الفنان التشكيلي زياد العنسي: هكذا تعاطينا مع العدوان السعودي بلغة اللون
يمنات – صنعاء
لا تستطيع وانت تتأمل لوحات الفنان التشكيلي زياد العنسي إلا الاستغراق في تلك الجزئيات الساحرة للبيئة اليمنية المتنوعة، فبراعته في الالتقاط والتماهي مع اللون تمكنه من تجسيد حالات لحظية نادرة مفعمة بالعاطفة والانفعالات ليضعك بين ثنايا تفاصيل ناطقة متدفقة بالحياة.
يميل زياد العنسي كثيرا إلى التقاط حالات انسانية نادرة في الوقع ولوحاته تكشف عن قدرة فائقة في الانسجام مع المحيط والقدرة على تأمل التفاصيل وتحليليها ولتعبير مع حالات التعب والراحة والحركة والسكون والفرح والحزن ويسعى إلى إنتاج أعمال تشكيلية تمتاز بالخصوصية والتنوع في التقنيات والأفكار وهي تجمع بين الواقعية، والانطباعية، والرومانسية، والسيريالية، والحداثية والمعاصرة، ويؤكد أنه يتعامل مع مجموعات لونية تفوق 100 درجة لونية ناهيك بتوصلة إلى خصوصية تتيح التعريف بلوحاته دون إضافة توقيعيه عليها.
التقى موقع “المستقبل” بالفنان التشكيلي زياد العنسي (38 سنة) في مسقط رأسه بمحافظة ذمار وزار مرسمه العامر بعشرات الأعمال الفنية التي لم تكن بعيدة عما يعانيه اليمن اليوم من عدوان غاشم سعودي اماراتي احد عشري، بما انتجه من تفاصيل مؤلمة في مجازر وحشية استهدفت المدنيين وكل مظاهر الحياة، وكان هذا الحوار…
لا شك أن يوميات العدوان السعودي على اليمن القت بآثارا عليك كفنان تشكيلي .. كيف تعاطى زياد العنسي مع يوميات العدوان السعودي على اليمن؟
الفنان التشكيلي يتأثر بكل ما يدور من حوله ويرقب ويرصد لكونه يمتلك أحاسيس فنية عالية وأنا كفنان تناولت في لوحاتي كثيرا مما قام به العدوان السعودي من جرائم ضد الإنسانية من استهداف للمدنيين من النساء والأطفال واستهداف لمصادر الحياة من مزارع ومصانع أغذية وموانئ ومطارات وبنى تحتية واستهداف للتاريخ اليمني من خلال قصف القلاع والحصون والمتاحف.
كل تلك الجرائم موثقة في لوحات تشكيلية ستكون خالدة وموثقة وستشاهدها كل الأجيال القادمة وسيشاهدها العالم من خلال شبكات التواصل الاجتماعي والإخباري والنوافذ والثقافية والفنية المحلية والعربية والدولية.
هل دونت في اعمالك التشكيلية يوميات العدوان البربري على اليمن ؟
شاركت بمجموعة رسوم “جداريات” في الشوارع، ضمن فريق فني كلفت برئاسته، وكذلك لوحات في معرض نظمته الجبهة الثقافية في مواجهة العدوان بالمحافظة، كما كان لي وزملائي منذ اللحظات الأولى للعدوان مشاركات في عدة أشكال من رسم وحوارات مع وسائل الاعلام، وأنشأنا مجموعة “فنانين وفنانات ضد العدوان” في وسائل الاتصال الحديثة، تضم لوحات اعضاء المجموعة وكل جديد يرسم.
كيف يمكن للتشكيل أن يؤدي دورا ما في مواجهة العدوان؟
نخبة الفنانين التشكيليين بإمكانهم أن يشكلوا جبهة ثقافية، لا تقل أهمية عن الجبهات الأخرى، عن طريق إقامة المعارض، ومخاطبة مختلف شعوب العالم، وكشف الجرائم والمجازر التي يرتكبها العدوان بحق الأطفال والنساء والشيوخ، والتدمير الممنهج لكل مقدرات اليمن وبناه التحتية، كون اللوحات لا تحتاج الى ترجمة، فهي معبرة عن نفسها وموضوعها، لكن مع الأسف لا يوجد اهتمام رسمي بهذا الجانب.
