ما وراء رفض حكومة هادي لـ”خارطة طريق” ولد الشيخ للحل في اليمن..؟
يمنات – خاص
أنس القباطي
أبدت حكومة هادي تشددا حيال خارطة طريق ولد الشيخ للحل في اليمن، و وصف “هادي” الخطة بأنها “بذور حرب”.
يأتي ذلك في وقت لا يزال فيه الموقف السعودي من الخارطة ضبابيا، رغم أن أطراف صنعاء لا يحققون من ورائها سوى مكسب واحد (استبعاد هادي) بمقابل عدة مكاسب لـ”الرياض” و الموالين لها أبرزها “الانسحاب من الحدود” مسافة 30 كم.
النسخة التي سلمها ولد الشيخ لوفد صنعاء، قابلة للنقاش، و ما ورد فيها لا يعني أنه بات ملزما، لكن الملحق الأمني للخارطة يبدو أكثر تخفيفا، حيث يجعل من اللجنة الأمنية و العسكرية حاكما خلال المرحلة الانتقالية، و هذه اللجنة بحسب الخارطة سيشكلها هادي، قبل نقل صلاحياته إلى النائب التوافقي.
رفض هادي و حكمته
هناك رأيان حول أسباب رفض هادي و حكومته للخارطة التي لا تتحقق لأطراف صنعاء أكثر مما تأخذ منهم..
الرأي الأول: يقرأ رفض هادي و حكومته للخطة بأنه رفض سعودي للخارطة، و التي بناها “ولد الشيخ” على أساس خطة “كيري” التي اعلنها بعد اجتماع للرباعية الدولية في جدة، أوائل أغسطس/آب الماضي.
رفض الرياض للخارطة، وراءه الأمير محمد بن سلمان، الذي يرى أن انتهاء الحرب في اليمن دون تحقيق نصر سعودي، سيعمل على توسع الخلافات داخل الأسرة السعودية الحاكمة، ما سيضعه أمام تساؤلات كثيرة متعلقة بالهدف من خوض الحرب دون تحقيق نصر، و التداعيات الاقتصادية المترتبة عليها و التي أوصلت البلد إلى مأزق اقتصادي، ما سيضعف من طموحاته في تحقيق حلمه بالوصول إلى العرش، متجاوزا الامير محمد بن نائف، الذي يبدو غير راضي على الأقل عن سياسة “ابن سلمان” في ادارة الحرب، في حين أن تحقيق نصر و لو على طريقة (ما لا تحققه الحرب في الميدان تحققه السياسة على الطاولة) ستجعل حظوظه قوية في الوصول إلى العرش باعتباره بطل النصر السعودي في اليمن.
طموحات “ابن سلمان” هذه تلتقي مع تخوفات “هادي” الذي يرى في انتهاء الحرب و حل الأزمة اليمنية سلميا، انهاء لتواجده في السلطة.
الرأي الثاني: هناك من يرى أن الخارطة مفخخة و بين سطورها ما يكفي لأن تحقق السعودية بالسياسة ما لم تحققه بالحرب، و أن رفض “هادي” و حكومته ليس أكثر من “فخ” نصب لأطراف صنعاء بهدف التعاطي مع الخطة.
و لا يستبعد أصحاب هذا الرأي وجود خطة سعودية مع حلفاء الرياض في الرباعية الدولية، لتمرير الخارطة عبر مجلس الأمن إذا نجحوا في استصدار قرار بوقف اطلاق النار و الزام الطرفين بالتفاوض بموجب خارطة طريق ولد الشيخ، و لن يتم ذلك إلا في حال لم تعترض روسيا على القرار.
و عندها سيصور الأمر على أن قرار مجلس الأمن الدولي جاء كعقوبة ضد “هادي” و حكومته.
مشروع القرار البريطاني
هناك مشروع قرار بريطاني بشأن اليمن، أعلن عن تجميده قبل أيام لإفساح المجال أمام خارطة طريق ولد الشيخ، و لا يستبعد أن يكون هذا مشروع القرار الذي قيل أنه سيتضمن وقف اطلاق النار في اليمن و العودة إلى التفاوض، ضمن مخطط طبخته الرباعية في اجتماعها الأخير بلندن قبل أكثر من أسبوع، و الذي حضره ولد الشيخ، و بدأت أولى خطوته بزيارة ولد الشيخ إلى صنعاء و تسليم خارطته للوفد المفاوض.
الفيتو الكابح
و يظل “الفيتو” الروسي هو الكابح لمرور مثل هذا القرار، كون المندوب الروسي في مجلس الأمن، فيتالي تشوركين، سبق و أن اعلن تمنيه عقب الحديث عن مشروع القرار بأن يتضمن منطقة حظر للطيران الحربي فوق العاصمة صنعاء، على غرار مشروع قرار بريطاني طالب بمنطقة حظر للطيران فوق حلب السورية، اعترضت عليه روسيا، و هو ما يعد اشارة بأن روسيا قد تستخدم “الفيتو” ضد المشروع البريطاني.
تضارب أم مناورة
الموقف الاماراتي من الخارطة ظهر مبكرا، و بمقارنة الضبابية السعودية في التعاطي مع الخارطة و الموقف الاماراتي المؤيد، يتضح حجم التضارب بين الاجندات الاماراتية و السعودية في اليمن. غير أنه لا يستبعد أن يكون موقفي الرياض و أبو ظبي نوع من المناورة لاستدراج خصم عنيد صعب على العاصمتين اسقاطه في حلبة الصراع، و لابد من دخول عنصر الخديعة للإيقاع به.
الأيام القادمة ستكشف ما وراء رفض هادي و حكومته لخارطة طريق ولد الشيخ..؟ مع الأخذ بعين الاعتبار أن حكومة “هادي” ليست أكثر من دمية في يد حكام الرياض، و لا ينظر لحساباتها عندما يحين موسم جني الثمار.