خفايا الدور الاماراتي ومحاولة اغراق السعودية في اليمن (1-4)
يمنات
عبدالعزيز ظافر معياد
هناك مجموعة من الأسباب المتداخلة والمتعددة المستويات والابعاد، والتي يمكن من خلالها فهم مواقف وسياسة نظام محمد بن زايد في اليمن والمنطقة عموما، وكما يلي:
أولا: أسباب مرتبطة بالعلاقة مع نظام الرئيس السابق و اليمن الواحد
– لم يقتصر الامر على السعودية والكويت في معاقبة نظام صالح جراء موقفه من غزو الكويت، ودعمهما المحاولة الانفصالية الأولى عام 1994، فقد حقد النظام الاماراتي بشدة على نظام صالح وذلك بسبب شن الاعلام اليمني في تلك الفترة حملة شديدة ضد الامارات وضد شخص الشيخ زايد خلال حرب الخليج الثانية، ويبدو ان الامارات اعتبرت ذلك نكرانا للجميل من قبل صالح وبالذات ان التهجم على الشيخ زايد جاء بعد سنوات بسيطة من بناءه سد مأرب الجديد.
– تركزت ردة فعل الامارات الانتقامية على قضية الوحدة، حيث رعت واستضافة ابوظبي منذ وقت مبكر القيادات الانفصالية خاصة عقب حرب صيف 1994، وحتى اللحظة، ولعلنا نتذكر كلام الشيخ زايد الداعم للانفصال للوفد اليمني الذي زار ابوظبي خلال حرب 1994، حيث قال: (امساك بمعروف او تسريح بإحسان) ورد عليه أحد أعضاء الوفد (الوزير البطاني على ما اعتقد) بأن يبدؤا الطلاق بين الامارات السبع أولا.
ثانيا: أسباب مرتبطة بعلاقة الامارات مع السعودية وتباين اجندتهما في اليمن
و تبرز هنا نقطتين رئيسيتين هما:
الأولى: خلافات حدودية بين الدولتين خاصة ان السعودية لم تكتف بتنازل ابوظبي لها العام 1974م عن حقل الشيبة الذي ينتج 600 ألف برميل من النفط يوميا مقابل اعتراف السعودية بدولة الامارات والوقوف الى جانبها امام الرفض العماني للدولة الجديدة، حيث بسطت الرياض سيطرتها على أراضي إماراتية أخرى خاصة المناطق التي كانت تربط الامارات بقطر برا، بل أن الرياض تمادت في اطماعها مدعية ان المنطقة البحرية المقابلة للشريط الساحلي بين الامارات وقطر تابعة لها، وتحت هذه الادعاءات افشلت خطط ابوظبي والدوحة لإقامة جسر بري يربط بينهما وكذا مشروع لمد انابيب الغاز القطري الى الامارات.
– اثار التسلط السعودي غضب الامارات الشديد، ودفعها العام 2009م الى وضع خارطة الامارات الرسمية على بطاقة هويتها الوطنية، والتي تشتمل على المناطق والأراضي التي اغتصبتها السعودية منها، ما فجر ازمة بين البلدين تجلت في منع السلطات السعودية الاماراتيين من الدخول الى أراضيها بالبطاقة الشخصية المعمول بها بين دول الخليج، وهددت بإعادة العمل بجوازات السفر.
– كما كاد التوتر بين الدولتين ان يعصف بمجلس التعاون الخليجي عندما تفجر الخلاف بين ابوظبي والرياض جراء رفض الأخيرة طلب الأولى استضافة مقر البنك المركزي الخاص بالعملة الخليجية على أراضيها وما تلاه من انسحاب الإمارات من مشروع العملة الخليجية الموحدة، كما أظهرت الامارات ودول خليجية أخرى تململها من سياسة الأخ الكبير الذي فرضته السعودية لعقود عليها بل أظهرت الامارات وقبلها قطر في السنوات الماضية توجها لمنافسة السعودية على النفوذ في دول المنطقة.
