في حواره التلفزيوني مع قناة روسيا24 ، مساء الاحد 22اغسطس/آب 2016، تعمد الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح مغازلة روسيا مجددا ومحاولة دفعها للوقوف بجانبه في مواجهة السعودية وحلفائها، وذلك بعرض حوافز اكبر لها عن ذي قبل، فتحدث عن الاستعداد لتقديم كافة التسهيلات في القواعد والمطارات و الموانئ اليمنية لروسيا وبصورة ربما ينظر اليها البعض انها تفتح الباب لموسكو امام حصولها على مزايا و تسهيلات عسكرية قد تصل مستقبلا الى حد إقامة قواعد عسكرية كما حصل في سوريا.
– يبدو ان الرئيس السابق، ادرك من خلال الإشارات المتضاربة لموسكو خلال الأسبوعين الأخيرين، انها ما تزال مترددة في تحديد موقف واضح من الاحداث فيما يتعلق بموقفها من الملف اليمني خاصة ان السعودية وحلفائها ما فتئوا يعرضون عليها مغريات عديدة لضمان جرها اليهم او ابقائها على الحياد على الأقل، الامر الذي دفعه خلال حواره..
– رغم ان مثل هذا العرض يعتبر مس مباشر بالسيادة اليمنية، الا ان الرئيس السابق كان حذر في تقديم عرضه، فقد تجنب ذكر نوع التسهيلات التي سيقدمها للروس ولم يحصرها في النوع العسكري تحديدا كما يفترض وجعلها عامة بما يجعلها اقرب الى اللوجستية منها، كما كان ذكيا عندما ربط تلك التسهيلات بمكافحة الإرهاب ولم يجعلها مفتوحة و يقدمها كشيك على بياض، ويرجع ذلك الى:
الأول: ادراك صالح ان فتح المطارات والموانئ اليمنية امام الروس وتقديم التسهيلات لهم تحت ذريعة مكافحة الإرهاب، سيحد من أي انتقادات له داخل وخارج اليمن لعدة أسباب أهمها ان مكافحة الإرهاب امر مجمع عليه داخليا وخارجيا وليس بدعة واصبح احد المرتكزات التي يتم من خلالها تصنيف الدول وتحديد وضعها في النظام العالمي الجديد كدول شريكة او مارقة.
الثاني: ادراكه وجود تفاهمات امنية سابقة بين بلادنا وعدة دول في مقدمتها السعودية وامريكا ودول غربية بشأن التعاون في مكافحة الإرهاب، بمعنى انه في هذه الحالة لم يقدم على شيء جديد قد يحسب عليه خاصة مع اشارته في حواره يوم امس بوجود اتفاقيات سابقة موقعة مع الاتحاد السوفيتي قبل انهياره.
الثالث: ادراكه ان مثل هذا العرض من شأنه ان يدفع القيادة الروسية لإعادة النظر في موقفها وعدم الانجرار وراء السعودية وحلفائها كونه يتضمن الجانب الذي دائما ما يستهوي الروس في علاقاتهم بالدول الأخرى والخاص بالقواعد العسكرية.
الرابع: جاء عرض الرئيس السابق بعد اكثر من أسبوع على سماح ايران لروسيا باستخدام قاعدة همدان العسكرية لشن غارات على مواقع تنظيم داعش في سوريا، وهى المرة الأولى التي تسمح فيها ايران منذ الثورة لطائرات دولة أخرى باستخدام قواعدها العسكرية، ومن غير المستبعد اعتقاد صالح ان ذلك قد يخفف أي عتب للحوثيين بشأن عرضه السابق لروسيا.
– ومع ذلك من المهم ادراك حقيقة ان روسيا لن تقدم على فتح جبهة جديدة في صرعها مع الغرب على النفوذ في المنطقة، دون ان يكون المقابل يستحق ذلك، ولن تقبل بأنصاف المغريات او بأقل مما كان لها من نفوذ وسطوة في الجنوب قبل الوحدة خاصة مع ادراك صعوبة وضع الحلفاء المفترضين في اليمن، ولا اعتقد ان هناك من يريد تكرار مثل هذه التجربة السلبية في تاريخ اليمن.
– ما سبق انما يؤكد ان الحل الذي يمكن ان يخرج اليمن من محنتها ووقف مسلسل انهيار الدولة اليمنية، لن يكون في موسكو أو الرياض ولن يكون في المقام الأول الا حلا يمنيا، وكلما ارتبط بالخارج كلما كان على حساب اليمن ومصالحه العليا، فهل يدرك كبار القوم هذه المسألة البديهية، أم سيظلون في غيهم يعمهون.