خرج ولم يعد .. حمود المخلافي هل نفض يديه من المقاومة..؟
يمنات
مفيد الغيلاني
ما يزال الغموض يكتنف مغادرة قائد “المقاومة الشعبية” في تعز، حمود المخلافي، اليمن إلى تركيا، منذ فترة غير قصيرة. الرجل الأبرز في فصائل “المقاومة” وصاحب السبق في مساندة “ثورة الشباب” التي اندلعت عام 2011، خلّف الكثير من علامات الإستفهام، مع مغادرته مدينة تعز، خصوصاً بعد الخلافات الأخيرة التي نشبت بينه وبين جماعة “أبو العباس” السلفية.
استهداف المخلافي
الصحافي عصام القدسي يؤكّد أن “جماعة أبو العباس السلفية لها دور مهمّ بمغادرة حمود المخلافي”، عازياً ذلك إلى أن “هذه الجماعة تتكوّن من أفراد كانوا مع تنظيم القاعدة، ومعروف أن محرّك القاعدة في اليمن هو صالح”. و يذكّر القدسي، في تصريح لـ”العربي”، بأن الجماعة “رفضت تسليم منزل المخلافي في الجحملية قبل عام، وتكتّم الشيخ حمود حتّى لا تفقد المقاومة تماسكها، ولأن الوقت لا يسمح لهم بالصراع الداخلي وفتح جبهات أخرى داخل المقاومة وحمود مدرك لهذا الشيء، جماعة أبو العباس مهمّتها تصفية الشيخ حمود المخلافي”.
في الأيّام الأخيرة، برز “تفريخ” فصائل جديدة تحت عباءة “المقاومة”، وطفت على السطح وجوه غير مألوفة، في الوقت الذي بدأ فيه المخلافي يتوارى عن الأنظار، ما أثار العديد من التساؤلات لدى المراقبين.
المحلّل السياسي، عبد الله الحميري، يرى، في تصريح لـ”العربي”، أن “هناك خططاً خارجية تنفّذها بعض القيادات المحسوبة على المقاومة، منها تصفية حمود المخلافي، وتلقّيه خيانات موجعه في أكثر من جبهة ما جعله يفرّ بنفسه”.
و مع خروج مسيرات تطالب حمود المخلافي بالعودة إلى تعز، برزت تسؤلات حول الجهة التي تمنع عودته. ما دفع الناس للخروج، بحسب رأي الصحافي محمّد سعيد الشرعبي، هو الرغبة “في وضع حدّ للإنفلات الأمني الحاصل بالمدينة، فإذا وجدت الدولة وأعيد تفعيل المؤسّسات بشكل صحيح، فلن يكون هناك حاجة لاستنجاد المواطن بقائد أيّا كان، ولو كنّا نكن له كلّ احترام، لأن الشخص يرحل، والدولة تبقى في مختلف الظروف”.
و يضيف الشرعبي أن “البعض يبالغون بانزعاجهم من مطالبات شعبية بعودة قائد المقاومة، بدافع رفضهم تجميده على حساب الدولة، ولم يستوعبوا سبب خروج المواطن جرّاء تزايد كوارث الإنفلات منذ مغادرته المدينة، شخصيّاً لست ممّن يمجّد الأشخاص، أو يعوّل عليهم إلى حدّ التخلي عن مطلب استعادة الدولة، ولكن واقع تعز يتوجّب مراجعة الأخطاء، وتكاتف جميع مكوّنات المقاومة بهدف إنهاء الانفلات، والتفرّغ لاستكمال معارك التحرير”.
المعنى في بطن هادي؟
التظاهرة الحاشدة التي خرجت تطالب بعودة قائد “المقاومة”، حمود المخلافي، أيّدها البعض وأثارت سخط آخرين، فيما رأى قسم ثالث أن عودته لا تجلب تحريراً ولا تغني من حرب. ويشدّد الكاتب والصحافي، فتحي أبو النصر، لـ”العربي”، على ضرورة “أن لا نحمّل الأمر أكثر مما يستحقّ، طبيعي أن يكون حمود المخلافي ذا حظوة شعبية في تعز ومن المتوقّع هذا يحدث، لكن هل سيفضي تواجده أو حتّى غيابه إلى إحداث فارق سياسي وعسكري في تعز، هذا هو السؤال الكبير الذي تكابده تعز، بلا إجابة شافية، وهي تدفع ضريبة مهولة كما نرى، والسبب لأن المعنى في بطن هادي؟”.
ويذهب مراقبون إلى القول إن تلك المسيرة عبارة عن مسرحية هزلية نفّذها حمود المخلافي، ليظهر للعالم تنصّله من الإرهاب، فيبدو زعيماً شعبياً تهتف بعودته الجماهير. في هذا السياق، يلفت الصحافي محمّد عبد الرقيب نعمان، في تصريح لـ”العربي”، إلى أنّه “دوليّاً، أعلنت الحرب على الإرهاب في كلّ مكان، وكلّ مكوّن يحاول أن يتنصّل من شبهة العلاقة بالإرهاب، وينأى بنفسه بعيداً باستباق الأحداث، ومحاولة الهروب من أيّ شبهة قد تضعه في مربّع التهمة، وقد يحاول درء التهم بالعمل على إرسال رسالة للعالم، والظهور كبطل شعبي تفرضه الضرورة، وتحتشد من أجله الجماهير”. ويتابع أن “حقيقة الصراع القائم في أساسه بين قوى وطنية تناضل من أجل بناء دولة، وبين قوى تقليدية تعتبر الدولة كفراً والوطن خرافة، ومهما اختلف تموضع هذه القوى في اصطفافات الحرب القائمة إلّا أنّها تتّفق في رفضها لمشروع الدولة، وتعبّر عن ذلك بحكم الأمر الواقع الذي تفرضه، سواء كانت في طرف الإنقلاب صراحة، أو بقناعها في صفوف الشرعية والمقاومة”. ويزيد أن “مشروع الدولة يعني فرض النظام والقانون، مجرّداً من المليشيات والمشيخات، ولا يستقيم معنى الدولة والمشيخات بالمطلق”.
من جهته، يعتقد المحلّل السياسي، محمّد محمّد المهدي، في تصريحه لـ”العربي”، أنّه “يجب أن يرتبط مشروع المقاومة بالوطن والدولة المدنية لا بأشخاص محدّدين، مع تقديرنا واحترامنا للأشخاص؛ فالأشخاص دائماً معرّضون للأخطاء والتغيّرات، وتبقى مشاريع الوطن ثابتة وراسخة، وهذا ما نلاحظه في السياسة الأمريكية كنموذج، مهما ذهب الأشخاص أو تغيّروا لكن تبقى سياسة الدولة واضحة معالمها”. ويضيف المهدي أنّه “ليس بالضرورة أن يبقى الشيخ حمود في تعز، ولكن الضروري أن يبقى مشروع حمود في تعز”.