النقطة الثانية: تباين اجندة الدولتين في اليمن وأطماعهما التوسعية فيه: ويمكن إيضاح ذلك كما يلي:
1-تباين الاجندة في اليمن
رغم تماهي الدولتين بالنسبة للوضع في الجنوب ورغبتما المشتركة لإعادة تقسيم اليمن لكن مع تفاوت في توقيت حدوثه، فأبوظبي سارعت في الكشف العلني عن تلك النوايا والعمل على تحقيقها في اسرع وقت، وركزت نشاطها على تكريس وضع مستقل في المحافظات الجنوبية عن شقيقاتها الشمالية، في حين تفضل الرياض التأني الى حين حسم المعركة في الشمال، ومن ثم دعم مسألة الفيدرالية المزمنة وحق تقرير المصير، وهو ما ظهر جليا في مؤتمر القوى اليمنية في الرياض في مايو 2015م، الذي اقر ما اسماه حق الشعب في تقرير مكانته السياسية، كمدخل فرضته السعودية على القوى الشمالية للقبول مستقبلا بالانفصال مع ملاحظة ان الإقرار بذلك يمنح حضرموت ومناطق يمنية أخرى الحق مستقبلا للمطالبة بالانفصال، في حين يظهر التباين الشديد في رؤية الدولتين بشأن الوضع في الشمال وموقفهما من قواه الرئيسية خاصة الاخوان والحوثيين والرئيس السابق واقاربه ودورها المستقبلي في النظام.
2- صراع على النفوذ واطماع توسعية للدولتين في اليمن
– رغم حرص نظامي ابوظبي والرياض على احتواء الصراع بينهما وعدم خروجه الى العلن خاصة بعد الاتفاق الذي توصل اليه محمد بن زايد والملك سلمان ونجله في طنجة المغربية في أغسطس 2015م على تقاسم النفوذ بين الدولتين في اليمن حسب ما كشف عنه مركز “أنتليجنس أون لاين” الاستخباراتي الفرنسي، الا ان العديد من الاحداث اظهرت خرق الدولتين لبنوده.
– ظهر ذلك جليا عندما قامت الامارات قبل اشهر بسحب قواتها في عدن الى منطقة جوار المطار مع رواج اخبار عن شكوك اماراتية في وقوف السعودية وراء تمكن مسلحين من اسقاط مروحيتين اماراتيتين في عدن وباب المندب خلال بضعة أيام، كما اظهر انتقاد وزير الشئون الخارجية الاماراتي أنور قراقاش لقرار هادي اقالة خالد بحاح حجم الاستياء الاماراتي من حكومة هادي التي تدار من الرياض، وانعكس ذلك الاستياء في معاملة مهينة تعرضت لها حكومة بن دغر من قبل القوة الإماراتية خلال مكوثها في عدن لعدة اسابيع كإجبارها أعضاء الحكومة على الإقامة في ثلاث غرف فقط في قصر معاشيق الرئاسي، يضاف الى ذلك افشال القوة الإماراتية في المكلا بحضرموت لمحاولات بن دغر بيع ثلاثة ملايين ونصف برميل من نفط المسيلة قبل ان تتدخل السعودية في الموضوع.
– بالنسبة لأطماع الدولتين في اليمن، فغالبية اليمنيين يعرفون بشأن الاطماع السعودية في اليمن، فإلى جانب حرص السعودية على إبقاء الدولة اليمنية ضعيفة وتابعة لها، فان اطماعها التوسعية تتركز بشكل رئيسي على حضرموت، ورغبتها القديمة الجديدة في مد انابيب النفط عبرها الى البحر العربي، إضافة الى ما كشفته دراسة نشرتها مجلة المهندس، الصادرة عن الهيئة السعودية للمهندسين، في ابريل 2016م، واعادت نشرها غالبية الصحف السعودية تتحدث عن مشروع سعودي عملاق لحفر قناة بحرية (قناة سلمان) تمتد من الخليج العربي مرورا بصحراء الربع الخالي وحضرموت الى بحر العرب، والهدف منها تصدير النفط والذي سيختصر رحلات السفن (ما يقرب من 500 ميل)، والحد من أي خطر محتمل لإغلاق مضيق هرمز من قبل إيران، وإقامة مفاعلات نووية سعودية على ضفتي القناة في الربع الخالي.
الأطماع الاماراتية
– أما بالنسبة للأطماع الإماراتية في اليمن، فالأمر يختلف فمازال الكثير من تفاصيلها غير معروف، الا ان العديد من المؤشرات الدالة عليها بدأت في الظهور بقوة في الأشهر الأخيرة، والذي تسبب في تصاعد وتيرة الصراع الخفي بين الرياض وابوظبي في اليمن، وبشكل عام يمكن القول ان الاطماع الإماراتية تتركز بدرجة رئيسية في ثلاث نقاط رئيسية هي: ميناء عدن، حضرموت، و أرخبيل سقطرى، وهذا هو محور المقال المقبل بعونه تعالى.
المصدر: حائط الكاتب على الفيسبوك