اردوغان هو المستهدف من جريمة اغتيال السفير الروسي !
يمنات
د. هدى جنات
عالم السياسة عالم قذر وخاصة اذا اختلطت فيه المصالح المادية مع التوجهات الدينية المتطرفة مع المصالح الجيوسياسية ..
لماذا اردوغان هو المستهدف من جريمة قتل السفير الروسي ؟؟
ببساطة شديدة واختصار شديد كي لا اطيل عليكم .. وكما تعلمون ان هنالك قوى اخرى فاعلة في المسالة السورية وقد رات هذه القوى في التقارب الروسي التركي الاخير خطرا على مستقبل مشروعهم في سوريا ..هذه القوى تسيطر على بعض الجماعات المقاتلة في سوريا فكما تعلمون كل جماعة مسلحة تابعة لدولة معينة..تقاتل حسب اجندتها …ولكن النظام التركي بقيادة اردوغان له حصة الاسد فيما يتعلق بالسيطرة على تحركات المسلحين وخاصة قاداتهم .
فقادة المجموعات المسلحة الارهابية في سوريا وعلى اختلاف جنسياتهم وتوجهاتهم ..ياتمرون بامر اردوغان وليس الدول الاخرى الداعمة لهم ولا حتى امريكا نفسها قادرة على التاثير عليهم …لماذا ؟؟ لان اردوغان هو الاقرب للمسلحين جغرافيا …يعني اذا جعلت فسك مكان المسلح الاجنبي او حتى السوري في سوريا .. ففكرة الانسحاب او الهروب فكرة لا تغيب عن عقل اي مسلح كان مقاتل عادي او قائد لجماعة او كتيبة …لانها غريزة البقاء.
وهذا الانسحاب طبعا اذا تقرر تنفيذه ..سيكون عبر الاراضي التركية والى المطارات التركية في حالة رغبة المسلح في العودة لوطنه او من المكان الذي قدم منه …يعني المسلحين وقاداتهم يعلمون علم اليقين ان مصيرهم مرتبط بتركيا واردوغان وليس قطر او السعودية او حتى امريكا او اوربا …فهؤلاء داعمين لهم طبعا ولكن بالاموال والسلاح والاعلام والخطط والاستراتيجيات الحربية ..ولكن في نهاية المطاف اذا لم يفتح اردوغان حدوده لهم فلن ينفعهم كل هذا وسيكونون من الهالكين في احد المعارك .
اذا اردوغان يمسك بخيوط اللعبة واعني هنا تحركات الجماعات الارهابية …وكما تعلمون فقد كان هنالك مؤخرا تقارب كبير بين اردوغان وبوتين وكما سبق وقلت في مقالي السابق ..بوتين استطاع اقناع اردوغان بالتخلي عن الجماعات المسلحة بل وكان احد المفاوضين شخصيا وعبر الهاتف في مسالة خروج الارهابيين من حلب وانسحابهم المفاجئ من الاحياء الشرقية كان ايضا بقرار من اردوغان الذي طالب القادة بالانسحاب …وهذا ما حدث فعلا حيث تفاجئ الجيش السوري بخلو الاحياء الشرقية في حلب من المقاتلين تاركين وراءهم مستودعات ضخمة من الاسلحة التي تكفيهم لعشر سنوات اخرى او اكثر من القتال المتواصل
طيب ….فهمنا الان ان اردوغان اتفق مع بوتين على شيء كبير في ما يخص المسالة السورية وطبعا المصالح المادية وانبوب الغاز الروسي الذي سيمر من تركيا كان على ما يبدو عرضا مسيلا للعاب …دفع باردوغان للتخلي عن فكرة اسقاط نظام الرئيس السوري بشار الاسد والذي اتبعه في بداية الازمة السورية ارضاءا للقوى الاخرى الفاعلة في الحرب على سوريا ( قطر وامريكا والسعودية) ..
هنا شعرت هذه الدول بخاينة اردوغان .. فتراجعه كان بمثابة التخلي عنها في منتصف الطريق ..بل وقسم ظهرها في اكبر معاقلها حلب …طبعا قطر والسعودية كما تعلمون صرفوا العشرات من مليارات الدولارات دعما للمسلحين وطمعا في اسقاط النظام السوري .. ولكن بعد هزيمة حلب بدا لهم المشهد وكانهم كما يقل المثل المصري ((خرجوا من مولد بلا حمص )) وهنا قرروا ازعاج العلاقات الروسية التركية التي صارت سمنا على عسل في الايام الاخيرة …وما كانت جريمة اغتيال سفير روسيا اليوم الغادرة في انقرة الا محاولة لخلق عدم ثقة بين اردوغان وبوتين وزعزعة الاستقرارالسياسي والتفاهمات الاخيرة التي توصل اليها كل من زعيما البلدين .
طبعا من الصعب معرفة او تحديد من المسؤول الرئيسي عن جريمة القتل هذه في حق مواطن روسي دبلوماسي كان يمارس مهامه …ولكن من السهل معرفة من له المصلحة في توثر العلاقات الروسية التركية من جديد ..ومن الواضح ان حادثة اليوم هي انتقام من اردوغان وبوتين معا خصوصا بعد هزيمة المسلحين في حلب التي لعب اردوغان دورا فيها من قريب او بعيد ..وهي ايضا رسالة لاردوغان تقول اما ان تكمل معنا ما بدئناه سويا …او تدور عليك الدوائر .