لو انتقلنا إلى تجربتك والبدايات الأولى لك مع الفن التشكيلي ماذا عنها ؟
علاقتي بالفن التشكيلي بدأت منذ طفولتي، وكانت من خلال النحت على الخشب، متأثرا بوالدي الذي اتقن التعامل مع الخشب لتشكيل منحوتاته الفنية المعبرة عن البيئة اليمنية، والتي كان يعرضها في المعارض والمناسبات الوطنية التي كان يقيمها المركز الثقافي بذمار، وكنت أشارك بأعمال متواضعة إلى جانب منحوتات والدي .
متى بدأت الرسم ؟
بدأت الرسم على الورق في مرحلة الدراسة الأساسية، وكانت لي مساهمات في المدرسة من خلال اعداد اللوحات الخاصة بالوسائل التعليمية للمواد الدراسية كالأحياء والفيزياء والكيمياء، ومع بداية دراستي للمرحلة الثانوية بدأت استخدام الألوان الزيتية في الرسم.
متى رسمت أول لوحة بالألوان الزيتية؟
أول لوحة كانت في العام 1985م، وفي ذلك الوقت لم تكن جميع أدوات الرسم متوفرة، كالقماش والزيوت والمذيبات، وكانت الألوان فقط متوفرة ويتم شراؤها من صنعاء، والريش كنت أقوم بصناعتها يدويا، وكنت أيضا أعرض لوحاتي الى جانب منحوتات والدي الخشبية -والذي كان له دور مهم في انعاش الحركة الفنية بمحافظة ذمار .
إلى أي مدرسة فنية تنتمي رسوماتك ؟
رسوماتي تنتمي إلى عدة مدارس، كالواقعية، والانطباعية، والرومانسية، والسيريالية، والحداثية والمعاصرة، واغلبها مستوحاة من البيئة اليمنية، كالأعمال الزراعية والحصاد، والتي تحمل طابع الجهد كالحدادة، وأيضا الفلكلور والموروث والعمارة اليمنية الفريدة والمناظر الطبيعية.
أي المدارس الفنية تفضل ؟ ولماذا؟
المدرسة الانطباعية، وأحب أعمال مشاهير فنانيها أمثال سيزان وفانجوخ، وذلك لتميز هذه المدرسة عن غيرها باستعمال أكثر من درجة لونية في اللوحة، ويتم ذلك من خلال المزج بين الألوان ، وفي لوحاتي أتعامل مع مجموعات لونية تفوق (100) درجة لونية، وتوصلت الى تقنية (خصوصية) في الرسم، وهي طابع الفرادة، بحيث يمكن تمييز لوحاتي بدون إضافة توقيعي عليها.
هل تبدأ الرسم مباشرة بمجرد توفر الفكرة ؟
لا ، رسم اللوحة بالنسبة لي يعتبر مشروع، يبدأ بفكرة، يليها مرحلة تخطيط وإعداد، ثم التنفيذ، والذي يتم دون استعجال، وأستغرق فترة من 20 إلى 60 يوما، حسب اللوحة.
من أين تستوحي أفكارك ؟
الأفكار غالبا ماتكون مستوحاة من البيئة والمجتمع، والأحداث، والطبيعة، فهناك مناظر تستوقفني وتتحول الى فكرة وموضوع فني، وتصبح لوحة جمالية ذات قيمة فنية عالية .
درست تخصص الجغرافيا ومؤخرا الفن التشكيلي، ماالذي اضافته لك دراسة الفن؟
الدراسة أضافة لي الكثير من المعلومات الأكاديمية في الفن التشكيلي في مختلف جوانبه المتنوعة، وأكتسبت الكثير من المعلومات الثقافية المتعلقة بالفن وتاريخه وتقنياته المتعددة.
