أخبار وتقاريرإختيار المحررالعرض في الرئيسة

المناهج التعليمية بين “مراجعة” صنعاء و “تطوير” عدن

يمنات

صفية المهدي

بعد خطوات وإجراءات سابقة دخلت بها العملية التعليمية التسيس والتقسيم بين إدارتين، الأولى في صنعاء والأخرى في عدن، تدخل المناهج الدراسية على خط الانقسام، حيث كشفت حكومة أحمد عبيد بن دغر في عدن عن توجه لتعديل أو إيجاد ما وصفته بـ”منهج علمي صحيح”، بعد أسابيع من تداول أنباء عن تشكيل وزير التربية والتعليم في صنعاء، يحيى الحوثي، لجنة لمراجعة “المناهج”، واجهت انتقادات، على الرغم من عدم الإعلان رسمياً عن تشكيل اللجنة.

حكومة عدن “تُطوّر”

وكانت وكالة “سبأ”، بنسختها التابعة لحكومة هادي، نقلت منذ أيام عن نائب رئيس الوزراء، وزير الداخلية اللواء حسين عرب، دعوته إلى “ضرورة تطوير المناهج التعليمية والابتعاد عن الحشو الذي ينتج عدم استيعاب الطلاب للكم الهائل من المعلومات”.

وجاءت تصريحات عرب في كلمة خلال “الورشة الوطنية لتطوير مناهج التعليم العام”، والتي نظمها مركز البحوث والتطوير التربوي و قطاع المناهج في وزارة التربية والتعليم في عدن، حيث قال “إن هذه الورشة ستكون الخطوة الأولى نحو إيجاد منهج علمي صحيح يركز على بناء الانسان والمجتمع من خلال الاستفادة من المخرجات التي ستساهم في تطوير العملية التعليمية والاهتمام بالبحوث والدراسات العلمية التي ستقوم الحكومة باستنباط حلول عملية لكافة المشاكل التي تعاني منها البلاد خاصة في مجال التعليم لحل مشكلة الأمية التي وصلت إلى نسب عالية”.

وبالإشارة إلى ما يتردد عن تشكيل لجنة من قبل “أنصار الله” في صنعاء لمراجعة المناهج، دعا عرب إلى الوقوف أمام ما يقوم به من وصفهم بـ”الانقلابيين”، من “إضافة الفكر الطائفي في المناهج التعليمية”.

لجنة صنعاء… “تُراجع”

وجاءت ورشة عدن وتصريحات عرب، بعد أسابيع من تداول أنباء عن أن يحيى الحوثي، وزير التربية والتعليم في حكومة عبد العزيز بن حبتور، شكل لجنة لمراجعة المناهج التعليمية، بمبرر أن المناهج الحالية تحمل وجهات نظر أطراف أخرى كانت نافذة في التربية، وخصوصاً “حزب التجمع اليمني للإصلاح”.

ونفت مصادر في وزارة التربية بصنعاء تحدثت إلى “العربي”، علمها بتشكيل أي لجنة لمراجعة المناهج، لكن مصادر أخرى طلبت عدم تسميتها قالت إن الوزير يحيى الحوثي ألمح في تصريحات غير رسمية إلى أهمية تشكيل لجنة تراجع ما يرى البعض من “أنصار الله” أنها “مضامين تعبر عن الوهابية”، لكن معارضيهم يعتبرون أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى “تطييف المناهج”، بجعلها تعبر عن وجهة نظر الطرف الذي يطالب بتعديلها.

ووصف الأمين العام للنقابة الوطنية للتعليم العام في الجمهورية، ناجي حسين محيي الدين، ما تناقلته وسائل إعلام بخصوص صدور قرار بتشكيل لجنة خاصة بتعديلات في المناهج التعليمية بأنه “قد يكون بعيداً كل البعد عن الحقيقة”، وأضاف لـ”العربي”، أن “مشاكل التربية والتعليم أكبر بكثير مما يتوقعه البعض، وهناك أولويات ملحة ينبغي على قيادة التربية التوجه لحلحلتها ومراجعتها قبل المناهج”، وتابع أن “حقل التربية مشاكله كثيرة ومتعددة ومتشابكة وكل مشكلة أكبر وأوسع وأهم من الأخرى، وتحديداً في هذا الظرف الحرج”.

من جانبه، اعتبر الكاتب الصحفي المهتم بالشؤون التربوية، نبيل عبد الرب، أن “الجماعات الدينية تحت أي مسمى يجب أن تبتعد عن التعليم”، وقال إنه على الرغم من اعتقاده أن “الدين والتاريخ، خصوصاً الإسلامي، يجب أن يكون جزءاً من المناهج التعليمية والتربوية لتعزيز الهوية ببعدها الإسلامي، وأن مادتي الدين والتاريخ الإسلامي يجب أن تعززا المشترك بين الألوان المذهبية الرئيسية في البلد، أعتقد أن الوقت ليس مناسباً لإجراء أية تغييرات على المناهج”.

