن رئيس فريق مفاوضي “أنصار الله” محمد عبد السلام رفض ذلك، وأعلن تحفظ الجماعة على تلك النقاط وترتيبها.
عبد السلام أعلن تأييده الشراكة، ورفض أن “يدعي طرف ما الشرعية، وينزعها عن الآخر”. وهو إن أكد قبل بدء الجلسات حرص جماعته الدائم والمستمر على إجراء حوار سياسي، يكون فيه خير ومصلحة الشعب اليمني وعموم المنطقة، فإنه واصل انتقاد استمرار مظاهر ما أسماه بـ” العدوان” من تحليق وغارات وزحف، وقال أن الحوثيين يَرَوْن أن تثبيت وقف إطلاق النار والسماح للجان المحلية بالانعقاد يساعد بشكل كبير على إنجاح الحوار حتى يتحول إلى إعلان لوقف الحرب.
و حدد القيادي البارز في جماعة الحوثيين أن مهمتهم هي إيجاد أجندة تؤسس لمرحلة جادة من الحوار البناء والمسؤول، تؤدي إلى إرساء مسار سياسي يعتمد الشراكة والتوافق، وفقا للقرارات الدولية والمرجعيات المعروفة، وليس لاستمرار العدوان وانتهاج سياسة الإقصاء .وأمل
أن يدعم المجتمع الدولي مسار السلام “حتى نتجنب انعقاد جولة حوار فاشلة”.
بدوره، انتقد أحمد الحبيشي، الناطق باسم حزب “المؤتمر الشعبي العام”، النقاط الخمس التي اقترحها المبعوث الدولي، وقال إنها لن تحقق لليمنيين وطنا آمنا ومستقرا، بل “ستقذف بلادهم إلى المجهول، وستجعل منها بقايا أرض تنهشها الفوضى وتحرقها الحروب الأهلية ويهلكها الإرهاب”.
و رأى الحبيشي أن هذه النقاط تستهدف إنقاذ “قوى العدوان السعودي” من المستنقع الذي غرقت فيه، وتحقيق أهداف العدوان السياسية والعسكرية، التي عجزت عن تحقيقها خلال عام وشهر.
ذلك، ولتجنب انهيار المحادثات وفشلها، كما حصل في الجولتين السابقتين، سيعمل المبعوث الدولي على عقد لقاءات منفصلة مع الطرفين لمناقشة رؤيته لكيفية التعاطي مع القضايا الخمس المطروحة في جدول الأعمال، عبر توزيع المشاركين على فرق عمل تناقش كل ملف على حدة وبشكل متزامن. لكنه سيصطدم بأولوية تنفيذ تلك القضايا في حال اتفاق الأطراف على مضامينها.
المبعوث الدولي، المدعوم بسفراء الدول الثماني عشرة الراعية للتسوية في اليمن، حصل على دعم إضافي من التحالف العربي الذي تقوده السعودية؛ حيث رحب التحالف ببدء المشاورات السياسية اليمنية، وأكد استمراره في دعم جهود الأمم المتحدة ومبعوثها حتى الوصول إلى حل شامل طبقاً للقرار “2216”.
التحالف أشاد بالدور الذي لعبته مختلف الأجهزة في السعودية لجمع الأطراف اليمنية، وتشكيل اللجان المشتركة لمراقبة وقف إطلاق النار في جميع المحافظات اليمنية؛ ما سهل إيصال مواد الإغاثية والطبية لرفع المعاناة عن الشعب اليمني.
للاشتراك في قناة موقع “يمنات” على التليجرام انقر هنا