أيهما تفضل للرسم الورق أو القماش، ولماذا؟
القماش بعد إعداده وتجهيزه بمواد خاصة، فهو أفضل من الورق من ناحية المرونة في التعامل مع اللوحة لإمكانية طيها وسهولة نقلها.
ماهو العنصر الابرز في اللوحة بالنسبة لك؟
الفكرة، هي أهم شي في اللوحة، ويأتي بعدها الموضوع ، ثم التكوين، وهو عامل مهم ومؤثر قوي في نجاح وقوة الفكرة في اللوحة ، وهناك فنانين كثيرين يقعون في هذا الخطأ.
ما الذي يرفع برأيك من قيمة أي لوحة؟
الموضوع، ومن المهم أن يكون من البيئة التي يعيش فيها الفنان، لانه عندما يكون مقتنعا بالموضوع ومعايشا له يصبح الفنان أكثرة قوة في التعبير عنه من خلال الرسم.
هناك لوحات لايفهمها كثيرون، ماذا تسمى تلك الأعمال، وهل تعين على الفنان شرحها؟
الفنان زياد العنسي: تلك اللوحات تسمى الفنون التجريدية والمعاصرة، وهي لاتعرض بكثرة، ولها جمهورها الخاص من الفنانيين أو المثقفين ممن لديهم معرفة حول هذه النوعية من الأعمال ويدركون مضامينها ومعانيها، وغالبا يتم عرضها خارج اليمن.
كيف تنظر الى حركة الفن التشكيلي في اليمن ؟ وماهي المشاكل التي تعيق تطوره؟
حركة الفن التشكيلي في اليمن تعتبر كبيرة ولدينا نتاجات تشكيلية قوية وفنانين موهوبين لديهم أعمال إبداعية تعتبر منافسا قويا على المستوى العربي، لكن مع الأسف لايوجد اهتمام رسمي بالمواهب والمبدعين، وهناك مؤسسات خاصة لها اهتمامات في هذا الجانب لكنها قليلة جدا، أبرزها مؤسسة السعيد بتعز.
كيف تتعامل مع النقد ؟
واجهت نقدا في بداية عملي الفني، واعتبره عامل مهم جدا وله دور ايجابي في مساعدة الفنان على اختزال الزمن لتطوير مهاراته، وحاليا يكاد يكون غير موجود لعدم وجود كوادر مؤهلة للنقد.
ما أهم الصعوبات التي يواجهها الفنان التشكيلي في اليمن؟
الظروف الاقتصادية، فالأوضاع المادية للفنانين اليمنيين من أهم أسباب قلة انتاجيتهم، وضعف مشاركاتهم، فالفنان يعاني وضع معيشي صعب وهو بحاجة لتبني موهبته وتقديم الدعم له من أجل الاستمرار والعطاء والقيام بدوره في خدمة الوطن والمجتمع، وكذلك ضعف دور الجهات الرسمية المعنية، خاصة فيما يتعلق بالمشاركات خارج اليمن، فهو ضئيل جدا ويتم توزيعه في إطار محدود، وحاليا يكاد يكون منعدما بسبب العدوان والحصار.
تصلني دعوات كثيرة للمشاركة في معارض عربية وأجنبية، واضطر للاعتذار بسبب الظروف المادية.
كيف تنظر الى تجارب الفنانين والفنانات الشباب في اليمن؟ وماهي الصعوبات التي تواجههم؟
يوجد الكثير من الفنانين والفنانات الشباب يمتلكون مواهب تشكيلية فريدة ومتميزة، وأعمالهم تستحق التشجيع والإهتمام، وأبرز الصعوبات التي تواجههم هي عدم الرعاية والتشجيع ، وكذلك عدم عرض نتاجاتهم التشكيلية، ومن الصعب جدا حصولهم على أماكن خاصة للعرض (جالريهات ) ، وايضا عدم وجود جالريهات خاصة لبيع وتسويق الأعمال الفنية ، فمن الصعب جدا أن يستطيع الفنان مواصلة مشواره الفني بدون رعاية مادية تضمن له حياة كريمة ، تساعده على الاستمرار والاكتشاف والابداع حتى يصل الى مرحلة الاحتراف.
