في حال نجحت التسوية التي يتم التفاوض بشأنها في الكويت فإن “المجلس السياسي الأعلى” هذا لن يتجاوز اسمه وسيظل هيئة “سياسية” وواجهة رسمية لإدارة التحالف السياسي بين المؤتمر الشعبي وأنصار الله..
وفي حال فشلت التسوية فقط سيصبح فعلا مجلسا لحكم البلاد وإدارتها..
وفي كل الأحوال التنازل الذي كان أنصار الله سيقدمونه في النهاية لكل الأطراف السياسية، فيما لو كانت الأمور لم تتطور باتجاه الحرب، قدموه الآن لـ”علي عبد الله صالح”، وأعني بذلك التنازل عن “الإعلان الدستوري”..
وكان المطلوب لهم مقابل هذا التنازل أن يوافق المؤتمر وصالح على تشكيل مجلس رئاسي وحكومة من الطرفين، لكن صالح رفض ذلك مراعاة فيما يبدو لمحذور التصعيد مع المجتمع الدولي، وكحل وسط تم اختيار مسمى المجلس “السياسي” بدلا عن “الرئاسي”.
من الركة في التسمية، وعدم التماسك في المضمون (حيث يقول إن المجلس يمارس مهامه طبقا للدستور مع انه ليس في الدستور اليمني المعروف ما يجعل من هذا المجلس هيئة دستورية أولا)؛ يتضح أن المشروع برمته وليد ضغوط ومجاراة: ضغوط من أنصار الله ومجاراة لهم من صالح ولكن بعد أن خفف الأخير من حدة المشروع حتى لا يزيد من حدة الصدام مع الإقليم والعالم، مع تحقيقه في المقابل نقطة هامة هي اسقاط الاعلان الدستوري.
خطوة ذكية من صالح وغبية من الحوثيين
هذا هو الأمر باختصار
لو تنازلوا عن “الاعلان الدستوري” بمبادرة منهم مقدمة لكل اليمنيين، خصوصا أن “الاعلان” كان بحكم الميت أصلا، لكانوا حققوا بذلك إنجازا ولربما ساهموا في تلطيف أجواء الصراع والحرب.
لكنهم بدلا عن ذلك قدموا التنازل لصالح، وليس عيبا ان يقدم الحليف تنازلا لحليفه، بل هو أمر مطلوب لنجاح أي تحالف، لكن الفكرة هي أن صالح نفسه لم يكن إلى هذا الحد محتاجا لتنازل من هذا النوع، فالتراجع عن الاعلان الدستوري استحقاق لدى الحوثيين تجاه أي تسوية مع كل الأطراف اليمنية وليس مع طرف واحد، خصوصا صالح الذي ليس متضررا أصلا من الاعلان الدستوري بقدر تضرره من الحرب السعودية.
صالح لم يكن محتاجا لهذا التنازل، لذلك سيستثمره فقط، وله كامل الحق في ذلك، لخدمة “زعامته” وتكريسها، ولأغراض المزيد من الدعاية والإعلان خصوصا على المستوى الإقليمي والدولي (ولذلك مثلا يحرص خبر توقيع اتفاق انشاء المجلس على القول إنه تم بحضور “الزعيم”!).
فيما عدا ذلك، وبشكل عام؛ فإن أي تقارب أكبر وأي توثيق للتحالف وبشكل عام بين الانصار والمؤتمر وصالح، كما بين أي طرفين يمنيين أو أطراف يمنية؛ يظل بحد ذاته أمرا جيدا ومطلوبا ويستحق التشجيع.