سيناريو دماج يتكرر في البقع والضحايا لا يزالون جنوبيين
يمنات
مع بدء تواتر الأنباء عن وصول جثامين قتلى جنوبيّين، لقوا مصرعهم في جبهة البقع بمحافظة صعدة، إلى أبين، يحتدم الجدل حول مشاركة هؤلاء في المعركة التي لم تشهد تحوّلات دراماتيكية حتّى الآن.
و فيما تشتدّ الانتقادات لـ”الزجّ” بشباب و فتيان في معركة “لا ناقة لهم فيها ولا جمل”، تتعالى التحذيرات من أفخاخ قد تكون منصوبة لهم.
و في آخر مستجدّات القضية، أفيد، اليوم، عن وصول 11 جثّة لمقاتلين من أبين، قضوا في المواجهات التي يشهدها منفذ البقع الحدودي مع “أنصار الله” والقوّات المتحالفة معها.
و أشارت معلومات صحافية إلى أن الجثامين وصلت أبين عبر البرّ، قبل أن تتوزّع على زنجبار و الحصن و شقرة و جعار.
و يعدّ أولئك جزءاً من آخرين تمّ تجنيدهم، مؤخّراً، في عدن، و إرسالهم إلى نجران و منها إلى البقع.
و بحسب مصادر تحدّثت إلى “العربي”، فإن عملية التجنيد بدأت قبل حوالى شهر و نصف، موضحة أن التفجير الذي وقع في 29 أغسطس الماضي في حيّ السنافر في عدن استهدف، فعلاً، مجنّدين كانوا في طريقهم إلى نجران، مضيفة أن تنصّل السعودية والمجموعات السلفية من المجنّدين المستهدفين و إعلانهما أن لا وجود لعملية تجنيد حقيقية باتّجاه نجران إنّما جاء للتستّر على القضية.
و كشفت المصادر أن العملية جاءت بناء على اتّفاق بين السعودية و بين شيخ السلفية، يحيى الحجوري، المتواجد في الرياض. متابعة أن من نفّذها عمليّاً هم مهران القباطي و بسّام المحضار و هاشم السيّد.
كما كشفت أن من تولّى الإشراف على عملية التجنيد شخص يُدعى طالب الجحافي، مبيّنة أن الأخير هو نفسه الذي أشرف على مدّ جبهات القتال التي يقودها السلفيّون، في الجنوب وتعز وإب، بالمال والسلاح السعوديّين.
و لفتت مصادر “العربي” إلى أن معظم المجنّدين ينتمون إلى محافظة أبين، بينما البقية يتحدّرون من الضالع ويافع وعدن، زائدة أن السلفيّين استغلّوا عوز هؤلاء وعطالتهم عن العمل. وقالت إن السلفيّين، منذ توقّف الحرب في عدن، يصرفون رواتب لـ4000 مقاتل، أغلبهم غير سلفيّين، إلّا أن قياداتهم سلفية، من مثل القباطي والمحضار والسيّد.
و تنبّه المصادر إلى أن ما جرى الحديث عنه من تقّدم للجنوبيّين في البقع إنّما هو تحّرك محدود في منطقة مفتوحة، محذّرة من تلقّيهم ضربات موجعة في مناطق جبلية و كهوف، يصعب التقدّم فيها.
و تثير مشاركة الجنوبيّين في معارك البقع بصعدة انتقادات و ردود فعل غاضبة في أوساط رسمية وشعبية وإعلامية. وتشكو أمّهات عدنيّات من أن جهات مجهولة قامت بنقل أبنائهنّ، الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و18 عاماً، إلى نجران دون علمهنّ. وتوضح الأمّهات أن أولادهنّ اختفين فجأة، ليبلغوهنّ لاحقاً، عبر اتّصالات هاتفية، أنّهم نُقلوا إلى معسكرات التدريب ومنها إلى الجبهات.
و تعليقاً على أنباء وصول جثث الجنوبيّين إلى أبين، تساءل الناشط عبد الكريم السعدي حول أسباب “عدم الإعلان عن القتلى من أبناء الجنوب في نجران؟ ولماذا لا يتم تشييعهم كشهداء؟ ولماذا يتمّ إحضار جثامينهم بشكل سرّي وغير معلن؟ وإذا كانت الأهداف التي تمّ الزجّ بهؤلاء الشباب للقتال لأجلها سامية، ولا تسبّب الخجل للقائمين عليها، فلماذا تعود جثامين هؤلاء بنفس الطريقة المشبوهة التي استدرجوا بها”.
و يوجّه السعدي، عبر صفحته في “فايسبوك”، انتقادات لاذعة لـ”مجلس المقاومة الجنوبية”، منكراً عليه عدم التحرّك لـ”وقف نزيف الدم الجنوبي على حدود السعودية”، وعدم إبداء الحماسة نفسها التي يبديها “في مظاهر لم تألفها الثورات ولا سلوكيّات قياداتها لملاقاة (الحوثة) في صفقات التبادل للأسرى”.
و يعرب عن اعتقاده بأن “من يسمّون أنفسهم قيادات المقاومة باتوا يتحيّنون الفرصة لتسجيل المواقف والحضور من خلال هذه الصفقات، بعد أن جنّبهم وغيّبهم التحالف وحلفاؤهم (سلفيّو السياسة) عن المشهد”.
و يعلّق أحدهم على أحداث البقع، ساخراً، بأن “التحالف له كم يوم يمدح المقاومة الجنوبية بعد دخول البقع .. يا تحالف من باب الإنصاف توفير الكهرباء لأن أهالي المقاتلين اللي في صعدة ماتوا من الحر في عدن”، فيما يحذّر آخر من أن “ما نشاهده اليوم هو نفس سيناريو حرب دمّاج، حيث تمّ وضع شباب جنوبيّين من السلفية في المقدّمة، و حزب الإصلاح في الخلف، وفعلاً أغلب من قتلوا هم جنوبيّون”.
و في الاتّجاه نفسه، ينبّه الكاتب السياسي الجنوبي، منصور صالح، إلى أنّه “تاريخيّاً، لم تنتصر أيّ قوّة على قبائل صعدة، من الأتراك وحتّى حروب عفاش ومحسن الستّة، فهم أهل حروب وغدر ومكر ودهاء”، معرباً عن خشيته من أن “تتحوّل جبال وصحاري ووديان صعدة إلى مثلث برمودا يبتلع المقاتلين الجنوبيّين، أو أن يكون تراجع الحوثيّين ليس أكثر من استدراج لهؤلاء المقاتلين المتحمّسين بالإنتصارات المحقّقة”.
و يرى صالح أنّه “لو كانت معارك صعدة بهذه السهولة، لما ترك علي محسن وجنوده فرصة للجنوبيّين لانتزاع شرف الانتصار فيها”.