الصحافة الامريكية تقرع طبول الحرب في سورية.. وتقارير المانية تتحدث عن خطة بضربات جوية لحلف الناتو لتدمير المطارات وشّل سلاح الجو السوري
6 أكتوبر، 2016
681 11 دقائق
يمنات
عبد الباري عطوان
إذا صحت التقارير التي أصدرها مركز فيريل للدراسات الاستراتيجية في برلين عن وجود خطة لحلف “الناتو” لضرب الجيش السوري، وتدمير مطاراته ومراكزه القيادية، من خلال هجمات جوية مكثفة تشارك فيها 800 طائرة من 14 دولة الى جانب اطلاق صواريخ “توماهوك” من قواعد أمريكية في منطقة الخليج، نقول اذا صحت هذه التقارير، فإننا على حافة حرب عالمية ثالثة، والامل الوحيد ان يتدخل الرئيس الأمريكي باراك أوباما لوقفها.
هذه الخطة تحاكي نظيرتها التي طبقها حلف الناتو اثناء قصفه لصربيا قبل عشرين عاما، وكذلك عملية “ثعلب الصحراء” ضد العراق عام 1998، والقصف الجوي لليبيا عام 2011، وستركز على الجيش السوري، وتتجنب أي اهداف عسكرية روسية.
لا نستغرب، او نستبعد، ان يكون تسريب انباء هذه الخطة، وعبر مركز دراسات الماني، في إطار الحرب الباردة المتصاعدة حاليا بين موسكو وواشنطن، ولكن من يتابع بعض الصحف الامريكية، واليمينية منها خاصة، مثل “الواشنطن بوست” و”وول ستريت جورنال”، وما تنشره من تقارير وتحليلات ومقالات يخرج بانطباع بأن احتمالات الحرب أكبر بكثير من احتمالات السلام، او ان هذه الحرب المتوقعة تأتي من اجل السلام، حسب نظرية الفيلسوف الفرنسي برنارد هنري ليفي.
“الواشنطن بوست” اكدت ان مجلس الامن القومي الأمريكي الذي يضم جنرالات من الجيش والأجهزة الأمنية والاستخبارية، علاوة على خبراء في الخارجية والدفاع، “يعكف منذ أسابيع على دراسة غارات “محدودة” ضد النظام السوري وجيشه لإجباره على العودة الى المفاوضات، بينما كتب السناتور جون ماكين المرشح السابق لرئاسة الجمهورية، ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في الكونغرس، كتب مقالا في صحيفة “وول ستريت جورنال” يوم امس يحمل عنوان “أوقفوا الأسد الآن او توقعوا سنوات من الحرب”، ملخصه اسقاط الطائرات السورية، وتزويد المعارضة بأسلحة حديثة.
***
خبراء عسكريون في لندن يرجحون ضربات سرية جوية سريعة لا يتم الإعلان عنها، بينما تحدث جون كيري، وزير الخارجية الأمريكي، عن ما اسماه بـ”الضربات الصغيرة”، ودون انتظار أي قرار من مجلس الامن الدولي لتوفير التغطية القانونية اللازمة على غرار ما حدث في ليبيا، وحرب تحرير الكويت.
من المؤكد ان روسيا التي تملك أجهزة استخبارات قوية على دراية بمثل هذه الخطط والنوايا الامريكية، وهذا ما يفسر ارسالها سفينتين حربيتين جديدتين الى البحر المتوسط لتنضم الى حاملة طائرات، وعدة سفن أخرى مماثلة، وتعزيز دفاعاتها الجوية في سورية ببطاريات صواريخ “اس “300 الحديثة جدا، ومن غير المستبعد ان هذه الصواريخ وصلت الى الجيش السوري للتصدي لأي غارات أمريكية.
السيدة فالنتينا ماتفيينكو، رئيسة مجلس الاتحاد الروسي، لم تستبعد محاولة “بعض الأطراف” اتخاذ خطوات عسكرية لـ”اطاحة حكومة الرئيس الأسد وتقطيع سورية الى كيانات متفرقة”، وجاءت هذه التصريحات تأكيدا لاخرى وردت في بيان لوزارة الخارجية الروسية يوم امس الأول.
هذه الأجواء الملبدة بغيوم التهديدات بالضربات العسكرية الجوية، وصواريخ “توماهوك” العابرة للقارات، تذكرنا حرفيا بمرحلتين: الأولى قبل ضربات “عاصفة الصحراء” لاخراج القوات العراقية من الكويت عام 1991، والثانية التي سبقت غزو العراق واحتلاله في آذار (مارس) عام 2003.
الدول المشاركة طائراتها في هذه الضربات الجوية التي ستنطلق من الأردن، وقاعدة انجرليك التركية الجوية، لن ترسل قوات أرضية، لان الهدف هو شّل سلاح سورية الجوي، وبما يفتح المجال لتقدم قوات المعارضة السورية المسلحة واستعادة زمام المبادرة ميدانيا.
***
جميع هذه المخططات تتجاهل حقيقة راسخة، وهي ان نظيراتها السابقة في صربيا والعراق والكويت نجحت لان أمريكا كانت القوة العظمى الوحيدة في العالم، ولا تواجه أي منافسة من روسيا الضعيفة والصين المشغولة في ترسيخ قاعدة اقتصادية قوية، روسيا قبل 20 عاما ليست روسيا اليوم، ولا نعتقد انها ستقف موقف المتفرج على قصف أمريكا لمواقع حليفها الجيش السوري ومطاراته واغتيال جنرالاته وهيئة اركانه تمهيدا لتغيير النظام.
ربما يعتقد البعض اننا نبالغ في اعتقادنا هذا، مثلما نبالغ في التزام القيادة الروسية بالدفاع عن حليفها السوري حتى لو أدى ذلك الى انجرارها الى حرب مباشرة مع حلف الناتو، ولكن ينسى هؤلاء ان روسيا ليست وحدها، وانما جزء من منظومة دولية وإقليمية، وهزيمتها او حلفاؤها في سورية يعني هزيمة هذه المنظومة كلها.
الزيارة التي سيقوم بها وزير الخارجية الفرنسي جان مارك ايروليت غدا (الخميس) الى موسكو، والجمعة الى واشنطن لبلورة اتفاق حول قرار تستعد حكومته لتقديمه الى مجلس الامن لتنفيس الاحتقان، ربما توفر السلم الدبلوماسي لتأجيل المواجهة، والفشل يعني بدء العد التنازلي لضربات محدودة او موسعة في سورية، واشعال فتيل الحرب التي لا يمكن التكهن بتطوراتها الكارثية.