وشرح عبد الرب أسباب ذلك، بأن “المستهدف الرئيسي من أي مراجعة المواد الدينية والتاريخية ولغلبة الظن أن إعادة صياغتها ستقوم على نفس مذهبي، ما يعني تكرار أخطاء حركة الإخوان سابقاً في تجاهل طيف مذهبي يشكل ثلث سكان اليمن من حيث العدد”. وأضاف أن “المساس بالمناهج سيصطدم عملياً بعدم القدرة على تعميمه على سائر المدارس في اليمن لوقوع مساحات سكانية وجغرافية كبيرة خارج سيطرة سلطات صنعاء، ما يخلق انقساماً هوياتياً داخل بلد واحد، ويؤجج ردود أفعال تنمي البعد المذهبي وربما يتطور إلى طائفي في الصراع ويستفز ثلثي السكان”، واعتبر “الوضع الداخلي ينتظر تسويات سياسية قد تعيد توزيع خارطة القوة وحقائب المحاصصة، ما يجعل إجراء تغييرات على المناهج خطوة مكلفة مالياً وغير ذات جدوى”.

مركز تربوي يحذر

وهاجم مركز الدراسات والإعلام التربوي، توجه “أنصار الله” في صنعاء وحكومة هادي في عدن، لتعديل المناهج، وحذر “مختلف الأطراف من المساس بالمناهج المدرسية”، ودعاها فوراً إلى “تحمل المسؤولية والتوقف فوراً عن إحداث أي تعديل على المناهج أو أي تعديلات في فنية في النظام التعليمي في الوقت الراهن”، كما دعا “مختلف المكونات التربوية والتعليمية وقادة الرأي العام إلى الوقوف في وجه هذه الممارسات التي تهدد مستقبل البلد وهويته الفكرية والوطنية”.

وقال المركز في أحدث بياناته يوم الأربعاء الماضي، إن ما سمّاها “جماعة الحوثي-صالح”، تصر “على إعادة تعديل المناهج المدرسية تحت ضغط قوة السلاح وسياسة الأمر الواقع، وبناء مناهج مدرسية جديدة وفقاً لأجندتها الطائفية وفرض أفكارها على المجتمع”، وفي الوقت ذاته، أوضح البيان أن من وصفها “الحكومة الشرعية ممثلة بوزارة التربية والتعليم وقعت بطريقة أو بأخرى في فخ سياسة ردة الفعل الذي تمارسه جماعة الحوثي-صالح، فقامت بالإعلان عن تشكيل لجنة لتطوير المناهج المدرسية وعقدت ورشة عمل حول الموضوع ذاته”.

وقال مركز الدراسات والإعلام التربوي: “نجدد موقفنا الرافض لإحداث أي تعديل في المناهج المدرسية أو في الهيكل الإداري والفني للوزارة من أي طرف كان”، كما “نجدد دعوتنا للجميع بأبعاد المؤسسة التربوية والتعليمية عن الصراع السياسي والتوقف فوراً عن إحداث أي تعديل على المناهج كون الإقدام علي تعديل للمناهج المدرسية في الوقت الراهن يتجاوز التوجهات الدولية للتعليم في حالة الطوارئ التي تدعو إلى ضمان استمرار التعليم بعيداً عن الأجندة السياسية والفكرية بما يضمن حالة التعافي التعليمي ويسهم في إعادة الإستقرار السياسي ويمنع حدوث مزيد من حالات الإحتراب في المستقبل”.

تفخيخ مناطقي وطائفي

واعتبر المركز التربوي أن “العمل على إحداث تعديل للمناهج في ظل استمرار الحرب وقبل العودة إلى حالة الاستقرار السياسي يتجاوز الأبعاد التربوية والهدف العام للعملية التربوي التي تهدف إلى تنشئة المواطن الصالح ويكرس لمزيد من الانقسام السياسي وينتج مناهج مدرسية ذات توجهات ضيقة غير متوازنة ما يعزز حالات الإحتراب وينتج مجتمعاً مفخخاً بالأفكار الطائفية والمناطقية لا أكثر”.

تقسيم سابق

وكانت خطوات تقسيم العملية التعليمية قد بدأت فعلياً مع وجود إدارة منفصلة للتربية والتعليم في عدن، في مقابل الإدارة الرئيسية في صنعاء، بالإضافة إلى العملية الإمتحانية التي جرت بجدولين وموعدين مختلفين، الأول أعلنت عنه وزارة التربية في صنعاء، والآخر الوزارة في عدن، ممثلة بنائب الوزير (سابقاً) والوزير حالياً، عبد الله لملس.

المصدر: العربي

للاشتراك في قناة يمنات على التليجرام انقر هنا

زر الذهاب إلى الأعلى