قراءة في زيارة ولي ولي العهد السعودي إلى اليابان
يمنات
وصل “محمد بن سلمان بن عبدالعزيز” ولي ولي العهد السعودي و وزير الدفاع، الخميس 1سبتمبر/أيلول، إلى اليابان تلبية لدعوة حكومة طوكيو، في زيارة لمدة ثلاثة أيام، انتهت أمس السبت.
تشكل هذه الزيارة آخر محطة لابن سلمان في جولته الآسيوية التي شملت باكستان والصين واليابان، قبل أن يعرج مرة أخرى على الصين ليمثل بلاده في قمة العشرين التي تنطلق غدا الأحد.
وتتشارك السعودية واليابان علاقات استراتيجية هامة خاصة على الصعيد الاقتصادي، إذ بلغ حجم التبادل التجاري بين السعودية واليابان في العام 2014 إلى 194 مليار ريال (52 مليار دولار)، كما تأتي السعودية في المرتبة العاشرة كأهم الشركاء التجاريين الرئيسيين مع اليابان، فيما تأتي اليابان ثالث أكبر شريك تجاري للمملكة، إضافة إلى وجود عدد من المشاريع المشتركة بين البلدين. وفي مجال الطاقة تحتل السعودية المرتبة الأولى في تزويد اليابان بالنفط الخام ومشتقاته، بما يصل إلى أكثر من ثلث إجمالي واردات اليابان من النفط.
وهذه الزيارة هي الثانية لابن سلمان إلى اليابان، بعد الزيارة الأولى في 2014 والتي رافق فيها أبيه “سلمان بن عبدالعزيز” عندما كان ولياً للعهد، إلا أن توقيت الزيارة، ورئاسة محمد بن سلمان للوفد السعودي، تنطوي على العديد من الدلالات، نذكر منها:
أولاً: التأكيد على مكانة محمد بن سلمان: حيث أن نجم ولي ولي العهد السعودي، يزداد لمعاناً هذه الأيام، ولابد من مشاهدة بصمته في كل القضايا والعلاقات التي تشكل أهمية استراتيجية للسعودية، على خلاف ولي العهد “محمد بن نايف”، الذي يحيطه تعتيم متعمد من قبل السلطة السعودية التي تعمل وفق ما يؤكده مراقبون على تأهيل وإعداد بن سلمان للسلطة خلافة لأبيه. حيث أن اشراف بن سلمان على العلاقات الاستراتيجية بين البلدين، سيقوي من قبضته على شؤون المملكة الهامة، ويقوي من فرصته في ضبط الأمور بعد رحيل والده.
ثانياً: تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين: وذلك بعد التراجع في الاقتصاد السعودي، جراء التكلفة الباهظة للتدخل السعودي في ملفات المنطقة، بدءً من العدوان على اليمن، وصولاً إلى دعم الجماعات المسلحة في سوريا. ففي الوقت الذي تشهد فيه السعودية ارتفاعاً في الأسعار وزيادة في الضرائب وانخفاضاً في الاحتياطي المالي في ظل سياسة تقشفية طارئة، أضحت اليوم بحاجة أكبر لتعزيز علاقاتها الاقتصادية شركائها الاقتصاديين البارزين. وقد كان لافتاً أن الوفد السعودي ضم إلى جانب ولي ولي العهد، جميع الوزراء السعوديين ذوي العلاقة بالملف الاقتصادي، اي وزير المالية ووزير الاقتصاد والتخطيط، وكذلك وزير التجارة والاستثمار، ووزير العمل والتنمية الاجتماعية.
ثالثاً: الإفادة من العلاقات مع اليابان، لدفع عجلة الرؤية الاقتصادية لعام 2030 التي أطلقها ولي ولي العهد السعودي، لاصلاح الأوضاع الاقتصادية في البلاد، حيث تشمل الخطة بيع أسهم من شركة النفط الوطنية العملاقة (أرامكو)، وتوظيف العائدات الحاصلة في أعمال التنمية، الأمر الذي يمكن أن تسهم فيه اليابان سواء من خلال شراء هذه الأسهم، أو من خلال وضع الخبرات اليابانية في مجال التنمية في خدمة المشروع السعودي، والتي يحتاجها محمد بن سلمان، لزيادة رصيده في الداخل السعودي، بعد الأصوات التي حملته مسؤولية تردي الأوضاع الاقتصادية والتورط في حرب اليمن.
رابعاً: تعزيز العلاقات في المجال الدفاعي والأمني: حيث وقع الطرفان اتفاقية في المجال الدفاعي، حيث أن الاتفاقيات الدفاعية أصبحت سمة الزيارات الرسمية التي تقوم بها الوفود السعودية إلى الدول المختلفة، خاصة بعد التورط السعودي في المستنقع اليمني، والجدير بالذكر أن اليابان كانت من ضمن الدول التي أيدت العدوان السعودي على اليمن. ويبدو أن حضور كل من وزير الدولة، ورئيس الاستخبارات ضمن الوفد السعودي، يدل على طابع أمني لزيارة الوفد السعودي، حيث يرى مراقبون أن السعودية قد تعمل على الإفادة من التكنولوجيا اليابانية في التجسس ومراقبة خطوط الاتصال وشبكات التواصل الاجتماعية، لمعالجة المخاطر الأمنية التي يشكلها تنظيم داعش الارهابي، وكذلك من أجل مراقبة الناشطين والمعارضين في الداخل السعودي.
ويرى مراقبون أنه في ظل الظروف التي تمليها الأوضاع الراهنة بما فيها الحرب السعودية على اليمن، لن تخرج السياسة السعودية الخارجية عن ثلاث أسس رئيسية، هي التركيز على المسائل الدفاعية والاقتصاد، وتكريس محمد بن سلمان ملكاً مستقبلياً للبلاد.
المصدر: الوقت