العرض في الرئيسةفضاء حر

السلاح خارج مؤسسات الدولة مؤذ ومدمر

يمنات

فكري قاسم

أن تحزن على بلادك وتصاب بالخيبة وبشيء من الاكتئاب وتفضل الابتعاد عن مربعات الكراهية والأحقاد اللي مالية البلد اليومين ذول، فذلك لا يعني أنك تقف في صف فلان ضد علان، أو أنك موافق على يقوم به علان ضد زعطان.

و ما الذي يمكن لإنسان عاقل أن يفعله وهو يشوف أهله يتناطحوا ويتقاتلوا بيناتهم البين؟ هل ينبع إلى الوسط ويتحول إلى فرد مدلوز من جيز المداليز، ويختار طريق “العيفطة” والجنون، أم أنه من اللازم عليه أقلها أن “يفرع” ويقولهم اهدأوا واعقلوا ولا تخلوا الفتنة اللي اشتعلت في البيت تتطور أكثر وتسيء إلى سمعتنا بين الأمم أكثر مما قد أصبحنا عليه من صيت مؤذ ولا يقيم لنا بين الناس وزناً.

من قبل الحرب بسنوات وحتى لحظة اندلاعها بعد انقلاب مليشيات الحوثيين على السلطة في البلد، وأنا أكتب بكل طاقتي وأقول بأن السلاح خارج مؤسسات الدولة مؤذ ومدمر .. وبأن استغلال طاقات الشبان العاطلين عن العمل وتجييرها لصالح الجماعات الدينية التي تحشدهم للقتال، عمل بالغ الأذية ونتائجه على المجتمع وعلى البلد كارثية ولن يسلم منها أحد. ومع هذا، لا أحد من هؤلاء الأعفاط الذين أحالوا بلادنا الطيبة إلى ساحة حرب كان يأبه أو لديه الاستعداد، على الأقل، لأن يفهم ما تقول أو ما كان يقوله غيرك في سبيل سلامة الناس وهدوء واستقرار وأمن البلد.

كان البلد يهرول إلى الهاوية ويشاهدون ذلك عياناً، وكل طرف مترس وراء أطماعه وخصوماته التافهة والبليدة، حتى تحول كل شيء إلى نكاية، وتحولت كل نكاية إلى مذبح غير رحيم. و كلام كان يقال بحرص من قبل أناس كثر يحبون هذا البلد وما فيش معاهم مكان غيره أصلاً، كان يتحول سريعاً، من قبل هؤلاء الأوغاد واللصوص باسم الله وباسم الوطن، إلى “مرفالة”، وكل طرف يعد عدته للحرب ويشتيك رصاصة في بندقه، يطلقك أين شاء وفوق من يشاء، وتحت أي مبرر شاء، ما لم فأنت إنسان بطال ومش تمام، وتلاحقك الشتائم والاتهامات من شق لاطرف.

علينا أن نفرق عموماً بين الكتابة بدافع الخصومة والكراهية والعداء، وبين الكتابة من أجل سلامة الأفكار وسلامة أذهان الناس، ومش بالضرورة يكون الواحد تبع فلان أو تبع علان عشان يقول رأيه. كلنا يمنيين أولاً قبل أية شيء وقبل أي سفه يريد أن يجر الناس لعبادة أشخاص معينين أو تقديسهم أو خوض الحروب معهم في سبيل أفكار سمجة عفى عليها الدهر.

بل إنه من واجبنا (الأخلاقي والديني والانساني) أن نحب بلادنا ونخاف عليها أكثر مما نحب أو نخاف على شخوص بعينهم، كانوا ولا يزالون هم أم الكوارث اللي حلت علينا وجعلت منا أمة بهذا التمزق والشتات.

شخصياً أنا ماناش مع أحد .. أنا مع بلادي الكبيرة العظيمة اللي اسمها “اليمن”، والتي هي فوق الكل وأهم من الكل، وهي في الأول والأخير بلاد الناس جمعه، ومش هي بلاد أبو أحد. والآن وقد شاهدنا عياناً خلال فترة هذه الحرب اللعينة كل صنوف الجرائم وكل أنواع القتل وكل تلك البشاعات التي أدخلت الأحزان إلى كل بيت وقرية ومدينة، فإنه يفترض بنا كأودام على الأقل أن نعيش بعقلية أخرى… عقلية متخففة من كل تلك القذارات التي سببت الأذية لشعب بأكمله، وجعلت من كل شيء في بلادنا يبدو عصفاً مأكولاً.

عن: العربي

زر الذهاب إلى الأعلى