هل من طموحات تسعى اليها ؟
أطمح إلى إقامة معارض تشكيلية في مختلف دول العالم للتعريف بالفن التشكيلي اليمني، وأتمنى أن تفتتح كليات للفنون في محافظات الجمهورية، والكثير من الجلريهات التشكيلية من أجل عرض نتاجات الفنانين وبيع وتسويق الأعمال التشكيلية.
هل من جديد لديك ؟
حاليا أعمل على إنتاج أعمال تشكيلية تمتاز بالخصوصية والتنوع في التقنيات والأفكار ، هذة الأعمال هي نتاج لعدة سنوات من التجريب والممارسة والإكتشاف، وهي ذات طابع خاص يجسد البيئة اليمنية والفلكلور والموروث اليمني الضارب بجذوره في عمق التاريخ.
ماهي الحوائز التي حصلت عليها في مجال الفن التشكيلي ؟
حصلت على جائزة رئيس الجمهورية في مجال الفنون التشكيلية 2006م
المركز الأول في معرض المقاومة ( لن ننسى) صنعاء 2005م
المركز الثالث في معرض المهرجان الأولى للخيل صنعاء 2005م
جائزة لجنة التحكيم للتميز في الفنون التشكيلية في دورتها الأولى2008م وزارة الثقافة
الميدالية الذهبية لأجمل لوحة تشكيلية لمنظر سياحي بيئي 2009م
الميدالية الذهبية لأجمل لوحة تشكيلية لمنظر سياحي بيئي 2013م
جائزة دبي الثقافية 2013م
ماذا عن المعارض التي شاركت فيها؟
شاركت في اكثر من 20 معرضا في المناسبات الوطنية في عدة محافظات.
معرض القافلة الثقافية لمحافظة ذمار ضمن فعاليات صيف صنعاء 2004م
معرض آفاق اللون (بيت الثقافة) صنعاء 2005م
الملتقى الأول لبيوت الفن ( ذمار وإب ) 2005م
مهرجان أسعد الكامل ذمار 2007م
السمبوزيوم اليمني المصري الأول صنعاء 2005م
ملتقى الفنانين التشكيليين العرب صنعاء 2007م
معرض ( الأجنحة تحتفي بالأفق) بيت الثقافة 2007م
مشاركة في المعرض التشكيلي الخاص بمنجزات الرئيس بيت الثقافة صنعاء 2006م
الملتقى الأول والثاني للفائزين بجائزة رئيس الجمهورية صنعاء 2007م عدن2008م
الملتقى التشكيلي اليمني السعودي محافظة إب 2009م.
هل لديك مشاركات خارج اليمن؟
شاركت في مهرجان الشباب العربي التاسع عشر الاسكندرية 1998م
المهرجان العالمي الخامس عشر للشباب الجزائر 2001م
صالون الشباب السادس عشر للفنون التشكيلية القاهرة 2005
المعرش التشكيلي جدة 2008
معرض شخصي في الرياض 2010م
هل أقمت معرضا خاصا بك ؟
نعم معرض شخصي مكتب الشباب والرياضة – ذمار 1997
معرض شخصي ( بيت الثقافة) 2006م
معرض ( سحر الأنامل ) بيت الثقافة 2014
معرض ( التغيير بالألوان) لدى مؤسسة السعيد الثقافية تعز 2013م
معرض في الرياض 2010م
ماهي أهم مشاركة بالنسبة لك ؟ وبأي لوحة ؟
أهم مشاركة كانت في معرض “لن ننسى” بصنعاء في العام 2007م، ضمن (50) من كبار الفنانين والفنانات اليمنيات، منهم الدكتورة آمنة النصيري، طلال النجار ، ومظهر نزار، وبيعت لوحاته في مزاد علني لصالح حملة إعادة إعمار لبنان، وكانت مشاركتي فيه بلوحة “الملاك” والتي حصلت على المركز الأول وبيعت ب16 ألف دولار.