إلغاء التحميل المفتوح للأنترنت .. قرار غير مدروس أغلب ضرره سيتحمله المواطن في زمن الحرب والمجاعة والشركات العابرة للحدود هي المستفيدة
يمنات – خاص
اصيب مالكي شبكات و مقاهي الانترنت بخيبة أمل كبيرة، بعد اعلان مؤسسة الاتصالات عن الأسعار الجديدة للخدمة، عقب الغائها التحميل المفتوح في الباقة الذهبية.
تحديد سعات التحميل لفئات الباقة الذهبية مفتوحة التحميل سابقا، ستضيف أعباء مالية جديدة على شبكات الواير لس و مقاهي الانترنت. و هو ما يعني تسديد الاشتراك الشهري أكثر من مرة في الشهر، في ظل أوضاع اقتصادية متردية و ضعف القدرة الشرائية لدى المواطن، و التي ازدادت سوء بتوقف المرتبات.
افلاس
كل ذلك سيدفع بكثير من مالكي مقاهي الانترنت و شبكات الواير لس إلى الافلاس، كون التزامات دفع قيمة الانترنت ستتضاعف مرة أو مرتين، حيث أن القرار سيدفع هؤلاء إلى احتساب قيمة الانترنت بسعة التحميل “الميجا بايت” بدلا من المدة الزمنية، ما سيقلل من عدد المستخدمين للإنترنت.
يأتي أكثر متصحفي الانترنت في اليمن من مواقع التواصل الاجتماعي، و التي تكثر فيها وسائط الميديا (صور ، فيديوهات) و يؤدي فتحها إلى استهلاك سعة معينة من الانترنت، بعد أن كان فتحها لا يكلف المستخدم شيئا، كون القيمة مرتبطة بالفترة الزمنية التي يبقى فيها المستخدم متصلا.
و ذلك ما سيؤدي إلى التقليل من مستخدمي الانترنت، خاصة في ظل ظروف اقتصادية متدهورة جراء الحرب التي تشهدها البلد منذ أكثر من 19 شهرا.
باتجاه الحالمين بوجبة تالية
أتخاذ قرار الغاء التحميل المفتوح في الوقت الراهن، سيؤدي إلى تداعيات اقتصادية على مالكي المشاريع الصغيرة المعتمدة على الانترنت، ابرزها مقاهي و شبكات الواير لس، ما قد يغلق بعضها و يؤدي إلى تراجع مبيعات البعض الأخر.
اغلاق مثل هذه المشاريع، في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية سيعمل على اضافة المستفيدين منها إلى قائمة الفقراء، الذين باتوا لا يعرفون إن كانوا سيتناولون وجبة تالية، بحسب توصيف ستيفين أوبراين مساعد أمين عام الأمم المتحدة، الذي زار اليمن قبل أكثر من شهرين. عوضا عن أن السلطات المحلية في العاصمة صنعاء بدأت باستدعاء مالكي شبكات الواير لس إلى مكاتب الثقافة للحصول على تراخيص مزاولة المهنة، التي تتطلب دفع رسوم، و هو ما سيترتب عليه دفع ضرائب للدولة و تجديد للتراخيص.
متضررين جدد
المستفيدين من هذه المشاريع هم مالكيها بدرجة أساسية، و مؤجري العقارات التي تستخدمها، و المرتبطين بدورة مبيعاتها كموزعي و بائعي كروت الخدش لشبكات الواير لس.
و انعكاسا لذلك فإن اغلاق بعض هذه المشاريع، سيؤثر أيضا على ايرادات الدولة، كونها تعتمد على الانترنت الذي تحتكره شركة يمن نت الحكومية.
كل ذلك سيضعف من القدرة الشرائية المتدنية أصلا في سوق المبيعات في البلاد، ما سينعكس سلبا على الوضع الاقتصادي في البلد، الذي يعاني من مصاعب متعددة.
الصحافة والثقافة
الأضرار أيضا ستشمل الجانب الثقافي، حيث سيتراجع عدد المتصفحين للإنترنت، و سيضاعف من المشاكل التي يواجهها الباحثين و الصحفيين و الكتاب في الحصول على المعلومات.
كما سينعكس سلبا على الصحافة الالكترونية و المرئية، التي يعد الانترنت الوقود الذي يحركها، ما سيقلل من نسبة المتصفحين و المشاهدين، و الذي سيجبر بعضها على التوقف أو قصر ساعات العمل.
و ستتجنب هذه الوسائل رفع ملفات الفيديوهات، التي تحتاج إلى سعات عالية من الانترنت. لأن الرفع يعني مضاعفة ما كانت تدفعه هذه الوسائل الاعلامية مقابل انترنت.
و بالتالي فإن أي تنزيل أو رفع لأي ملف سيخصم مقابله من السعة المحددة للخط، و هو ما سيجعل القائمين على هذا الوسائل يتكبدون مبالغ مالية إضافية قيمة انترنت، مقارنة بالباقة مفتوحة التحميل التي كانت تحتسب بالأيام.
و من هنا، و بناء على ما سبق فإن قرار الغاء التحميل المفتوح سيلقي بأثار اقتصادية سيتضرر منها المواطن و الدولة في آن واحد، غير أن الضرر في جزئه الأكبر سيلحق بالمواطن.
خدمة بدون مقابل للشركات عابرة الحدود
تراجع عدد شبكات الواير لس و مقاهي الانترنت، سينعكس سلبا على ايرادات الدولة، و سيخدم شركات اتصالات الهاتف المحمول، و التي أغلبها يشارك فيها مستمرين أجانب، فمثلا “ام تي ان” تعد شركة عابرة للحدود تتواجد في أكثر من بلد، في حين أن شركة “واي” يساهم فيها مستثمرون سعوديون، و نسبة الاكتتاب في شركة يمن موبايل الحكومية يملك أغلبها تجار و رجال أعمال، و “سبأفون” يملك أغلب حصصها حلفاء التحالف السعودي و شركات بحرينية و أخرى من خارج البلد، ما يعني أن القرار جاء في صالح هؤلاء المترفين على حساب المواطن اليمني الذي بات يواجه شبح المجاعة.
بحث عن الأرخص
بعض مالكي شبكات الواير لس، بدأوا بالبحث عن وسائل جديدة، لتجاوز معضلة الانترنت بعد قرار يمن نت الأخير.
مصادر مطلعة قالت إن شركات أجنبية بدأت بالتواصل مع بعض مالكي الشبكات عبر أقارب لهم في الخارج، بهدف توفير خلايا انترنت، يشترك فيها مجموعة مشتركين، و يقومون بالدفع عبر الفيزا كارد.
و حسب المصادر فإن جهود تبذل في الجانب للحصول على خدمة الانترنت بهذه الخلايا، سيؤدي إلى تضرر ايرادات الدولة، و نجاحها سيؤدي إلى عزوف المشتركين عن الانترنت المحلي، و الاتجاه للوسيلة الأرخص.
جباية
أصحاب القرار في مؤسسة الاتصالات و يمن نت، عندما اصدروا قرار إلغاء التحميل من الباقة الذهبية، اتخذوا قرارهم، دون دراسة جدوى، و دون تقدير للوضع الاقتصادي الذي يعيشه الناس، متناسين أن نجاح الحكومات لا يقاس بجبايتها للأموال، و إنما بتحسين مستوى دخل الفرد، الذي سيزيده مثل هذا القرار سوءا.
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا