صعد طيران التحالف السعودي غاراته في محافظات حجة وصعدة وصنعاء خلال الأيام القليلة الماضية، ما أدى إلى مقتل العشرات من المدنيين، ولم تستثنِ غاراته المنازل والمستشفيات والمدارس، حيث ارتكب ثلاث مجازر ضد المدنيين خلال ثلاثة أيام متتالية وذلك بعدما رفعت الأمم المتحدة السعودية من القائمة السوداء بشأن جرائمها السابقة بحق اطفال اليمن.
وارتفع عدد ضحايا استهداف طيران «التحالف» مستشفى «عبس» الذي تدعمه منظمة «أطباء بلا حدود» في محافظة حجة الحدودية مساء الاثنين إلى أكثر من 39 قتيلاً وجريحاً بينهم أطباء تابعون للمنظمة، إثنان منهم يمنيان وطبيبة إسبانية كانت تعمل في المستشفى.
واتهم مكتب الصحة في محافظة حجة التحالف السعودي بإعاقة وصول فرق الإسعاف والإنقاذ من خلال مواصلة التحليق المنخفض فوق المنطقة. من جهتها، أكدت منظمة «أطباء بلا حدود» أن 19 شخصاً على الأقل أصيبوا جراء الغارة وتوفي طبيب تابع لها ومريضان أثناء نقلهما إلى المستشفى الجمهوري، مشيرةً إلى أنه جرى إخلاء جميع المرضى والكوادر الطبية الباقية في المستشفى.
وأكدت المنظمة أنه عند حدوث الغارة كان هنالك 23 مريضاً في قسم الجراحة و25 مريضاً في جناح الأمومة (13 مولوداً جديداً، و12 في قسم طب الأطفال). وبينت المنظمة التي تعمل في 11 مستشفى ومركزا صحيا في اليمن وتقدم الدعم لـ18 مستشفى ومركزا صحيا آخر، فيما يعمل حالياً أكثر من ألفي موظف من المنظمة، بينهم 90 موظفاً دولياً، أنه جرت مشاركة إحداثيات الموقع الجغرافي للمستشفى مراراً مع جميع أطراف النزاع بمن فيهم «التحالف» الذي تقوده السعودية وموقعه معروف جيداً.
وأفادت مديرة مكتب وحدة الطوارئ الخاصة باليمن تيريزا سان كريستوفال بأن «التحالف» يستهدف مستشفيات تديرها المنظمة للمرة الرابعة في أقل من سنة. وقالت: «شهدنا اليوم من جديد العواقب المأساوية لقصف مستشفى يعمل بكامل أقسامه ويحوي مرضى وكوادر محلية ودولية من أطباء بلا حدود، في حرب لم تُبدِ احتراماً للمرافق الطبية أو للمرضى، فقد قصفت الغارة الجوية مجمع المستشفى». وأشارت المنظمة إلى أن استهداف المرافق الطبية أمر غير مقبول سواء كان مقصوداً أو ناتجاً عن الإهمال، منوهةً إلى ضرورة اتخاذ اجراءات فعلية لإيقاف استهداف الكوادر الطبية والمرضى. ودعت «أطباء بلا حدود»، «جميع الأطراف وخصوصاً التحالف الذي تقوده السعودية والمسؤول عن القصف، إلى ضمان عدم تكرار مثل هذه الغارات».
وأعلنت قيادة «التحالف» فتح تحقيق في آثار الغارة، فيما نددت واشنطن باستهداف المستشفى من دون أن توجه إدانة صريحة للتحالف، داعية «جميع الأطراف إلى التوقف فوراً عن الأعمال العدائية».
كذلك، دان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون استهداف طيران «التحالف» مستشفى «عبس»، مشيراً في بيان إلى أن أطراف النزاع في اليمن قد ألحقوا الضرر أو دمروا أكثر من 70 مركزاً صحياً، بما في ذلك ثلاث منشآت أخرى تدعمها منظمة «أطباء بلا حدود». وطالب البيان بالتحقيق في جميع هذه الهجمات بشكل عاجل وفعال ومستقل ومحايد، مجدداً دعوة أطراف الصراع إلى وقف الأعمال العدائية فورا وتجديد تواصلهم، من دون تأخير وبحسن نية، مع المبعوث الخاص لليمن سعياً إلى التوصل إلى حل عن طريق التفاوض.
من جهتها، وصفت منظمة العفو الدولية، قصف قوات «التحالف» المستشفى بـ«الهجوم الوحشي البائس الذي من شأنه أن يرقى إلى جريمة حرب».
يمنياً، استنكر المجلس السياسي الأعلى، المجزرة محملاً الأمم المتحدة، ومجلس الأمن، والمجتمع الدولي، كامل المسؤولية عن تواصل مثل هذه الجرائم التي ما كان لها أن تستمر لولا تغاضي وصمت المجتمع الدولي والمنظمات الدولية الناشطة في هذا المجال. وأشار إلى أن صمت المجتمع الدولي شجع دول «التحالف» على الإمعان والتمادي في ارتكاب المزيد من هذه المجازر. وطالب المجلس السياسي الأعلى المشكّل حديثاً في صنعاء الأمم المتحدة، ومجلس الأمن الدولي، بتشكيل لجنة دولية محايدة ومستقلة للتحقيق في هذه الجرائم الإرهابية وغيرها من الجرائم التي ارتكبها «التحالف» بقيادة السعودية.
وقد استهدف طيران «التحالف» أمس بعدة غارات جوية منزل مواطن بمنطقة بغولة عاصم بمديرية نهم محافظة صنعاء، ما أدى إلى سقوط 26 قتيلاً وجريحاً أغلبهم نساء وأطفال. وكان طيران «التحالف» قد قتل السبت الماضي أكثرمن 20 طفلاً في مدرسة لتحفيظ القرآن في منطقة جمعة آل فاضل في محافظة صعدة. وتنكر «التحالف» لجريمته مصرّاً على أن المدرسة هي «لتدريب مقاتلين» برغم أن الأطفال لا تتجاوز أعمارهم الـ12 عاما.
وتزامنت تلك الجرائم مع تأكيد وزارة الصحة أرتفاع اعدد الشهداء والجرحى نتيجة العدوان على اليمن من الذين وصلوا للمستشفيات والمرافق الصحية حتى 11 آب الجاري إلى 26 ألفاً و561 قتيلاً وجريحاً ومعاقاً.
وأوضحت الوزارة في مؤتمر صحافي عقد يوم أمس في صنعاء أن عدد الشهداء بلغ 7827 قتيلاً، منهم 1620 طفل.